علمت الشرطة بالقضية، التي لم يعرف بها الرأي العام منذ اختفائها في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وطالبت الزوج بعدم دفع الفدية البالغة 9 ملايين يورو عبر نظام العملة المشفرة، وتحديداً عملة مونيرو. وبعدما وصلت الشرطة إلى قناعة أن الخاطفين، منذ أكثر من 70 يوماً، يمكن التعرف إليهم، توجهت إلى الرأي العام من خلال سلسلة من المؤتمرات الصحافية، وطلب العون من الشرطة الأوروبية يوروبول والدولية أنتربول، لكون القضية تصنف أيضاً في خانة "جرائم استخدام العملة المشفرة".
وباتت قضية زوجة الملياردير الشغل الشاغل لمواطني البلد وصحافته، وأظهرت الشرطة أشرطة مراقبة بالقرب من مكان عمل الزوج، غير البعيد عن منزلهما الفخم في ضواحي أوسلو. واستعانت لحل هذه القضية باختصاصيين في علم النفس وخبراء لغة الجسد، للتبيّن ما إذا كان من ظهر في كاميرات المراقبة على علاقة بالخطف، وخصوصاً أن مناشدتها، حتى أمس الجمعة، للمارّة بمراجعتها، لم تؤد إلى نتيجة.
الملياردير النرويجي كان على استعداد لدفع الفدية، بحسب ما يتسرب إلى الصحافة، وهو مبلغ يعتبر كبيراً بمعايير العملة النرويجية، لكن يبدو أن "التهديد بالقتل، وعدم وجود أي أدلة على أنها ما تزال على قيد الحياة جعل الأمن النرويجي ينصح الزوج بعدم تحويل الفدية". واعتبرت الشرطة في أوسلو أن قضية الخطف هذه "هي أولوية بمقدار خطورتها في بلدنا"، بحسب مفتش الشرطة تومي بروسكان في مؤتمراته الصحافية المتتالية.
وتعيد عملية الخطف السجال حول استهداف الأثرياء بالخطف وطلب فدية، مع تطور وسائل التحويل عبر العملات المشفرة، والحماية التي تتطلبها حياتهم. ويبدو من حيثيات ما جرى أن الخاطفين يعرفون تماماً ما قاموا به، إذ يذكر الزوج أنه عاد إلى المنزل في ذلك اليوم ليجد ورقة من الخاطفين، مع اختفاء زوجته، تطالبه بتحويل مبلغ الفدية بطريقة لا يمكن تتبعها، ولم يحدث بعد ذلك تواصل حول وضع السيدة المختطفة.
وتذكر معظم الصحافة النرويجية، أن الزوجين التقيا منذ أن كانا في المدرسة الثانوية، وهما اليوم جدان، ويعيشان بطريقة جد متواضعة، لكن يبدو أيضاً أن الشرطة تنطلق في بحثها بالتركيز على مقال نشر في 2017 في صحيفة نرويجية عن أعمال هذا الرجل وثرائه ما جعله محط أنظار الخاطفين، بسبب عيشه بدون حماية وبطريقة بسيطة، ما قد يفسر الاستهداف. وكان توم هاغن قد صنف في 2017 من بين أكثر الأثرياء دخلاً، إذ يربح سنوياً نحو 174 مليون كرونه نرويجي من أعماله في توليد وبيع الكهرباء والاستثمار العقاري، ولا تملك زوجته أي نصيب في الشركة والأعمال التي يديرها.
الشرطة النرويجية، ورغم رفعها لبعض الأدلّة من منزل الزوجين، ومراجعة كاميرات المراقبة قرب شركة الزوج، حيث لا توجد كاميرات مراقبة لا في منزلهما أو حوله، ونشر بعض الصور أمس الجمعة، وتلقيها أكثر من 250 اتصالاً، لم تصل بعد إلى طرف الخيط.
ومن خلال متخصصين في الأنثروبولوجيا، تسعى الشرطة النرويجية هذه الأيام للحصول على تقديرات الخبراء عن الخلفية الإثنية للمشتبه بهما اللذين ظهرا في أشرطة المراقبة، وفقاً لوسائل الإعلام في أوسلو. ويعتبر أسلوب تقدير الخلفية العرقية في البحث الجنائي في إسكندنافيا إحدى الوسائل التي تمكّن من التعرف التقريبي لجنسية منفذي الجرائم ووضع تصور للشبكات المفترضة في التنفيذ. وهي طرق تستخدم في أوساط شرطة الجارة الدنمارك، التي تصفها خبيرة التحليل الجنائي، شانيتا أندرسن، للتلفزيون الدنماركي بأنها "باتت تستخدم للتعرف إلى الفاعلين مثلما هي البصمات، فحركات الساقين والذراعين والجسد عموماً تساعد في العمليات الحسابية للوصول لمن جرى تصويره واستخدامها كأدلة".
وأعادت مطالب الخاطفين دفع فدية بالعملة المشفرة، التي تتعرض اليوم لانتقادات كبيرة بسبب استخدامها في عالم الجريمة، وخصصواً في الابتزاز، التذكير بعدد من القضايا التي حصلت حول العالم منذ بدء التعامل بهذه العملة.
ففي العام الماضي، تعرض طفل في الثالثة عشرة من العمر، كاتيلغو ماريتي، لاختطاف من أمام منزله، وطالب الخاطفون الأهل بمبلغ 15 وحدة بيتكوين كفدية لإطلاقه، فشل الدفع لأن أسرته لم تسمع بحياتها عن هذه العملة الإلكترونية، لكن بعد 4 أيام أطلق الخاطفون الطفل قرب بيته.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2017، اختطف في العاصمة الأوكرانية كييف، خبير عملة بيتكوين الروسي بافل ليرنر، الذي عاش متنقلاً بين بولندا وإسبانيا، وبعد 3 أيام أطلق الرجل الأربعيني بعد دفع نحو مليون دولار بعملة مشفرة، ولا يعرف ما إذا كان قام بنفسه بتحويل الفدية للخاطفين.
وفي كوستاريكا بات الخاطفون يطلبون الفدية بعملة بتكوين، كما حدث للكندي رايان بيرسي في 2015 في العاصمة سان خوسيه، حيث بقي محتجزاً لخمسة أسابيع لتدفع عائلته نصف مليون دولار لإطلاقه بوسائل مختلفة حددها الخاطفون، فحولت أموال إلى مصر وأوكرانيا ورومانيا عبر الإنترنت إلى حسابات بتكوين مجهولة.
وفي 2017 تعرضت عارضة أزياء شابة، كولي أيلين (20 عاماً)، لاختطاف في ميلانو الإيطالية، وكان مخطط الخاطف بيعها بعملة لثريّ من الشرق الأوسط من خلال بيتكوين بمبلغ 300 ألف يورو لتشغيلها في الرقّ الجنسي. فشلت الخطة ويقضي خاطفها اليوم السجن 16 عاماً لفعلته تلك.