وتتلخّص فكرة "اللّجنة التنسيقية للمبادرات الخيرية" بالتعاون فيما بين أعضائها للتدقيق في المُناشدات الإنسانية التي تَرد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف التأكد من مصداقية الأسرة، وضمان عدم تكرار المُساعدة للأسرة الواحدة، لإتاحة المجال لباقي الأُسر المحتاجة في تلقي المساعدات.
وتعتمد نسبة من الأسر الفقيرة في قطاع غزة على التواصل مع أصحاب المبادرات الخيرية ذات التمويل الفردي، للتغلّب على الأوضاع الاقتصادية الصعبة، بغرض توفير حاجاتها الأساسية. إلاّ أن البعض بات يمتهن "التسوّل الإلكتروني"، من خلال التواصل مع جميع الفِرق النشطة، والحصول على المُساعدات من جهات عديدة، بسبب عدم وجود قاعدة بيانات موحّدة، ما دفع النشطاء إلى إنشاء اللّجنة لمواجهة تلك الظاهرة.
ويوضِح مُنسق حملة "الصحافي الإنسان"، فادي شناعة، أنّ إنشاء اللّجنة جاء بعد اللّغط الكبير الذي أحدثه بعض ممتهني التسوّل الإلكتروني، واستفادتهم من جميع المُبادرات الشبابية، والتي تستقي معلوماتها عادة من مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب الزيارات الميدانية.
ويوضح شناعة لـ"العربي الجديد" أنّ اللّجنة تهدف كذلك إلى توحيد جهود المُبادرات الخيرية، والتنسيق فيما بينها حول الأسر المُستفيدة من كلّ جولة مساعدات، بغرض ضمان عدم تكرار استفادة الأسرة الواحدة لأكثر من مرة، على حساب أُسر فقيرة أخرى، لم تحصل على أيّ مساعدة.
أمّا عن آلية التواصل، فيوضح أنّها تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيق "الواتساب"، بهدف تبادل البيانات والاستفسارات، إلى جانب التنسيق في عدد من الزيارات الميدانية للقاء بعض الأسر المحتاجة.
وتوافقه الناشطة نسرين خليل، من فريق مبادرة "صانعات الإرادة" النسائي الخيري، والتي توضح أنّ اللّجنة حثّت على التعاون المشترك بين النشطاء والمبادرات الخيرية في غزة لمحاربة التسوّل الإلكتروني، كذلك عزّزت فكرة تخصّص كُل مبادرة في المنطقة المُخصّصة لها، ما يتيح المجال لتصنيف كلّ حالة بسهولة أكبر، وتوجيهها للمُبادرة المُحدّدة، من شمال القطاع حتى جنوبه.
وتشير خليل، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ المبادرات الشبابية، والتي يتمّ التنسيق فيما بينها عبر اللّجنة، تهدف إلى التخفيف من أعباء الأسر، خاصة في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة، والتي اجتمع فيها الفقر مع الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا.
وتلفت إلى الصعوبات التي تواجهها المُبادرات الشبابية، والمتمثّلة في صعوبة الحصول على التمويل، حيث يعتمد الأمر بشكل كبير على العلاقات الشخصية والجهود الذاتية، بينما تتزايد، في المقابل، أعداد الأسر الفقيرة، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية.
من ناحيتها، تؤكّد الناشطة سالي سليمان، من مؤسسة فريق "صنّاع الأمل"، على أهمية اللّجنة التنسيقية، والتي تهدف إلى ضمّ أكبر عدد ممكن من المُبادرين الفاعلين على أرض الواقع، و"أصحاب البصمة في العمل الخيري والإغاثي"، وفق تعبيرها.
وتشير سليمان، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ اللّجنة تساعد الأعضاء على الاستفسار حول الأسر التي تطلب المساعدة، وتوضح بالقول: "أعمل في منطقة النصيرات، وسط قطاع غزة، وتصل إليّ بعض المُناشدات من أسر متعفّفة جنوبي القطاع، كنت أضطر سابقاً للتوجّه جنوباً للمسح الميداني، إلاّ أنني، وبعد إنشاء اللّجنة، بتّ أُرسل المعلومات إلى الزملاء المُبادرين في المنطقة هناك، ليقوموا بزيارة العائلة وتقدير وضعها".
وتشارك سليمان مع المُبادرين في الزيارات الميدانية لبعض الأسر، والتي تتطلّب وجود عنصر نسائي، وذلك بعد التنسيق بشأن المكان وموعد الزيارة من خلال المجموعة الخاصة باللّجنة، بهدف اعتماد مساعدة العائلة وتقديم ما يلزمها.
ووفق تقارير رسمية، فإن نحو 80% من سكّان قطاع غزة، والبالغ عددهم نحو مليوني نسمة، يصنّفون على أنّهم فقراء، وغير آمنين غذائياً، وهم يتلّقون المساعدات الغذائية والمالية، وقد فاقم الحصار الإسرائيلي المُشدّد، منذ 14 عامًا، نسب الفقر والبطالة في القطاع المُكتظّ بالسكّان.