وبهدف مساعدة العائلات الفقيرة، وذات الدخل المحدود، على تجاوز تداعيات الجائحة الصحيّة، أطلق موظّفو البنك، مبادرة لجمع التبرّعات خُصّصت لشطب ديون هذه العائلات، لدى محال بيع المواد الغذائية في مناطق ريفية، دون أن يكون لهم أي تواصل مباشر مع هذه العائلات التي لا علم لها، بمن تولّى دفع ديونها.
وقال شاذلي فارح، الذي يتولّى تنسيق مبادرة "سداد ديون الأسر"، إنّ موظفين في البنك، قرّروا، في إطار تضامني مع المحتاجين، مساعدة فئات من سكّان الأرياف والمناطق الحدوديّة، بتخفيف الأعباء عنهم، عبر سداد ديونهم لدى البقالات في تلك المناطق.
وأفاد فارح، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ المبادرة مكّنت من سداد ديون 270 أسرة، تتراوح ديونها لدى أصحاب محال المواد الغذائية بين 80 و900 دينار (من حوالي 28 إلى 310 دولارات)، وأشار إلى أنّ هذه الفئة من التونسيين، تتزوّد من المحال بالمواد الغذائيّة الأساسية، وتدفع شهرياً للبقّال. غير أنّ ظروفها الاجتماعية الصعبة، غالباً ما تؤدّي إلى تراكم ديونها، ما يجعل بعض التجّار يمتنعون عن تزويدها بحاجيّاتها إلى حين تسديدها الديون السابقة.
وقال فارح: "لفت انتباهي، لدى الاطلاع على دفاتر الديون التي يمسكها التجّار، أن معدّل شراء المواد الغذائية للسكّان في هذه المناطق، لا يتعدّى 4 دينارات يومياً (حوالي دولار واحد)، وهو ما يكفيهم بالكاد لتوفير وجبة غذاء وحيدة".
واعتبر الشاذلي فارح، أنّ هذه المبادرة تعود بالفائدة على العائلات الفقيرة وكذلك على أصحاب المحال الذين تمكّنوا من تحصيل ديونهم، ما يساعدهم على التزوّد بالبضاعة من جديد، في ظلّ ظرف اقتصادي صعب، خاصة في مناطق الغابات والمناطق الحدودية، التي يعيش سكّانها على بعض الأنشطة الزراعية أو الرعوية أو المساعدات الاجتماعية الحكوميّة، التي لا تتجاوز 18 ديناراً شهرياً.
وأكّد أنّ هذه المبادرة، كشفت له حجم الفقر في المناطق الريفية، كما شدّد على أهميّة المبادرات التضامنيّة للمجتمع المدني، في مثل هذه الظروف الصعبة، وأكّد على أنّ الموظّفين في المصرف ينوون مواصلة سداد ديون الأسر الفقيرة في عدد من الأرياف التونسية، على المدى المنظور. فضلاً عن مواصلة مبادراتهم السابقة، في توفير وجبات غذائية للمشرّدين ومن لا مأوى لهم، ومساعدة المهاجرين الأفارقة ممّن انقطعت بهم السبل خلال هذه الجائحة.
وفي تونس يفوق عدد الأسر الفقيرة الـ 600 ألف أسرة، قامت الحكومة بصرف منح ظرفية لها، بقيمة 200 دينار (حوالي 69 دولارا). فيما يتولّى المجتمع المدني تأمين المساعدات الغذائية لمن لا يملكون دخلاً أو من فقدوا مصدر رزقهم بسبب الحجر الصحي الشامل.