تونسيون على الهامش

14 ابريل 2018
يبيع الأحذية المستعملة (العربي الجديد)
+ الخط -
حصل الشاب التونسي ياسين البوعزيزي على شهادة جامعية في تصنيع المواد الغذائية منذ عام 2001. وكغيره من الشباب، انتظر الوظيفة وحلم بمهنة تتناسب وطموحاته. وبعدما طال انتظاره، توجه نحو التجارة، تارة يبيع الأحذية المستعملة، وأخرى الغلال في الأسواق الأسبوعية. وفي أحيان أخرى، كان يعرض على زبائنه صناديق تمر في الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، ليتدبر مصروفه ونفقات ابنه الصغير.

وعلى الرغم من الأعوام التي قضاها في الدراسة، وأحلامه بتطوير الصناعات الغذائية وتنمية خبرته في هذا المجال، وجد نفسه يتخلى عنها ويمتهن التجارة، حاله حال شقيقه أستاذ الفيزياء، الذي عانى أعواماً عدة من البطالة، واضطر في النهاية إلى مشاركة شقيقه في مجال بيع الأحذية.
يقول ياسين إنه بعدما عمل في مهن عدة على مدى سنوات، قرر بيع الأحذية المستعملة "فريب". وفي السوق الأسبوعية، يبيع الغلال. يرى أنه على الشباب عدم انتظار الوظيفة، لأن مهما كانت المهنة بسيطة، تبقى أفضل من الانتظار والبطالة.



ولا يعدّ ياسين الوحيد في تونس الذي تخلى عن العمل في مجال تخصصه، واختار مهنة هامشية. شبان آخرون اختاروا بيع شطائر في عربات متجولة، أو بيع الخضار. واتّجه بعضهم إلى مهن شاقة كالبناء والدهان، مؤكدين ألا حواجز أمام شبح البطالة.

وبحسب المعهد الوطني للإحصاء، فان نسبة العاطلين من العمل في تونس قدرت بـ 15,5 في المائة نهاية عام 2017. وبلغت مطالب التشغيل في عام 2015 نحو 701676 ألفاً، منها 308416 لذكور و393260 لإناث.

يبيع التمور (العربي الجديد) 


سامية نالت شهادة في المحاسبة في عام 2000. ولأنها لم تجد أي وظيفة، اختارت مساعدة والدتها في صنع وبيع خبز "الملاوي" المشهور في تونس، وهو إحدى الوجبات السريعة والتقليدية. تقول لـ "العربي الجديد": "هذا العمل ليس عيباً أو عاراً. شاركت في عشرات المناظرات والامتحانات، لكن لا جدوى من انتظار وظيفة لن تأتي". تضيف أنها يئست من احتمال انتدابها في مجال تخصصها. ولمجابهة البطالة، اختارت العمل مع والدتها، مؤكدة أن المشاريع الخاصة مكلفة وتتطلب توفير المال وبالتالي عليها كسب قوت يومها. وتوضح أن شقيقتيها متخرجتان وحاصلتان على شهادات عليا، لكنهما من دون وظيفة. لكنها خلافا لهما، لجأت إلى العمل مع والدتها لكسب قوتها بعرق جبينها.

وتتدخّل والدتها وتقاطعها قائلة: "لدي 5 أبناء. عملت في التجارة وسافرت إلى بلدان مجاورة لجلب بضائع وبيعها في تونس حتى يتابعوا دراستهم. كنت أنتظر تخرجهم بفارغ الصبر. نجحوا جميعاً من دون أن يحصلوا على وظائف. لهذا، طلبت منهم الاعتماد على أنفسهم لأنه لا فائدة من الانتظار، كما أن الوضع صعب".



وسط أكوام من الملابس المستعملة، كان الشاب الثلاثيني محمد، الحاصل على شهادة في الإعلام، يعمل على طيّها. يؤكد لـ "العربي الجديد" أنه مضى على تخرجه أكثر من ثمانية أعوام. وبعدما جرب مهناً هامشية، قرر العمل في مجال تجارة الملابس المستعملة، مشيراً إلى أن نظرات الناس لا تعنيه، وقد تجاوز الشعور بالدونية ونظرات الاحتقار، بحسب ما يقول.

أمّا الشاب فيصل المحمدي من محافظة القصرين، وعلى الرغم من نيله شهادة جامعية،
ومشاركته في عدد من المناظرات، إلا أنه لم يحصل على أي وظيفة في مجاله. يقول إنه عمل في قطاع البناء وكنادل في مقهى، مبيناً أنه سيقبل بأي عمل هامشي شرط أن يكون قادراً على القيام به، ولن يهمه إن كان غير مناسب لمؤهلاته العلمية. يضيف: "حتى العمل كنادل في مقهى بات يتطلب وساطات، إذ أنه لا يمكن لصاحب أي مقهى تشغيل شخص لا يعرفه ومن دون تدخلات". ويبين أنه يتقاضى يومياً ما بين 10 و15 ديناراً (ما بين 5 و7 دولارات).
ويشير إلى أن هذا لا يبني مستقبلاً، لكنه على الأقل يلبي الحاجات الأساسية لشاب عانى سنوات عدة من البطالة.

المساهمون