حرب كويتية على الشهادات المزورة

19 يوليو 2017
هل زوّر أساتذتهم شهاداتهم؟ (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
أعلن مجلس الوزراء الكويتي إحالة جميع الذين أثبتت لجان التحقيق تزويرهم لشهاداتهم إلى النيابة العامة، وتقديمهم للمحاكمة مع تجريدهم من كل مناصبهم الحكومية والأكاديمية. جاء ذلك بعدما طلبت الحكومة الكويتية من لجان تحقيق شكلتها في وقت سابق، إحصاء جميع موظفي الدولة الذين يحملون شهادات مزوّرة في القطاعات الحكومية كافة بالإضافة إلى القطاعات الأكاديمية، وفي مقدّمتها جامعة الكويت والمعهد التطبيقي.

وكان وزير التربية الدكتور محمد الفارس قد أوضح في بيان أنّ "تقديم لجان التحقيق تقاريرها النهائية حول الشهادات المزورة سيكون في شهر أيلول/ سبتمبر، أي قبل بدء الدراسة في جامعة الكويت والمعهد التطبيقي". وأضاف: "هناك تعاون من كافة الجهات، وعلى رأسها مجلس الأمة والهيئة العامة لمكافحة الفساد في الحرب التي نشنها على المزورين الذين يعبثون بمستقبل البلاد التعليمي والأكاديمي". وقد كشفت وزارة التعليم العالي عن عشرات شهادات الدكتوراه والماجستير المستخرجة من جامعات وهمية غير موجودة أساساً، مثل الجامعة الأميركية في أثينا، ومن جامعات رسمية لم ينتسب حملة الدكتوراه إليها في الأساس.

في السياق نفسه، أيّدت الاتحادات الطالبية في جامعة الكويت والمعهد التطبيقي سياسة الحكومة في تتبّع الشهادات المزورة وأصحابها، وإقصائهم وتحويلهم إلى النيابة. ويقول ممثل الاتحاد الوطني لطلبة الكويت أحمد الظفيري لـ "العربي الجديد" إنّ "بقاء هؤلاء الأكاديميين المزورين لشهاداتهم على رأس الهيئات التدريسية في الجامعات والمراكز التعليمية يدمّر الوطن ويضعفه، بالإضافة إلى أنّه يمثّل إهانة كبيرة للطلاب الذين يجتهدون ويكدّون في تحصيلهم العلمي".

من جهته، يقول النائب وليد الطبطبائي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "ثمّة تقريراً لدى لجنة تقصي الحقائق في وزارتَي التربية والتعليم العالي يثبت وجود عدد من أعضاء هيئات التدريس في جامعة الكويت والمعهد التطبيقي عمدوا إلى تزوير شهاداتهم. ونحن نشدّ على يد وزير التربية لمحاسبة المزوّرين، مهما كانت انتماءاتهم السياسية أو القبلية، ونطالب الوزير بعدم الرضوخ لأيّ ضغوطات خارجية".

وتفيد أرقام حكومية غير رسمية بأنّ عدد المزوّرين في المعهد التطبيقي هو ثمانية أساتذة يحملون شهادة دكتوراه، أمّا في جامعة الكويت فالعدد أقلّ. لكنّ المشكلة الأكبر تكمن في أنّ مئات المهندسين ومساعدي المهندسين في وزارات الدولة وقطاعاتها المختلفة زوّروا شهاداتهم الهندسية، وحصلوا على وظائف نتيجة شهاداتهم تلك، خصوصاً في وزارة الكهرباء والماء ووزارة الأشغال العامة. ويعمد المسؤولون في كلا الوزارتَين إلى توجيه المهندسين حاملي الشهادات المزوّرة إلى وظائف إدارية وغير فنية، إلى حين بتّ الحكومة في قرار طردهم من وظائفهم وإحالتهم للنيابة العامة تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة التزوير.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة الكويتية سبق أن أحالت 270 مزوّراً لشهادات طب وهندسة يعملون بأغلبيتهم في القطاع الخاص إلى النيابة العامة في تموز/ يوليو 2016، وذلك بعدما أجرت اختباراً لمعادلة شهاداتهم والبتّ فيها لم يتقدّم له سوى مائة شخص ولم ينجح فيه سوى متقدم واحد فقط. وقد ألقت السلطات الكويتية القبض في وقت سابق هذا العام، على شاب كويتي متخصص في بيع الشهادات المزوّرة من دول عربية مقابل 12 ألف دولار أميركي للشهادة الواحدة، تُدفع بالتقسيط. وبحسب اعترافات الشاب أمام النيابة العامة، فقد تمكّن من جني ثلاثة ملايين دينار كويتي (نحو 10 ملايين دولار) في غضون سنتَين فقط، بعد بيعه 600 شهادة لنخب سياسية وأكاديمية في البلاد.

يقول الأستاذ والأكاديمي في جامعة الكويت، عبد الرحمن المطيري: "للأسف الشديد، لا يتوفّر مناخ ملائم لرفض التزوير الأكاديمي في الكويت، بل على العكس يُستقبَل المزوّرون في الصالونات الثقافية وخلال الفعاليات الرسمية من دون أن يدين المجتمع فعلهم الشنيع. والأدهى أنّ أحد المزوّرين تولى مسؤولية قطاع كبير في إحدى الوزارات، وبعدما كشفت وزارة التعليم العالي تزويره اكتفت الحكومة بإزالة علاوة الدكتوراه عنه وإبقائه في منصبه. هذا أمر غير مقبول". ويتابع أنّ "التزوير لا يقتصر على شهادات الدكتوراه أو الماجستير، فقد كشفت جامعة الكويت قبل مدّة قصيرة أنّ طالباً تقدم للانتساب إليها مع شهادة مزوّرة في الثانوية العامة من دولة مجاورة. وبعد فتح ملفات طلاب آخرين، تبيّن أنّ ثمّة طلاباً حصلوا على شهاداتهم الثانوية بالطريقة نفسها".

وأشارت أخيراً لجنة الشؤون التعليمية في مجلس الأمة إلى أنّه من المتوقّع الانتهاء من ملف الشهادات المزوّرة، الذي أرّق المجال الأكاديمي الكويتي طوال عشرة أعوام، في نهاية عام 2017، من خلال إقصاء جميع المزوّرين عن مناصبهم.
دلالات
المساهمون