سجال واسع في مصر بعد لقاء حقوقيين بالرئيس الفرنسي ماكرون

01 فبراير 2019
ماكرون خلال زيارته القاهرة (لودفيك مارين/فرانس برس)
+ الخط -
تعرّض ممثلو المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني المصري، الذين التقوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش زيارته القاهرة قبل يومين، لانتقادات واسعة من نشطاء سياسيين وحقوقيين، فضلاً عن تقديم بلاغ يطالب باعتقالهم.

وكتب الناشط اليساري كمال خليل عبْر حسابه على موقع "فيسبوك"، مهاجماً: "نشطاء حقوق الإنسان بمصر يلتقون بماكرون مثل لقاءاتهم السابقة بأولاند وميركل. بتضحكوا على نفسكم ولا بتضحكوا على مين؟ لقاء وغذاء عمل كمان؟ مش مكسوفين! نظام السيسي يقمع المعارضين في مصر، ونظام ماكرون يقمع الحركة الشعبية بقيادة السترات الصفراء في فرنسا، وصفقات السلاح تم توقيعها بالأمس. رايحين تقابلوا مين؟ عيشوا بشرف".

ورد عليه مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، الذي التقى ماكرون ضمن مجموعة حقوقيين: "كلامي موجه للأصدقاء اللي متفهمين موقفنا، أو على نفس الأرضية. احنا هنعمل اللي شايفينه صح، وهنعمله في النور، وهندافع عن وجهات نظرنا، وهنقابل أي حد عايز يعرف معلومة، أو مهتم برأينا".

وأضاف: "النظام ليس له على المواطن سوى احترام القانون، ورأي المواطن سواء أعجب النظام أو لم يعجبه فلا شأن للنظام به، وكذلك نقابل مين. نقول إيه، ده شأننا وحدنا. لا نرفض سوى لقاء الصهاينة أو الوهابيين. الحزبي والسياسي والحقوقي قد يلتقون خصومهم، واللقاء في حد ذاته لا يكون خطأً، لكن ما يدور في اللقاء هو المهم، وعار أن يزايد بعضهم على الآخر. كل التطرف مرفوض سوى التطرف في حقوق الإنسان، وهو استثناء يؤكد القاعدة. لكل شخص أن يقاوم الاستبداد بطريقته، ولا أقصد هنا الميكيافيلية، بل الشفافية والعمل في النور".



وكتبت الصحافية إكرام يوسف: "فيه إيه يا جماعة؟ ليه توجهوا سخطكم في الاتجاه الخطأ؟ والنَّاس اللي بتزايد وتتكلم عن اليورو جابوا منين معلومة إن اللقاءات دي مدفوعة التمن؟ وإذا كان مصدر المعلومة نفسها جمال عيد يبقى لو فيها حاجة غلط كان يخبي. ارحموا نفسكم، انتو بتتولوا تصفية بعض بالنيابة عن النظام. حرام عليكم بجد".

وتراجعت نبرة كمال خليل الحادّة، وكتب: "علمت أن هناك حملة مكثفة وانتقادات، وربما شتائم يكتبها البعض بعد ما كتبته، والحقيقة أن كتابات البعض وانتقاداتهم لم تصلني. اتصلت ببعض الأصدقاء والمعارف كي يساعدوني في تجميع كل ما يوجَّه لي من انتقادات حتى أستطيع الرد عليها. خلافي الأساسي يتحدد حول الموقف من تيار الإسلام السياسي، والموقف من قضية التمويل الأجنبي وما تسمى بمنظمات المجتمع المدني. تحياتي للجميع لمن انتقدوني ولمن كتبوا دفاعاً عني، فنحن لا نكتب إلا من أجل الوصول للحقيقة، ومن أجل تحرير وطننا من الديكتاتورية والفساد والتبعية".


وكتب الحقوقي في مركز القاهرة لحقوق الإنسان الممنوع من السفر، محمد زارع: "هجوم أشخاص زي أحمد موسى، شريف يونس، محمد الباز مش فارق معايا ولا حتى حرد عليه. بالنسبة لأصدقاء وزملاء ومعارف من اليسار، يجب أن تدركوا أن كلاً منّا له طريق وآليات مختلفة في النضال، محاولة رسم طريق واحد للنضال هو أسلوب الأنظمة الشمولية، أرجو ألا تسلكوه، قد ترون أن النضال حالياً هو الكتابة على فيسبوك، أو تنظيم الصفوف، قد أرى أنا أن النضال هو محاولة الضغط من أجل تغيير السياسات، وتقويض خطاب الدولة دولياً. قد ترون أنه ليس ذا أهمية، أو غير ذي جدوى. معلش. مفيش حاجة لها جدوى حالياً".




وتابع: "أنا معادٍ لنظام دولة يوليو، وأرى أنه قضى على السياسة في مصر، ورسم مساراً محدداً للمعارضة لا تتخطاه. أنا غير ملزم بهذا المسار، ولن ألعب وفقاً لقواعد دولة يوليو. منها على سبيل المثال، عزْل المصريين عن الخارج، واحتكار الدولة للخطاب الدولي. لن أترك تلك المساحة للدولة تحقق فيها مكاسب دون كشف زيف خطابهم، كما أن الدولة تقول دولياً إنها هي أو الفوضى، وإنه لولاها لفاضت أوروبا بمراكب اللاجئين المصريين، وبناءً عليه يجنون مصالح ودعماً دولياً من هذا الخطاب. هذه مساحة لن أتركها دون رد".

وواصل: "كنت أتصور أن يكون رد فعل من هاجمنا أقوى على تشبيه السيسي للمصريين أمام ضيوفه الدوليين، بأننا في مرحلة ما أعلى من القرد وأقل من الإنسان. لكن للأسف واضح أن هذا ليس أولوية. هل تعلمون أن 31 حقوقياً ممنوعون من السفر، و10 حقوقيين و7 منظمات ممنوعون من التصرف في أموالهم، وأنه بناءً على تحقيقات غير محايدة، قد يتم حبس بعضنا لأكثر من ثلاثين عاماً؟ هل هناك من يتضامن؟".

ووجّه الحقوقي المصري نجاد البرعي، نداءً عبر مواقع التواصل لزملائه الحقوقيين، يطالبهم برفض لقاء ماكرون، وكتب: "عمري ما كنت قيادة في أي شيء، لا في حقوق الإنسان، ولا في المحاماة، ولا في ثورة يناير. طول عمري مجرد نفر، وباستمتع بالموضوع. لكن لو كان لي كلمة لطالبت قيادات حركة حقوق الإنسان الذين سيتم دعوتهم للقاء ماكرون بالاعتذار عن هذا اللقاء. داخلياً الرجل ضعيف للغاية، والمظاهرات تنفجر في وجهه يومياً، وشعبيته في النازل؛ ووضعه الاقتصادي مرتبك جداً. ثم إنه غير مهتم أصلاً بموضوع حقوق الإنسان. ماكرون في مصر من أجل الأزمة الليبية، مصر تلعب دوراً مهماً للغاية في ليبيا بالتعاون مع إيطاليا، وهو دور مناهض لوجهة نظر فرنسا بشأن الأزمة. أي إن الموضوع كله لا علاقة له بمصر. فلماذا يتورط الحقوقيون المصريون في لقاء رجل يرى أن أكبر منتهك لحقوق الإنسان - الرئيس بشار الأسد - ليس عدواً؟ تجاهلوه فهو لا يستحق".