الروايتان الكاملتان للمشادة "العنصرية" بين عامل ومسؤول حزبي في السودان

25 يوليو 2018
أثارت الواقعة ضجة كبيرة (تويتر)
+ الخط -
لم يهدأ بعدُ الجدل الذي أثارته واقعةٌ، طرفاها موظفٌ بإدارة البترول السودانية، وأحدُ قياديي الحركة الإسلامية، على خلفية اتهامات بالعنصرية والتهديد بالقتل، كان مسرحها إحدى محطات الوقود في مدينة سنار، خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، ووصلت إلى المحكمة التي حددت جلستها غداً الخميس 26 يوليو/ تموز.

وروى الطرفان لـ"العربي الجديد" تفاصيل الواقعة التي أثارت نقاشاً على منصات مواقع التواصل، كما أصدرت اتحادات وتجمعات نوبية بيانات منددة بما تضمنته، ومساندة للموظف الذي لجأ إلى المحكمة، متهماً المسؤول في الحركة الإسلامية، بالإساءة إليه وتهديده بالقتل، وشهدت الجلسة الأولى للمحاكمة حشداً كبيراً من سودانيين قدموا من ولايات أخرى.

وفي تفاصيل الواقعة، كما جاءت على لسان الطرف الأول، الموظف بإدارة البترول الحاج رحال تية، "كان ذلك في الخامس من يونيو/حزيران الماضي والذي صادف يوم جمعة من شهر رمضان الكريم، كنت بصدد جمع تصاديق لجهات حكومية لصرف الوقود لها، وفي تلك الأثناء وصل نائب رئيس الحركة الإسلامية الذي يدير شركة تأمين خاصة، فضربني على كتفي بحجة أن لديه تصديقاً بصرف وقود لسيارات شركته".


وتابع تية "حاولت الحفاظ على هدوئي احتراماً لحرمة الشهر الكريم، ووعياً مني بالضغوط النفسية التي سببتها أزمة شح الوقود في البلاد، غير أن المسؤول الحزبي صعد لمنصة حجرية ليخطب في الناس، بعبارات تحمل إساءة واضحة لقبيلتي، ومن بين ما
جاء على لسانه: "لو قابلت مثلك في الشارع، فلن ألقي عليه السلام، فقط جمعني بك هذا الوقود".

وبين المتحدث، أن تهديدات المسؤول لم تتوقف عند هذا الحد، بل إنه هدده بالقتل، مقابل أن تدفع شركته الدية، و"بالفعل بدأ في مطاردتي بينما كنت أهرب منه، حتى تدخل بعض الموجودين مستنكرين ما بدر منه، بل منهم من همَّ بضربه، فتدخلت لمنع ذلك".

وأوضح تية، أنه لجأ إلى القانون ولن يتنازل مطلقاً عن بلاغه حتى تأخذ العدالة مجراها، مؤكداً أن لديه 20 شاهداً على الحادثة، مشيراً إلى موعد انعقاد الجلسة الثانية، غداً الخميس 26 يوليو/ تموز الجاري.

وكشف تية في حديثه لـ "العربي الجديد"، عن ضغوط كثيرة يتعرض لها من أجل تنازله عن القضية، من بينها إغراؤه بالمال والمناصب، موضحاً أنه يقع بين نارين، ففي حال تنازله فإن أفراداً من قبيلته لن يتركوه مطلقاً، وفي حال مضى فيها، فإنه لا يستبعد أيضاً أن يصيبه مكروه أقله الفصل من العمل.

الإساءات العنصرية التي يقول الموظف إن المسؤول الحزبي وجهها له بعد رفضه تعبئة سيارات تابعة لشركة يديرها، شملت حسب روايته قبيلة النوبة التي ينتمي إليها، وهي واحدة من كبرى المجموعات القبلية في السودان، ويقطن الغالب منها في منطقة جبال النوبة، أو جنوب كردفان بمسمَّاها الحديث.

هذه الاتهامات نفاها الطرف الثاني، إذ أقر نائب رئيس الحركة الإسلامية بولاية سنار، عثمان الزين آدم، بوقوع مشادة كلامية مع موظف في محطة وقود، لتسببه خلال ثلاثة أيام متتالية في تأخير صرف الشركة لحصة وقود صادقت عليها الجهات المختصة، حسب توضيحه.

وبين لـ "العربي الجديد"، أنه ربّت في البداية على كتف الموظف للفت انتباهه إلى الموضوع الذي جاء من أجله، ولم يضربه، مؤكداً أنه ليست له سابق معرفة بذلك الشخص، وبأن ما أورده من إساءات عنصرية خال من الصحة، إذ أنني قلت بعد أن تعمقت المشادة الكلامية بيننا (نحن، أمثالك إذا قابلناهم في الشارع لا نلقي عليهم التحية)، ولم أكن أقصد أبناء قبيلة النوبة ولم يأت على لساني ذكر اسم القبيلة مطلقاً.

وأكد أن الموظف هو من قام بالزجّ باسم القبيلة في هذا الخلاف البسيط لتضخيمه، مشيراً إلى تقديره واحترامه لكل فرد من قبائل النوبة الذين رافقهم في الحياة العامة وكانوا زملاءه في
الدراسة وفي مواقع العمل.

واستغرب المسؤول الحزبي كمية التحشيد والبيانات التي صدرت لمحاكمته من قبل الرأي العام قبل أن يقول القضاء كلمته، ولم يستبعد وجود أجندة خفية، في تسييس القضية لهتك النسيج الاجتماعي وقيم التسامح المتعارف عليها وسط السودانيين وفي ولاية سنار خاصة، مؤكداً أنه خرج للعمل العام وكان يتوقع أن يواجه مثل هذه الابتلاءات.

وأوضح أن الحركة الإسلامية في الولاية شكلت لجنة تحقيق حول الحادثة تحرت معه دون أن يحدد ما هي الخلاصات التي توصلت إليها.