كسر ذوو الاحتياجات الخاصة في تونس الحواجز التي كانت تعترضهم للمشاركة في الانتخابات، وللمرة الأولى ترأس أشخاص من ذوي الإعاقة قوائم تشريعية، وحلّ آخرون في المرتبتين الثانية والثالثة، ما ينبئ بأن البرلمان القادم قد يشهد حضور ممثلين عنهم.
ولم تمنع الإعاقة البصرية والجسدية العديد من التونسيين من الإدلاء بأصواتهم فتنقلوا في كراسي متحركة واستعمل آخرون العصي البيضاء لممارسة حقهم في الاقتراع وأداء واجبهم الذي حرموا منه لسنوات.
وقال رئيس "جمعية تونس أرض الإنسان"، خيري عبد الحميد، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن ذوي الاحتياجات الخاصة كسروا حاجز السلبية والخوف من المشاركة خشية التهكم عليهم أو صدور أي رد فعل سلبي تجاههم من المواطنين، ما كان يمنعهم من ممارسة حقهم بالمواطنة. وأصبحوا يبادرون بالتسجيل في الاقتراع وإبداء رأيهم وبدأوا يكتسبون نوعا من الثقة بأنفسهم، وبدأت تتعزز من استحقاق إلى آخر".
وأكد عبد الحميد أن هناك من يترأس قائمة وهناك من هم في المراتب الثانية والثالثة، وكثير منهم قاموا بحملات انتخابية، وبالتالي فقد يشهد البرلمان القادم ولأول مرة شخصاً من ذوي الإعاقة.
وأوضح عبد الحميد أن إقبال ذوي الإعاقة لا يزال دون المأمول، ولكنه لا يختلف عن عموم التونسيين بسبب تزامن الانتخابات الرئاسية مع التشريعية، واقتران المسارين، ونظرا لدور بعض المنابر الإعلامية التي عمقت من الضبابية في المشهد، ومع انتشار الشائعات الكثيرة التي أسهمت في عزوف الناخب عموما.
وبيّن أن الحديث لم يعد عن البرامج والأفكار وتحول إلى نوع من التشويه والحديث عن ملفات فساد، وجلها عوامل خلقت مزيدا من الغموض، مؤكدا أن بعض الصعوبات لا تزال مطروحة أمام ذوي الإعاقة رغم كل ما تحقق لفائدتهم، مع الحاجة لمزيد من الوقت لتفادي الصعوبات.
وأشار إلى أنه لاحظ في الانتخابات الحالية تسجيل عدد من الناخبين من أصحاب الإعاقة في طوابق علوية وكان بالإمكان تسجيلهم بالأسفل لتفادي الإرهاق والصعوبات، إلى جانب غلق بعض الممرات الخلفية التي يمكن أن ينفذوا منها بدل الاكتفاء بممر وحيد يحتوي على مدارج.
ولفت أيضاً إلى أن بعض المواطنين للأسف لا يأخذون بعين الاعتبار ضرورة إبقاء الممرات المخصصة لهؤلاء مفتوحة ومتاحة، بل أغلقوها بسياراتهم ما عقد الأمر على بعض الناخبين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقال إن هيئة الانتخابات تعاملت بإيجابية مع أغلب الملاحظات السابقة، وتعمل على الحد من النقائص وتوفير ظروف طيبة للمعاقين.
وأوضح لطفي، صاحب إعاقة بصرية، أن الإعاقة لا تمنع صاحبها من التصويت وأن الانتخابات التشريعية مهمة لأن النواب هم الذين يدافعون عن جهاتهم، مضيفا أنه تعود الأدلاء بصوته في كافة الاستحقاقات الانتخابية. ودعا التونسيين وأصحاب الإعاقة إلى أداء واجبهم، مؤكدا أن هناك عدة تسهيلات لفائدتهم، وأنه لم يواجه أي إشكاليات.
يشار إلى أن الانتخابات البلدية التي جدت في مايو/ أيار الماضي عرفت مشاركة مهمة لذوي الاحتياجات الخاصة في القوائم المترشحة، إذ إنّه من جملة 2074 قائمة مترشحة للانتخابات البلدية سجل وجود 1713 قائمة تضمّ ذوي إعاقة، مع تسجيل 17 منهم كرؤساء قوائم.
ويحاول ذوو الإعاقة تعزيز دورهم في المشهد السياسي الذي تعيشه تونس والانتقال من مجرد مشاركين تقليديين ورقم انتخابي في سجل الأحزاب السياسية إلى دور أكثر جدية وفاعلية.