بهجة عيد الفطر تغيب عن المهجرين في الشمال السوري
عبد الله البشير
عبد الله البشير
يمرّ العيد الأول على المهجرين في الشمال السوري، وشعور الحرقة لا يفارقهم. وإن خفف العيد عنهم بعض الألم الذي يعيشونه في مخيمات الإيواء، إلا أن أغلب العوائل تفتقد بعض أفرادها الذين بقوا في المناطق التي سيطر عليها النظام. ويأتي عيد الفطر ثقيلاً على العائلات التي فككتها الحرب، وهُجّرت قسراً خوفاً على شبابها وأطفالها من الاعتقال والملاحقة.
رضا (30 عاما) خرج مع مجموعة المهجرين من القلمون الشرقي لمنطقة دير البلوط بريف حلب، ويقيم في مخيم فيها، يقول: "لا أجواء للعيد في مخيم دير بلوط، والحزن يظهر على سكان الخيم الذين لم يعتادوا تلك الحياة. وأعداد الأطفال الذين اشتروا الألعاب والملابس لا يتجاوز ربع القاطنين في المخيم، ولا يمكن للنساء زيارة بعضهن بعضاً إلا في حال خروج أزواجهن من الخيم".
ويتابع رضا في حديثه لـ"العربي الجديد"، "قصدت إحدى قرى عفرين حيث يسكن بعض أهالي مدينتي لأبارك لهم بالعيد، وأشم رائحة بلادي. تبادل التهانئ بيننا منحني فرحاً وشعوراً بالألفة والمودة عند لقائهم، آمل أن نعيش تلك الأجواء في المستقبل، خصوصاً أن العودة إلى بلداتنا وقرانا حاليا شبه مستحيلة بظل الوضع الراهن وسيطرة النظام والمليشيات الإيرانية على مناطقنا".
ويقول أحمد أبو الحارث لـ"العربي الجديد": "توجهت لمدينة الباب لأرى أصدقاء لي وبعض المحبين هناك، هنأنا بعضنا بعضا بقدوم العيد، فوجدت حالهم كحالنا يعانون معاناة الغربة وآلام الفراق ولوعة الاشتياق، حتى الأطفال لم أر في وجوههم بهجة العيد، بل حرمهم التهجير القسري إياها". ولفت إلى "حرمان الأطفال من زيارة أصدقائهم وأقربائهم واللعب في الملاهي، وافتقادهم لحضن الجد والجدة وجمعة الأعمام والعمات والأخوال والخالات التي لا يحلو العيد من دونها".
أما الطفلة بيلسان ذات العشرة أعوام التي تسكن مع أبيها وباقي أفراد أسرتها في قرية على الحدود السورية التركية بمنطقة عفرين، فتقول لـ"العربي الجديد": "أريد أن أذهب إلى الملاهي وأن أشتري الألعاب، وأزور جدي وجدتي وعمتي وخالتي". وتملأ الدموع عيني والديها الخائفين على المصير المجهول الذي ينتظر الأسرة وأطفالها.
وتكمل بيلسان قائلة "ذهبت إلى صديقتي الجديدة إيفين الكردية، تعرفت عليها ولكن التخاطب معها ليس سهلاً فهي لا تجيد اللغة العربية،". وتتابع "الحمد لله على عدم وجود طائرات ترعبنا كما كان الحال مع كل طلعة جوية في ريف دمشق، كنا نركض مباشرة لأقرب ملجأ، لكننا هنا نمضي أيام العيد بعيداً عن هذا الخوف".
سعدية رزق من بلدة الدار الكبيرة تصف لـ"العربي الجديد" العيد الأول لها هنا قائلة: "هذا العيد الأول الذي لا افتتحه صباحا برؤية أبي وأمي اللذسن بقيا في بلدة الدار الكبيرة بريف حمص الشمالي". وتتابع "كنت رغم الخوف من القصف والغارات الجوية أذهب مع أولادي وزوجي لرؤيتهم في بيت العائلة، أجتمع بهم مع أختي وأخوي هناك، وكانت الأجواء العائلية الجميلة تنسينا ما نحن فيه، أما الآن فغاب هذا المشهد وغابت معه البهجة، وذهب كل منا باتجاه".
وتوضح "بقاؤنا سوية في الريف هناك كان مشكلة لزوجي المنشق عن جيش النظام، فلا نريد أن يمر علينا العيد وهو في المعتقل أو مختبئ خوفا من الملاحقة". وتضيف "عيد المهجرين عيد قسوة ومرارة، وتعويض الفرحة ليس بالأمر السهل، ولا يمكننا التأقلم مع هذه الأوضاع من المرة الأولى".