منحة للسوريين... أوروبا تدعم أطفال اللاجئين في تركيا

11 نوفمبر 2019
ستساعد المنحة في الحدّ من عمالة الأطفال (دييغو كوبولو/Getty)
+ الخط -

عاد الاتحاد الأوروبي للوفاء بجزء من تعهداته المالية لتركيا بخصوص اللاجئين السوريين، وخصص منحة كبيرة من خارج برنامج المساعدات المتفق عليه، ستوفر لكثير من السوريين، خصوصاً الأطفال، حياة أفضل.

لاحت ملامح انفراج للسوريين اللاجئين في تركيا، بعد تلكؤ الاتحاد الأوروبي بصرف المساعدات التي تعهّد بها خلال القمة التركية - الأوروبية أواخر عام 2015، ما دفع أنقرة على لسان رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، للتهديد بفتح الحدود أمام اللاجئين لإغراق أوروبا. فقد أعلن أخيراً عن أكبر مساعدة إنسانية تمنح للاجئين في البلاد، من دون أن يدخل مبلغها، ضمن المخصصات التي تنص عليها الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، كما تقول مصادر لـ"العربي الجديد".

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن، قبل أيام، عن تخصيص مبلغ مالي إضافي بقيمة 600 مليون يورو، لصالح برنامج المساعدات المالية المخصص لدعم اللاجئين في تركيا، لتصب أموال المنحة الجديدة بحسب بيان المفوضية الأوروبية، ضمن مخصصات إضافية لبطاقات الهلال الأحمر التركي التي يجري توزيعها على اللاجئين، ضمن برنامج المساعدة على الاندماج الاجتماعي الذي يشرف عليه الهلال الأحمر، وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. وتم، بحسب المفوضية الأوروبية تخصيص مبلغ إضافي بقيمة 63 مليون يورو، لتأمين استمرار مشاريع مختلفة في مجال الخدمات الرئيسية مثل التعليم والصحة، ليصل إجمالي المخصصات المالية الجديدة للاجئين السوريين في تركيا، إلى 663 مليون يورو.

يقول رئيس الجالية السورية في إسطنبول، نزار خراط لـ"العربي الجديد" إنّ بطاقة الهلال الأحمر توقفت خلال الفترة الماضية، عن كثير من السوريين، كما أعيد النظر بمن كان يحصل على تلك المساعدة، قبل أن تعيد تركيا منح سوريين هذا المبلغ قبل شهرين وتستمر بوعود منح البقية قريباً. يتابع أنّ التهديد التركي بفتح الحدود للاجئين باتجاه أوروبا، كان مفيداً وسارعت الدول الأوروبية إلى تفعيل المناقصة التي بدأت منذ يناير/ كانون الثاني من عام 2018 لترسو على الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، متوقعاً أن يبدأ منح السوريين مبالغ "كارت (بطاقة) الهلال الأحمر التركي" ودعم المشروعات التنموية والصحة والتعليم، مطلع العام المقبل.

لاجئة سورية وأبناؤها في إسطنبول (فرانس برس) 

وحول دور الجالية السورية بالمنحة، يقول خراط: "للأسف، لم يجرِ إشراكنا أو حتى إعلامنا، بالرغم من أنّ لدينا معلومات كاملة حول السوريين وتوزعهم واحتياجاتهم، لكن، ليس هذا المهم، بل أين وكيف سيتم توزيع المنحة وإلى متى يمكن أن تكفي؟". ينصح بتخصيص مبالغ للتأهيل المهني ومساعدة السوريين الذين ذهبوا إلى المجهول بحسب قوله، بعد إبعاد السوريين غير المسجلين بإسطنبول، إلى ولايات جديدة ليس من السهولة الاندماج فيها أو توفير فرص عمل. ويختم خراط لـ"العربي الجديد" أنّ المنحة المخصصة لشبكة الأمان الاجتماعي للحالات الطارئة ستحلّ مشاكل عدة بدأ يعانيها بعض السوريين في تركيا، سواء على صعيد غلاء المعيشة أو ما قيل عن تحصيل نسبة من تكاليف العلاج، خصوصاً بعد إخراج السوريين من المخيمات، لأنّ برنامج المنحة، سيتيح للأسر المحتاجة والمقيمة خارج المخيمات، الحصول على مبلغ 120 ليرة تركية (نحو 22 دولاراً أميركياً) شهرياً، يجري تحميلها في بطاقات الهلال الأحمر التركي.

وتعتبر هذه المنحة أكبر منحة إنسانية في العالم، وتمثل نحو ثلث ميزانية المساعدات العالمية الطارئة والتي وصلت في 2019 إلى مبلغ 1.6 مليار دولار، وهي خارجة عن برنامج مساعدات الاتحاد الأوروبي الذي تعهد به خلال القمة التركية الأوروبية نهاية 2015، بتخصيص صندوق بقيمة 3 مليارات يورو من أجل السوريين في تركيا، قبل أن يجري تخصيص مبلغ إضافي من الاتحاد الأوروبي خلال القمة التركية الأوروبية التي انعقدت في 18 مارس/ آذار 2016، ليتم صرف أموال الصندوق، على مشاريع سيتم تطويرها لتلبية احتياجات الصحة والتعليم والبنى التحتية والغذاء والاحتياجات الأخرى للسوريين في تركيا.




تشير مصادر إعلامية إلى أنّه سيجري صرف المنحة، كبدل نقدي مباشر لنحو 1.6 مليون لاجئ في تركيا معظمهم من السوريين، يشكل الأطفال منهم نسبة 61 في المائة. ومن المقرر أن يتم العمل على المبادرة الجديدة في إبريل/ نيسان 2020. تضيف المصادر أنّ اختيار الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، للإشراف على توزيع منحة شبكة الأمان الاجتماعي للحالات الطارئة، يحدث لأول مرة، وذلك بعد مناقصة بدأت منذ عام شملت البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي. وتعمل المنحة الأوروبية كامتداد لنظام الرعاية الاجتماعية المقدم من الحكومة التركية، وتعتمد المنحة على بنك "خلق" الحكومي، وتصل نسبة اللاجئين المؤهلين للمنحة إلى نحو ثلث عدد اللاجئين المتواجدين في تركيا، ويحصلون على بطاقة ائتمان بنكية، يضاف إليها شهرياً مبلغ 120 ليرة تركية أو ما يعادل 20 دولاراً ينفقها اللاجئ بحسب حاجته. ويجري تنفيذ المنحة بالتعاون مع الجهات المحلية التركية من بينها الهلال الأحمر التركي ووزارة الأسرة والعمل، والمؤسسات الخيرية التركية.

أطفال في أحد مخيمات أزمير (الأناضول) 

يعتبر مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بإسطنبول، محمد كامل ديميريل أنّ "الإعلان عن المنحة هو بمثابة دغدغة للجهات السياسية التركية لمنع فتح حدودها والسماح للاجئين بالهجرة، لذلك رأينا مبلغ 663 مليون يورو جاءت بمثابة سدّ بعض الالتزامات الأوروبية وإن أخذت تسمية المنحة، لأنّ أوروبا تعهدت بدفع 14 مليار يورو خلال العامين السابقين ولم تسدد سوى 3 مليارات، في حين وصل حجم إنفاق تركيا على اللاجئين منذ عام 2011 حتى اليوم، إلى نحو 40 مليار دولار موزعة على الصحة والتعليم والايواء وغيرها". ويكشف ديميريل لـ"العربي الجديد" إلى أنّ ثمة "تنسيقا جديدا" بين بلاده وبعض الدول الأوروبية، لدعم وتمويل المنظمات الأهلية، لكنّ تركيا ترى ذلك ضمن الالتزامات التي تعهدت بها دول الاتحاد الأوروبي وليست منحاً كما يشاع. ويعتبر أنّ الدول الأوروبية معنية بالتنسيق وتحمل الأعباء كما تتحمل تركيا، لأنّ بلاده خط دفاع أساسي للهجرة غير الشرعية. يضيف أنّ القصة ليست دعماً مالياً فحسب، بل تأهيل وحماية للاجئين ودمجهم، فتركيا تسعى لإقامة مؤتمر للمانحين في إبريل/ نيسان 2020 حول إعادة اعمار المناطق الأمنة بسورية، وهي تدعو وترحب بالمؤسسات الأوروبية للمشاركة ببناء مدن للمهجرين السوريين.

من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي، أنّ المناطق الآمنة التي أنشأتها بلاده في سورية "هي الأكثر سلاماً" مقارنة ببقية المناطق في سورية. وأضاف: "الدول التي اكتفت بمدّ الأسلاك الشائكة على حدودها طوال السنوات الثماني، تعرقل حالياً الجهود الرامية لإنهاء مأساة اغتراب السوريين عن وطنهم". وتابع: "تُركنا وحدنا في كلّ خطوة اتخذناها طوال الأزمة السورية". تابع: "سأطلب من غوتيريس أن يدعو لعقد اجتماع المانحين الدوليين وإلاّ سأدعو أنا لذلك. فإن تمّ هذا الأمر كان به، وإنّ لم يحصل فإنّنا سننشئ مدينة أو مدناً للاجئين بين رأس العين وتل أبيض". وانتقد أردوغان تقاعس المجتمع الدولي حيال أزمة اللاجئين السوريين، وقال: "للأسف، فإنّ الدعم الذي حصلنا عليه من المجتمع الدولي يقتصر على النصيحة فقط".




يقول مدير الرابطة السورية لحقوق اللاجئين بتركيا، مضر حماد الأسعد، لـ"العربي الجديد": "ازداد الوضع المعيشي سوءاً بالنسبة لفئة من السوريين في تركيا، خصوصاً من خرجوا من المخيمات، كما توقفت مساعدات بطاقة المول، عن البعض، وأعيد النظر في معظم من كان يحصل على المساعدات، بعد لقائهم أو إجراء فحوص طبية لهم والتأكد من أعمارهم واستحقاقهم المساعدة". يضيف أنّ المنحة المقبلة ستساعد في المجال الطبي المقدم مجاناً للسوريين بتركيا، بعدما قيل عن تحميلهم 20 في المائة من تكاليف العلاج، متمنياً إعادة المنظمات الطبية التي توقفت عنها المساعدات أخيراً وأغلقت أبوابها، سواء في جنوبي تركيا أو في الشمال السوري المحرر. ويلفت الأسعد إلى أنّ تركيا بدأت منذ العام الماضي بإلزام الأهالي السوريين إرسال الأولاد في سنّ التعليم إلى المدارس، وإلاّ فهناك عقوبات وغرامات مالية، في حين تقدم أنقرة راتباً شهرياً للتلاميذ السوريين المحتاجين، عبر الهلال الأحمر التركي.
المساهمون