هيومن رايتس ووتش: لا حلول سريعة لأزمة النفايات في لبنان

11 اغسطس 2019
الحكومة تتلكأ في إدارة الأزمة ومعالجتها (باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -
دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة اللبنانية إلى تطبيق قانون إدارة النفايات الصلبة المقترح من وزارة البيئة، لحل أزمة النفايات المستمرة في لبنان، التي تتراكم في الشوارع وتحرق في الهواء الطلق.

واعتبرت المنظمة في بيان أصدرته أمس السبت، أن على اللجنة الوزارية المكلفة بملف النفايات أن تدرس فوراً خريطة الطريق التي قدمتها وزارة البيئة في 3 يونيو/حزيران
 2019، والتي تهدف إلى تطبيق قانون إدارة النفايات الصلبة الجديد، وتقديم مسودة نهائية إلى مجلس الوزراء تحمي حق كل فرد في الصحة.

الحكومة تتلكأ في حلّ الأزمة

قالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش" لما فقيه: "كان لدى الحكومة أربعة أشهر لإيجاد حل لأزمة النفايات في الشمال، لكنها لا تزال تتلكأ وتعتمد أنصاف تدابير مؤقتة. ويدفع السكان في الشمال ثمن تقاعس الحكومة المستمر عن إدارة أزمة النفايات في البلاد".

وذكر البيان أنه في 5 إبريل/ نيسان الماضي، أقدم مالك مكب عدوي المكشوف وغير المنظم، الذي تستخدمه أقضية المناطق المنية - الضنية، والكورة، وزغرتا وبشري منذ 17 عاماً، على إغلاق المكب. ولفت إلى ما أشارت إليه وسائل إعلام محلية، بأن بعض السكان في الشمال يحرقون النفايات التي تراكمت على الأرصفة وأغلقت الشوارع في بعض الحالات، ما يعرض صحة نحو 330 ألف شخص للخطر.

ووجد تحقيق أجرته "هيومن رايتس ووتش" في 2017، أن حرق النفايات كان يهدد صحة السكان المجاورين. وأبلغ السكان عن مشاكل صحية تشمل مرض الانسداد الرئوي المزمن، والسعال، وتهيج الحلق، وأمراض الجلد والربو. كما تبيّن وجود صلة بين تلوث الهواء الناتج عن حرق النفايات في الهواء الطلق وأمراض القلب وانتفاخ الرئة، ويمكن أن يعرض هذا التلوث الناس لموادّ مسرطنة.

خريطة طريق بيئية

ولفت البيان إلى أنه في غياب أي تحرك من جانب الحكومة المركزية، أعلن وزير البيئة فادي جريصاتي، في 6 أغسطس/ آب الجاري، أن النفايات ستزال من الشوارع وتخزن في موقع مؤقت "parking" حتى يتم الاتفاق على موقع مطمر صحي جديد، دون أن يحدد مكانه. لكن النائب طوني فرنجية قال لوسائل الإعلام المحلية، إن الموقع في بلدة تربل في قضاء المنية - الضنية.

ووصف مسؤول بوزارة البيئة خريطة الطريق، بأنها خطوة نحو تنفيذ الاستراتيجية الوطنية التي كُلفت الوزارة بوضعها بموجب القانون رقم 80/2018 بشأن الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، الذي أُقِر في 24 سبتمبر/ أيلول 2018. رغم أنه كان ينبغي اعتماد الاستراتيجية في مارس/ آذار الماضي، قال المسؤول بالوزارة إنها لا تزال قيد المراجعة تماشياً مع تعليقات جماعات المجتمع المدني والجهات المعنية الأخرى، وستُرسل إلى مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري.

توصي خريطة الطريق بتوسيع مطمر برج حمود في بيروت، وتتضمن 24 موقعاً آخر مقترحاً لمطامر صحية جديدة في جميع أنحاء البلاد، ولكن لم تخضع جميعها لتقييم الأثر البيئي المطلوب. وبموجب القانون اللبناني، يسري مفعول التقييم عامين، بعد ذلك يجب على وزارة البيئة النظر في ما إذا كان هناك أي تغييرات على أرض الواقع تستدعي إجراء تقييم جديد.

ورأت "هيومن رايتس ووتش" إن على مجلس الوزراء عدم الموافقة على توسعة مطامر النفايات، أو إنشاء مطامر جديدة دون التأكد أولاً من إجراء التقييمات البيئية الملائمة.

وتتضمن خريطة الطريق أيضاً مشروع قانون يحدد الرسوم والضرائب التي يمكن أن تفرضها الحكومة المركزية والبلديات، لتغطية تكاليف إدارة النفايات الخاصة بها. واعتبرت المنظمة أنه بدون مثل هذا القانون، لن تكون الوزارة ولا البلديات قادرة على الوفاء بمسؤولياتها.

أما البلديات خارج بيروت وجبل لبنان المسؤولة عن جمع نفاياتها ومعالجتها والتخلص منها، فمن المفترض أن تحصل على جزء من تمويلها من "صندوق بلدي مستقل" تموّله الضرائب التي تجمعها الحكومة المركزية. مع ذلك، كانت المدفوعات غير منتظمة. وقال صاحب مكبّ عدوي لـ "هيومن رايتس ووتش"، إن السبب الرئيس لقراره إغلاق مكبّ النفايات هو عدم تسديد البلديات للمستحقات المترتبة عليها.

فقدان الثقة بالحكومة

وقال لبنانيون لـ "هيومن رايتس ووتش"، إنهم فقدوا ثقتهم في قدرة الحكومة على إدارة النفايات بطريقة لا تضرّ بصحتهم وبيئتهم. منذ بدء أزمة النفايات في 2015، التي تراكمت خلالها النفايات في شوارع بيروت، اعتمدت الحكومة على تدابير مؤقتة وإصلاحات مؤقتة لا تحلّ المشاكل الكامنة لإدارة النفايات في لبنان. ويذهب نحو 85 بالمائة من نفايات لبنان إلى مكبات مفتوحة أو مطامر. لكنّ باحثين في الجامعة الأميركية في بيروت وجدوا أن 10 إلى 12 بالمائة فقط من النفايات لا يمكن تسبيخها أو إعادة تدويرها.

وأكد البيان أنه "نظراً لأن مطامر بيروت تقترب بسرعة من سعتها القصوى، على اللجنة الوزارية مراجعة خريطة الطريق والاستراتيجية بشكل عاجل، واعتماد نهج متكامل لإدارة النفايات الصلبة يقلل من اعتماد لبنان على المطامر، ويمنح البلديات الموارد التي تحتاج إليها لأداء واجباتها. وأن تمتثل أي خطة تُقدم إلى مجلس الوزراء لأفضل الممارسات البيئية والصحّية العامة وكذلك للقانون اللبناني والقانون الدولي. وأن تضمن احترام حق كل فرد في الصحة، والعيش في بيئة صحية، وأن يكون كل شخص مطلعاً بالكامل على المخاطر التي تهدد صحته في منطقته".

واعتبرت أنه على وزارة البيئة أيضاً أن تباشر في أقصى سرعة في مراقبة الامتثال لقانون إدارة النفايات الصلبة، والتأكد من معاقبة المخالفين بشكل مناسب وإحالة القضايا على المدعين العامين البيئيين المعنيين.

وقالت لما فقيه: "سكان لبنان لهم الحق في بيئة صحية. مع ذلك، لطالما تقاعست الحكومة اللبنانية عن الوفاء بالتزاماتها الدولية لحماية هذا الحق. إن أراد لبنان تجنّب كارثة نفايات أخرى في الأسابيع القليلة المقبلة، فعلى اللجنة الوزارية التحرك بسرعة".
المساهمون