ثالوث مدمّر في مصر

19 يناير 2016
الوزارات المعنية لا تعمل على حل المشكلة (العربي الجديد)
+ الخط -

خلال السنوات الماضية، ارتفعت نسبة انتشار أمراض الكبد والسرطان والفشل الكلوي في محافظات الدلتا (شمال القاهرة)، حتى أن عدداً من المواطنين أطلقوا عليه اسم الثالوث المدمر لصحّة الإنسان. ويعزو عدد من الأطباء والخبراء الأمر إلى السموم التي تنتقل من المأكولات والمزروعات إلى جسم الإنسان، على غرار المبيدات الزراعية المحظورة دولياً، والتي تستخدم لرش المزروعات، بالإضافة إلى وجود العديد من المصارف الملوثة التي تستخدم لتربية الأسماك.

ويشير المركز القومي للبحوث في دراسة إلى أن نسبة كبيرة من أهالي محافظات الدلتا، وهي الغربية والدقهلية والشرقية والبحيرة والمنوفية والقليوبية وكفر الشيخ ودمياط والإسكندرية، تعتمد بشكل كبير على الأسماك كونها أرخص بالمقارنة مع اللحوم الحمراء والبيضاء. كما أن نسبة كبيرة من أهالي تلك المحافظات تعتمد على الأسماك كمصدر رزق وحيد لها. يضيف المركز أن مصرف كوتشنر، الذي يمتد عبر محافظتي الغربية وكفر الشيخ، يعدّ أحد أخطر المصارف، علماً بأن مئات القرى ترمي مخلفاتها فيه، بالإضافة إلى إلقاء 24 مصنعاً المخلفات فيه، وبكميات كبيرة يومياً من دون معالجة.

وتؤكد الدراسة أن الكثير من المزارع السمكية تقع في عدد من هذه المصارف في محافظات الوجه البحري، وذلك بعلم المحافظين، لتتغذى هذه الأسماك على المخلفات التي تنتقل إلى جسم الإنسان، مما يؤدي إلى إصابته بالأمراض. يضيف المركز أن أمراض السرطان تزداد في عدد من محافظات الوجه البحري، وخصوصاً محافظة كفر الشيخ، فيما لم تهتم مديرية الصحة بحصر أعداد المصابين، مما يشير إلى أنها لا تفكر في خطة للعلاج. وكثيراً ما يعاني أطفال محافظة دمياط من الفشل الكلوي بسبب التلوث، ليبدأ الأهالي البحث عن أسرة في المستشفيات.
وبسبب التلوث، تعرّض نحو 390 طناً من الأسماك الموجودة في الأقفاص السمكية الخاصة بمشروع شباب الخريجين في بحيرة المنزلة، للنفوق، بسبب مياه الصرف الصحي الملوثة، في ظل تقاعس وزارة الزراعة وهيئة الثروة السمكية عن تنظيف المصارف.

في السياق نفسه، يحذر الباحث في المركز القومي، أحمد إسماعيل، من خطورة تناول أسماك المصارف، التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض السرطان والكبد والفشل الكلوي، عازياً السبب إلى عدم تنظيف المصارف التي تقام عليها المزارع السمكية (هيئة الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة مسؤولة عنها). من جهة أخرى، يشير إلى أن وزارة البيئة تساهم في التكتم على المشكلة، من خلال إصدار تقارير كاذبة ومخالفة للواقع المرير للمصارف الملوثة، لافتاً إلى أننا "لا نعرف سبب هذا الإهمال وعدم تحرك الحكومات المتعاقبة". ويطالب بسحب جميع تراخيص مزارع الأسماك في المصارف الزراعية، وعدم استخراج أي تراخيص جديدة، وتشديد الرقابة على بائعي الأسماك، وتعقب جميع الصيادين الذين يصطادون في هذه المصارف.

من جهته، يقول أستاذ تربية وإنتاج الأسماك في كلية الطب البيطري في جامعة الإسكندرية، وليد الهواري، إن الأمراض التي يصاب بها الناس بعد تناول الأسماك ترتبط بتراكم السموم في فترة نموها داخل المزارع، والتي تستمر لمدة تقترب من العام، عدا عن تأثر الإنسان بها مع الوقت. ويناشد وزارة الري بتعديل القانون، الذي ينظم عملية إنشاء المزارع السمكية بما يتلاءم مع إمكانية إقامتها على نهر النيل بدلاً من مياه الصرف. ويشير إلى قانون يجرّم استخدام المياه العذبة في المزارع السمكية، مما يضطر المزارعين إلى المخالفة واستخدام المياه العذبة، أو استخدام مياه المصارف المعالجة بنسبة 40 في المائة فقط.

يضيف الهواري أن في المزارع آلاف العمال، وليست هناك رقابة على الأسماك، كما أن وزارة الصحة لا تهتم بتحليل مياه المزارع. وتجدر الإشارة إلى أن عقوبة المزارع المخالفة هي الإزالة، لكن هذه العقوبة لا تنفذ بسبب وجود عمالة كبيرة، بالإضافة إلى وجود مشاكل أمنية أخرى.

اقرأ أيضاً: خبراء: "الفوسفات في النيل" تهديد حقيقي للمصريين
دلالات