الغجر يقاومون الإقصاء

11 نوفمبر 2014
للغجر خصائصهم الثقافية (Education for sustainability)
+ الخط -
 
يشكل الغجر جزءاً من المجتمع البريطاني منذ أكثر من خمسة قرون. لطالما كانوا يعيشون حياة الترحال، ويتنقلون بين المساحات الخضراء في البلاد. لكنّ 90 بالمئة منهم استقروا، بمرور الزمن، في منازل، بخاصة بعد تعرضهم للكثير من الانتهاكات. وليست الانتهاكات خاصة بالمجتمع البريطاني وحده، فقد تعرّض الغجر للاضطهاد والعبودية والاستغلال، في مختلف أرجاء أوروبا.

تاريخياً، نشأت نزعة عنصريّة قوية ضدّ الغجر الرومانيين في القرن السادس عشر، في مملكة المجر، خلال فترة الاحتلال العثماني. فقد اتهموا بالعمالة للسلطنة، والتجسّس لصالحها، ووُصفوا بالطابور الخامس، وهو ما أدّى إلى طردهم من أماكن عديدة، وخلق حياة الترحال لديهم. وفي عهد إمبراطور رومانيا المقدس، فرديناند الأول، الذي حكم منذ عام 1503 حتى 1564، صدر أول قانون ضد الغجر. فقد أمر فرديناند بطردهم من أراضي الإمبراطورية (شملت أجزاء كبيرة من أوروبا الوسطى والغربية). وأعلن، في اجتماع أوغسبورغ، وهي مدينة في ألمانيا الحالية، أنّ كل مَن يقتل غجرياً لن يُعاقب.

وصدر عام 1710 مرسوم قانون في عهد الإمبراطور جوزف الأول (1705-1711) أمر فيه بإعدام جميع رجال الغجر شنقاً من دون محاكمة، ومعاقبة النساء والأطفال بالجلد والنفي إلى الأبد. وفي مملكة بوهيميا كانت تُقطع الأذن اليمنى لرجال الغجر. وفي مناطق أخرى من النمسا، كانوا يحرقون ظهورهم بالحديد المحمّى ليميّزوهم عن بقيّة الناس. كما صدر قانون يقضي بمعاقبة كل مَن يساعد غجرياً بالأشغال الإلزامية لمدّة ستة أشهر.

من جهتها، أصدرت بريطانيا قانوناً عام 1530، يقضي بمنع الغجر من دخول البلاد، وطلبت من الموجودين المغادرة خلال 16 يوماً، ومَن يخالف القانون يتعرّض لمصادرة أملاكه والسجن والترحيل.

وما زال الغجر حتى يومنا هذا يتعرّضون للتمييز والتضييق. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أصدر قسم "المجتمعات والحكومة المحلية" في الحكومة البريطانية، ملفاً استشارياً يحتوي على تعديل في السياسة المعتمدة مع الغجر. واتفق على التداول بشأنه، واتخاذ قرار نهائي فيه في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وجاء في الملف المقترح، أنّ الحكومة البريطانية ستعدّل القوانين المتبعة بشأن الغجر والمسافرين، التزاماً بإنصاف جميع أطياف المجتمع. ومع ذلك، فإنّ الغجر الذين توقفوا عن الترحال، لن يُعاملوا بعد إصدار التعديل كمسافرين أو غجر بامتيازات، بل سيُنظر إليهم كبقية شرائح المجتمع المستقرّ. ودعت الحكومة جميع أفراد المجتمع الغجري، إلى التصويت أو إبداء الرأي حول الاقتراح، منذ تاريخ الإعلان عنه حتى موعد اتخاذ القرار النهائي.

في المقابل، تقول الرئيسة التنفيذية المشتركة ومنسّقة تنمية المجتمع في وحدة "غجر ومسافري لندن"، ديبي كينيت، لـ "العربي الجديد"، إنّ المجتمع الغجري بغالبيته يرفض هذا الاقتراح. ولذلك قامت العديد من المنظّمات بحملات تدعو إلى المشاركة في التصويت ضدّ أثره السلبي على جيل بأكمله من الغجر والمسافرين. إذ قد يؤدي إلى إلغاء هويّتهم وثقافتهم.
وتضيف أنّ المنظمات أسست حملة باسم "لا نزال ننتظر"، وفتحت صفحة خاصّة بها على موقع فيسبوك. كما تشير إلى أنّ المنظمات اشتركت في جلسة خاصة بلجنة لندن لجمعية الإسكان، التي تحقّق في مسألة الاحتياجات السكانية للغجر والمسافرين.

وأكدت المنظمات على التجاهل التام لاحتياجات الغجر. وأضافت أنّ إلقاء اللوم عليهم في منع أولادهم من التعليم باطل، لأنّ الحكومة لا تؤمّن لهم مساكن يستقرون فيها، بل تعمل على طردهم من مكان إلى آخر، ما يؤثّر سلباً على تعليم أطفالهم الذين يضطرّون إلى ترك المدرسة والالتحاق بأخرى في السنة الدراسية نفسها.

وتعود أصول الغجر إلى العرق الهندي. وصلوا إلى أوروبا قبل 1000 عام تقريباً. 
في بريطانيا يبلغ عددهم اليوم 90 ألفاً. أما أكبر وجود لهم فهو في الولايات المتحدة حيث يقدّر عددهم بمليون شخص، والبرازيل 800 ألف، وإسبانيا 650 ألفاً، ورومانيا 621 ألفاً، وتركيا بنصف مليون. وفي بريطانيا، يفتقر الغجر لأبسط مقوّمات الحياة، ويطالبون الحكومة بالالتفات إلى أوضاعهم، دون إلغاء ثقافتهم وهويّتهم.
دلالات