كيف تُصنَع اللُّقاحات وكم يستغرق تطويرها؟

08 ابريل 2020
اللّقاح "أفضل اكتشاف" في الرعاية الصحية (فاليري هاش/فرانس برس)
+ الخط -
أعاد فيروس كورونا النقاش مجدداً في أهميّة اللّقاحات ودورها في تعزيز المناعة لمواجهة الأمراض، خاصة أنّ العديد من الإحصاءات الصادرة عن منظّمة الصحة العالمية أشارت إلى أنّ تطوير اللّقاحات ساهم في الحدّ من وفاة أكثر من 10 ملايين شخص، في جميع أنحاء العالم، بين عام 2010 وعام 2015.

واعتبرت منظمة الصحّة العالمية، وفق تقرير لموقع "بيزنس إنسايدر" تحت عنوان "ما اللّقاح؟ وما المراحل التي يمرّ بها قبل تصنيعه؟"، أنّ تطوير اللّقاحات "أفضل اكتشاف" تحقق في مجال الرعاية الصحيّة. وكشف التقرير جميع الجوانب المحيطة باللّقاحات، وآليات عملها، والمراحل التي يمرّ بها، قبل إعلانه بشكل نهائي.

ما هو اللّقاح؟
اللّقاح جزء من فيروس أو بكتيريا تدخل بطريقة آمنة وفعّالة إلى الجسم، وعادة ما تكون هذه الفيروسات ضعيفة، بمعنى أنّها لا تضرّ الإنسان. ويساعد اللّقاح في تعريف الجسم مستقبلاً بتسلّل الأمراض أو الفيروسات، فيطردها الجهاز المناعي فوراً، وهكذا تتكوّن ذاكرة لدى الجسم، تمنع الإصابة بالمرض.

كيف تعمل اللّقاحات؟
يقول آبي مالكين، المؤسّس والمدير الطبي لشركة Concierge MD المختصّة بالرعاية الطبية في لوس أنجليس الأميركية: "يُصنَّع اللّقاح من أجزاء ضعيفة أو ميتة من الفيروس، لحثّ الجهاز المناعي على خلق أجسام مضادّة، لمساعدة جسم الإنسان على مواجهة الأمراض".
ويضيف: "إنّ آليّة تصنيع اللّقاحات ليست سهلة أو بسيطة، إذ يعتمد أسلوب إنشاء لقاح على خصائص المرض، وكيفية تأثيره بالجسم، وتفاعل نظام المناعة معه، ودراسة مدى تضرّر الناس منه".
ووفق مالكين، هناك أربعة أنواع مختلفة من اللّقاحات، هي:

اللّقاحات المكوّنة من فيروسات ضعيفة: يستخدم هذا النوع نسخة ضعيفة من الفيروس لبناء المناعة، ومنها اللّقاحات الخاصة بمرض الجدري، كما اللّقاحات الخاصة بالحصبة والحمّى الصفراء.

اللّقاحات المكوّنة من المواد الكيميائية: تستخدم هذه اللّقاحات مواد كيميائية لقتل الفيروس، ولكنّها ليست فعّالة مثل اللّقاحات الحيّة. ومن أبرز هذه اللّقاحات، تلك المتعلّقة بالتهاب الكبد A والإنفلونزا وشلل الأطفال.

اللّقاحات الجزئيّة: تستهدف هذه اللّقاحات أجزاءً معيّنة من الجراثيم، بدلاً من البكتيريا أو الفيروس بأكمله. تُستخدم هذه اللّقاحات ضد التهاب الكبد B، السعال الديكي، أمراض المكورات الرئوية، أمراض المكورات السحائية.

لقاحات الذيفان أو التوكسين: تستهدف هذه اللّقاحات سمّ الجراثيم بدلاً من استهداف البكتيريا أو الفيروس نفسه، لمعالجة أمراض مختلفة.

يقول بريندان رين، أستاذ علم الأمراض البكتيريّة في "مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي" ببريطانيا، إنّ "أنواع اللّقاحات المختلفة، لها نقاط قوتها ونقاط ضعفها المختلفة أيضاً". ويشرح أنّ اللّقاحات المصنّعة من أجزاء ضعيفة من الفيروسات، عادة ما يكون لها أثر جانبي على صحة الإنسان.

كيف تُصنع اللّقاحات؟
تُصنَع اللّقاحات من طريق زراعة أجزاء من الفيروس أو توليدها. ووفق دراسة أعدّتها مجموعة من الأطباء في "مجموعة أكسفورد للّقاحات"، وهي مجموعة تابعة لجامعة أكسفورد في بريطانيا تُعنى بالأبحاث والدراسات الطبية، في مارس/ آذار 2020، "يمرّ تطوير اللّقاح وتصنيعه بعدة مراحل، ولا يمكن اختصار أي مرحلة تحت أي ظرف". وتبدأ المرحلة الأولى بدراسة مكوّنات الفيروس في المختبر، لتحديد خصائصه وكيفية تأثيره بالخلايا البشرية أو الحيوانيّة، ثم البحث عن نوع اللّقاح المناسب، وبعدها يجب اختباره على الحيوانات، ومن ثم الاختبارات السريريّة، حيث تُجرى هذه الاختبارات على البشر، ضمن ثلاث مراحل.
في البداية، يُحقَن بضع عشرات من المتطوّعين باللّقاح الجديد، ثم يُحقن في عدّة مئات من "السكّان المستهدفين"، أو المعرّضين لخطر الإصابة بالمرض، وأخيراً يُختبَر على عدة آلاف من الناس لتحديد مدى سلامته وفعاليته.

كم يستغرق تطوير اللقاح؟
تقول "مجموعة أكسفورد للّقاحات" إنّ "إنتاج لقاح فعّال وآمن يمكن أن يستغرق ما بين خمس إلى عشر سنوات". ومع ذلك، يبحث الكثير عن حلّ أسرع لمعالجة وباء كورونا. ووفق مالكين، فإنه نظراً لخطورة الأزمة الحالية، هناك جهود لإنتاج اللّقاح في غضون فترة تراوح من 12 إلى 18 شهراً.

لماذا تعتبر اللّقاحات مهمة؟
يذكر تقرير آخر لـ"بيزنس إنسايدر" تحت عنوان "ما أهمية اللّقاحات؟"، أنّ اللّقاح يساعد على حماية الرضّع والأطفال من الأمراض، لأنّ نظام مناعتهم لم يتطوّر بالكامل بعد. لهذا السبب، تبدأ عملية التحصين عند الولادة. وفي عام 2018، تلقى 116.3 مليون رضيع لقاحات مختلفة ضدّ السعال الديكي، وغيرها من اللّقاحات، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. ووفق التقرير أيضاً، إنّ أهم اللّقاحات التي غيّرت وجه البشرية وأنقذت الملايين، هي تلك المتعلّقة بشلل الأطفال، الحصبة، والتهاب الكبد.

المساهمون