كورونا ليس أولويتي

10 ابريل 2020
كأنّما الفيروس رُمي بين أقدامنا لنتعثّر مجدداً (أنطوني ديبون/Getty)
+ الخط -

نحن المحاطين بالهموم أو المشاكل الشخصيّة الآنيّة، قد نشعر بأنّ وباءً عالميّاً هو أصغر من أصغر مشكلة نواجهها. يحدث هذا في مرحلة الصدمة الأولية. مشاكل وكورونا. ثمّ نصعد إلى مرحلة تجاوز الصدمة. ونصدّق إلى درجة الإيمان أنّ ثمّة مَن رمى بفيروس بين أقدامنا لنتعثّر مجدداً، نحن دون باقي البشر على الكوكب. نحن أي أنا وأنت وهو. ونصير على قناعة بأنّ لدى الطبيعة ثأراً مؤجّلاً حان وقته الآن.

ونحن، حطّ كورونا في داخلنا حقداً مضاعفاً، هو الذي لم يُحسن اختيار الوقت. ونقول: "اختيار الوقت"، على اعتبار أنّه آتٍ لا محالة. لكنّه خبيث. وقد هربتُ سابقاً من نفسي لأضعني في الـ"نحن"، لكنّني سأعود إليّ الآن. هذا الشرس تحوّل إلى كائنٍ مرافق. ليس صديقاً، لكنّني على الأقل اعترفتُ بوجوده، ليس على صعيد عالمي، بل شخصي. صرتُ أرسم له صورة، وقد غيّرت لونه البنفسجي الذي ظهر فيه على وسائل الإعلام. هو في ذهني أكثر قساوةً من لونٍ ربيعي.

في لقاءاتنا السريعة، أعترف بأنّ وجوده ليس نتاج الطبيعة كما يحلو لنا أن نقول حين نتحدّث عن الوحشية التي ارتكبها الإنسان ضدّ الطبيعة، بل إنّ ما يقوم به مخالف لطبيعة كائنات قد تفقد حسن التعامل مع طبيعتها وغرائزها. وجميع من قتلهم ليسوا إلا قلة قليلة. يُدرك أنّنا ككائنات نعتاش من اللمس. وحين نعود، قد نشعر برهبة حين نعيشه مجدداً، كما لو كنّا في مدرسة غير مختلطة لسنوات وانتقلنا إلى مدرسة مختلطة فجأة.

يُدرك جيداً أنّه يقتل دواخلنا. وأرقام الجثث مجرّد تغطية للدمار النفسي الذي تسبّبه لنا. واللمس الذي لا يحتاج إلى تمهيد، سيكون جامحاً وثقيلاً في آن واحد، حين يسمح لنا ذلك الكائن بالعودة إليه، لأنّني ولأنّنا لسنا على ما يُرام. وكلّ الانشغالات التي نُمعن فيها ليست كافية لترويضنا.

أتعلم أيها الكائن؟ لم أسرد سيرتي الذاتية في العزل أو أرتدِ قناع الإيجابية. كنتُ مثلي في كلّ الظروف، وقبل أن تكون موجوداً. كنتُ عادية متواضعة أمام التوقعات التي وضعها كثيرون. أحياناً تماديت في عزلتي. كما تعلم، لستُ اجتماعية، إنّما يمكنك اعتباري انتقائية في خياراتي. لكنّك أنت أيّها الخبيث أعدتَ تحريك وجعٍ أحاول طمره يومياً. بل إنّ حقدك دفعك إلى نكشه بطريقة يصعب عليّ إعادة توضيبها.



كأنّك تنتقم لأنّك كوباء عالمي لم تتوقف على أولوياتي الشخصية. سترحل عاجلاً أو آجلاً. لكن ما بكَ أشعلت النار تحت أحداثٍ أحاول إيجاد مكان لها في ثلاجات الموتى؟ في داخل الأحداث كائنات لا تشبهك، كثيراً ما حاولت سحب البساط من تحت قدميَّ كلّما نجحتُ في الوقوف على أطرافه. لا بدّ من أنّك تراني أسير في طريق. لكن كما تعلم، الألم يلتهب ويتحوّل إلى وشمٍ بشع لا يزول. أيّها الكائن، لم أعد أثق بالزمن.
دلالات
المساهمون