"ترامب ليس رئيسنا" في الولايات المتحدة

01 ديسمبر 2016
"الحبّ يتفوق على الكره" (فردريك جي براون/ فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أنّ دونالد ترامب يتابع إثارة الجدل في الشارع الأميركي، فموجة الاحتجاج على انتخابه رئيساً مستمرة

أعقبت الإعلان عن فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية موجة من الهجمات العنصرية ضد مهاجرين عرب ومسلمين وأميركيين من أصول أفريقية ولاتينية. وسجلت السلطات الرسمية أكثر من 300 بلاغ، خلال الأيام الأولى بعد انتخابه، وكان عدد كبير منها في ولاية نيويورك. وهي الولاية المعروفة بكونها أكثر الأماكن اختلاطاً وتسامحاً في الولايات المتحدة. لكنّ انتخاب ترامب، وما يمثله من خطاب عنصري وتمييزي، فتح الباب أمام الكثير من العنصريين، ليس فقط للتعبير عن آرائهم وعنصريتهم بشكل علني، بل كذلك لممارستها على أرض الواقع.

لكن، وفي مقابل هذه الموجة من الاعتداءات العنصرية، كانت هناك موجة من التضامن عبّر عنها كثيرون بطرق عديدة. وفي الوقت نفسه، عبر كثيرون عن خوفهم من رئاسة ترامب واعتراضهم عليها عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو على الأرض في تظاهرات ومسيرات ووقفات احتجاج رفعت فيها شعارات من قبيل: "هذا ليس رئيسي". وكانت نية المتظاهرين من خلال هذه التحركات التأكيد على أنّ قيم ترامب العنصرية لا تمثلهم. وكان ترامب قد عبّر عن تلك العنصرية في العديد من المواقف من بينها وصف المهاجرين من أصول مكسيكية بأنّهم لصوص ومغتصبون. كذلك، اقترح منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، وغير ذلك من مواقف.

بعد أيام قليلة من الإعلان عن فوز ترامب، وضع فنان شاب من نيويورك يدعى ماثيو تشافيز طاولة صغيرة على رصيف إحدى محطات المترو فوقها أقلام وأوراق لاصقة. ودعا تشافيز الراغبين من المسافرين إلى تسجيل مشاعرهم وملاحظاتهم على تلك الأوراق. خلال يومين ألصق على الحائط أكثر من 1500 ورقة صغيرة عبّر من خلالها المارة عن مشاعرهم. بعضها حمل عبارات "الحب يتفوّق على الكره" وهو واحد من الشعارات التي رفعها متظاهرون في شوارع نيويورك وأنحاء أخرى من الولايات المتحدة. وهو شعار يلعب على معنى آخر لاسم "ترامب" وهو "التفوق على". كذلك، كتب على إحدى الأوراق: "لن تنتصر الفاشية ولن نسكت".

يعلق أحد المارة الذي وقف يتأمل الحائط وما كتب عليه لـ"العربي الجديد": "هذا جميل. لكن لا نعرف كيف ستكون ردود الفعل عندما تأتي الشرطة بالفعل للقبض على المهاجرين غير الشرعيين. كم هي نسبة الناس الذين سيتحركون لحمايتهم؟ أو هل سنتمكن من منع شخص عنصري من إطلاق النار على تجمع أو مكان فيه نسبة مرتفعة من الأقليات؟ هل سيعاقب هؤلاء؟ كان هذا موجوداً قبل ترامب، مع توليه رئاسة البلاد سيزداد النظام في الولايات المتحدة فساداً ولا يبدو أنّ هناك قابلية للإصلاح".

مخاوف مشابهة يعبّر عنها ستيف مقدسي (15 عاماً). الفتى الذي تعود جذوره إلى فلسطين ولبنان يقول: "أشعر بالقلق على مصير أحد أصدقائي في المدرسة، وهو الذي جاء أهله من هندوراس. والده يعيش هنا منذ أكثر من عشرين عاماً بشكل غير شرعي، أما هو فمولود في الولايات المتحدة ويحمل الجنسية الأميركية. عرفنا ذلك قبل سنتين تقريباً عندما أعلن الرئيس باراك أوباما عن برنامج خاص يحاول من خلاله قوننة وجود هؤلاء. الآن، باتت أسماؤهم معروفة. وقال عمدة نيويورك بيل ديبلازيو إنّه لن يسلم أسماءهم وعناوينهم للحكومة. لكن، بصراحة، لا أعرف لو كنت مكان صديقي إذا ما كنت سأثق بالحكومة أو حتى بديبلازيو".

أما نجاة بيومي، وهي أميركية من أصول مصرية فتقول: "عندما يتحدث هؤلاء عن الإسلام، وعن الإسلام الراديكالي، هم لا يقصدون فقط تنظيم داعش، بل يقصدون كذلك أشخاصاً مثلي، يبدون كأيّ أميركي آخر. لا أنكر، وعلى الرغم من أنني لست متدينة ولا أضع الحجاب، أنني أشعر بالخوف خصوصاً أنّ بشرتي سمراء وشعري أسود. بدأت أفكر ولأول مرة أن عليّ الحذر عندما أستقل المترو أو أتواجد في الأماكن العامة. بتّ أنظر مرتين قبل أن أجلس في المواصلات إلى جانب أي شخص ذي بشرة بيضاء، أخاف أن يكون من هؤلاء العنصريين وأن ينفجر في وجهي. أمر محزن جداً. هو شيء لم أفكر به من قبل في نيويورك".

بدورها، تقول سمر صليبا، وهي أميركية من أصول لبنانية: "أشعر بحزن شديد وخيبة أمل. أتذكر تلك المشاعر التي أفقت عليها قبل ثماني سنوات عندما انتخب باراك أوباما. كان الأمل في كلّ مكان، كان هناك شعور أنّ أميركا ربما تغيرت أو بدأت تتغير بشكل جذري. لم تأتِ فترة أوباما بما كنا نتمناه، على الأقل ليس كلها، لكن أن تصل العنصرية واللامبالاة عند البعض إلى درجة انتخاب دونالد ترامب!".

تضيف: "أتابع إحصائيات تتحدث عن انتخاب مسلمين وعرب ولاتينيين ترامب، وهو ما لا يمكن فهمه. خيبة الأمل كبيرة، فستون مليون أميركي قالوا نعم للعنصرية عندما اختاروا ترامب حتى لو كان ذلك لأسباب اقتصادية كما يدّعي البعض". تتابع: "لا أخاف على نفسي، لأنّ أوضاعي المعيشية جيدة جداً، لكن، لا نعرف ماذا يخبئ ترامب، فانتخابه سيسحق تلك الطبقات الفقيرة. كذلك، فإنّ مجرد الاستماع إلى الرجل يسبب ألماً في الأذن لرداءة إنكليزيته. هو يتحدث بمستوى طفل عمره عشر سنوات وحتى أقل".

المساهمون