غزاويات يلعبن كاراتيه

12 يناير 2015
كثيرات يتدرّبن للدفاع عن أنفسهنّ (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -
لم يكن من السهل إقناع ذوي هؤلاء الشابات الغزاويات بالسماح لهنّ بممارسة هذه "الرياضة العنيفة". لكن الكابتن عماد حماد القيّم على الكاراتيه في نادي غزّة الرياضي، تمكّن في النهاية من كسب ثقتهن وقد أقام علاقات اجتماعيّة معهن وأشركهن في نشاطات عديدة. هكذا استطاع تشكيل فريق من 25 شابة تختلف أعمارهنّ.

يظنّ كثيرون أن الكاراتيه الذي يُصنّف واحداً من فنون القتال، رياضة ذكوريّة بامتياز، نظراً للقوة البدنيّة التي يحتاجها من يمارسها حتى يتمكّن من إتقانها. لكن ما لا يعرفه هؤلاء أن الإناث أيضاً قادرات على ممارسة هذه "الرياضة الخشنة"، التي تحتاج إلى ذكاء وقدرات عقليّة أكثر من البدنيّة، كغيرها من الفنون القتاليّة التي تطوّرت على مرّ التاريخ البشري لتبلغ مرحلة متقدمة في يومنا هذا.

في غزّة، كثيرات هنّ اللواتي يقبلن على تعلّم الكاراتيه. لكلّ واحدة دوافعها الخاصة، منهنّ من أردنَ تعلّم كيفيّة الدفاع عن أنفسهنّ، ومنهنّ من حضرنَ لتفريغ الكبت والطاقة السلبيّة مثل أخريات من بنات جيلها. وثمّة أخريات هوينَ منذ صغرهنّ المعارك وفنون القتال، فمارسنَ الكاراتيه كي يبلغن الاحترافيّة والتميّز. وهؤلاء الأخيرات يطمحن إلى منافسة بقيّة لاعبات من حول العالم في بطولات عربيّة ودوليّة.

بالنسبة إلى حماد، الفتيات يمارسن الكاراتيه لإدراكهنّ مدى أهميّة تلك الرياضة. فهي تساعد في الحفاظ على اللياقة والرشاقة، وتزيد كذلك من قدرات التركيز العقليّة وسرعة البديهة. ويشير إلى أن "الهدف الأكبر من تلك الممارسة هو الدفاع عن أنفسهنّ، في ظل الوضع المأساوي الذي تعيشه النساء في قطاع غزّة. إلى ذلك، هنّ لا يرَينَ في الأمر انتقاصا من أنوثتهنّ".
كثيرة هي خطط فريق الكاراتيه النسائي في نادي غزّة الرياضي وطموحاته. ويقول هنا الكابتن حماد: "نعاني دائماً من مشكلات لإرسال بعثات للمشاركة في البطولات، بسبب عادات المجتمع وتقاليده. فالشابة الغزاويّة لا تتمتّع بالحريّة الكافية التي تتيح لها السفر بمفردها، نظراً لرفض أهلها سفرها من دون مرافق". يضيف: "مشاركاتنا بمعظمها تكون بمساهمة فرديّة إذ تتكفل الفتاة بمصاريف السفر، لعدم قدرة النادي على تغطية نفقات سفر المشاركات".

وقد ساهم الوضع المتردّي الذي يعيشه القطاع في تأثّر الكاراتيه بشكل كبير. ويستعيد الكابتن حماد ذكريات البطولات السابقة، ولا سيّما مباراة عام 1997 أولى البطولات النسائيّة في نادي فلسطين. وسام أبو ندى (19 عاماً) بطلة القطاع لثلاث دورات على التوالي. تخبر أن أهلها لم يتقبلوا الفكرة في البداية، لكنها أصرّت على ممارسة الكاراتيه. وأبو ندى التي رغبت بتعلّم هذه الرياضة "لأتمكّن من الدفاع عن نفسي وسط المعاكسات"، تحمل الحزام البني وهي تستعد حالياً لاختبار الحزام الأسود.

لكن هؤلاء الشابات لم يتدربنَ جميعهن على الكاراتيه للدافع عن أنفسهنّ أو كي يصبحن مقاتلات قويات. هناء شحادة (20 عاماً) مثلاً، تدرّس التربية الرياضية في إحدى الجامعات الفلسطينيّة في غزّة. قبل أربع سنوات، أرادت الترفيه عن نفسها. وكي تنسى ضغوط الدراسة ومشاكل الحياة اليوميّة، راحت تتعلّم الكاراتيه. لكنها ما لبثت أن أحبته وتعلقت به، "وأصبحت أشعر بأن الكاراتيه جزء من حياتي. في البداية، ظننت أنه رياضة بدنيّة لكنه أيضاً رياضة روحيّة". بالنسبة إلى شحادة، "لا تشغلني رياضة الكاراتيه عن دراستي، لا بل أشعر بزيادة تركيزي وبنشاط منذ ممارستها".

لكن شحادة كثيراً ما تسمع ورفيقاتها اللواتي يلعبن الكاراتيه، تعليقات تهدف إلى التقليل من شأنهن أو إلى السخرية منهن. تضيف: "نحن مجتمع محافظ يفرض قيوداً على مشاركة الفتيات في هذه اللعبة".
دلالات
المساهمون