مدمنون يساعدون مدمنين في إيران

11 سبتمبر 2015
على قمة دماوند (العربي الجديد)
+ الخط -
يعاني كثيرون من الإدمان في إيران. ويصل عدد المدمنين في البلاد إلى مليون و353 شخصاً، بحسب أرقام رسمية صادرة عن وزارة الداخلية. ليس هذا فقط، إذ تقول الأرقام إن أكثر من 50 في المائة من هؤلاء متزوجون ولديهم أطفال، كما أن 10 في المائة منهم نساء. إلا أن المتخصصين في مراكز العلاج يرجحون أن تكون الأرقام أعلى بكثير، وخصوصاً أن البعض يرفضون الذهاب إلى مراكز العلاج، فيما لا يجد آخرون من يساعدهم أصلاً. هذه المشكلة تؤدي إلى مشاكل اجتماعية أخرى، على رأسها الطلاق، وفق المواقع الرسمية الإيرانية. وكان مركز الإحصاء الرسمي قد أعلن أن 55 في المائة من حالات الطلاق في البلاد سببها إدمان الزوج بالدرجة الأولى.

في السياق، يقول حسين دارابي إنه "مدمن في طور الشفاء". وعلى الرغم من مرور ثماني سنوات على عدم تعاطيه المخدرات، إلا أنه يعتبر أن الإدمان مرض يصيب الإنسان ويصبح غير قادر على التخلص منه. لذلك، عليه أن يبقى حذراً طوال الوقت. حسين في العقد الرابع من العمر، وهو من قرية داراب القريبة من مدينة مشهد الإيرانية الواقعة شمال شرق البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن القرية قريبة من الشريط الحدودي مع أفغانستان، الأمر الذي يجعل كل أبنائها عرضة للإدمان على المخدرات.

ويوضح دارابي أن تعاطي المخدرات في هذه المناطق يعد أمراً عادياً، وهو جزء من ثقافة اجتماعية، لافتاً إلى أن معظم سكان قريته يتعاطون المخدرات، حتى أن كبار السن يداوون الأطفال حين يصابون بأي مرض بجرعات من المخدرات. ولم يكن يدرك أن الأمر سيكون مشكلة إلا حين زار العاصمة طهران في شبابه، وعرف أن المخدرات ممنوعة. في ذلك الوقت، كان مدمناً وقد أدرك أن المخدرات هي سبب تعبه وإرهاقه. سأل عن آلية للعلاج، ولجأ إلى بعض الأدوية من دون أن ينجح، وأصيب بعدها باكتئاب شديد. يقول إنه "كان ينتظر الموت".

يتابع دارابي أن بعض الشباب في قريته استطاعوا التخلص من الإدمان. لجأ إليهم فأخبروه أن الأمر يحتاج إلى قرار.

وشكل هؤلاء، بمساعدة بعض المتخصصين، حلقات حوارية كانوا يتبادلون فيها الحديث عن تجاربهم. حكوا كثيراً عن فترة الإدمان المريرة. بفضل هؤلاء، استطاع التغلّب على مشكلته، وأدرك أن هذه الحلقات التي تتألف من مدمنين سابقين قادرة على المساعدة أكثر من أي مركز.

بعد هذه التجربة، قرر دارابي وشقيقه العمل على توسيع دائرة هذه الحلقة الاجتماعية، حتى وصل عدد المنضمين إليها اليوم إلى نحو 500 شخص، وقد والتحق بها مزيد من المدمنين الراغبين في العلاج ليس في داراب فحسب، بل أيضاً في بعض القرى المجاورة. ويذكر أن معظم أبناء القرية اختلفت آراؤهم حيال المخدرات اليوم، ولم يعد التعاطي جزءاً من الثقافة الاجتماعية بفضل شباب عملوا على توعية الآخرين.

يذكر أنه لطالما كان يتوجه إلى الجبال للاختباء وتناول المخدرات. فيما يقول شقيقه محمد إن حياتهما في القرية كانت مختلفة. فقد اعتادا العمل منذ ساعات الصباح وحتى المساء على الرغم من تعاطي المخدرات. ويقول إن المتخصص الذي ساعدهما في البداية أكد لهما أن الرياضة، وخصوصاً المشي، تساعد كثيراً على التخلص من الإدمان. لذلك، كانا ينظمان بعض النشاطات للأفراد في حلقتهم والراغبين بالانضمام إليهم من المدمنين، وخصوصاً تسلّق الجبال مرة أسبوعياً.

كانوا ينقسمون إلى مجموعات ويتسلقون الجبال، إلى أن قرر الشقيقان الصعود إلى قمة دماوند القريبة من العاصمة طهران، وهي إحدى أعلى القمم الجبلية في البلاد، وقد نجحا في الوصول إلى أعلى القمة حيث رفعا شعار مبادرتهم التي تُعنى بمساعدة الآخرين على ترك المخدرات. ومرة أخرى، وصلا، مع آخرين هذه المرة، إلى أعلى القمة.

يقول محمد إنه كلما علت القمة، كان الوصول للهدف أصعب، على غرار الإدمان على المخدرات. لكن الوصول في النهاية إلى ما تريد يجعلك تشعر بسعادة وفخر، وهذا ما يسعى وشقيقه إلى تعليمه لبقية الأصدقاء خلال رحلاتهم. يضيف أن هدفهما نقل تجربتهما إلى آخرين، لافتاً إلى أن إنقاذ مدمن واحد هي خطوة نحو إنقاذ مجتمع بأكمله.

ويرى الشقيقان أنّ المدمنين فقط يدركون مخاطر الإدمان وصعوبته، ويشعرون بمرارة العيش. كما أن جهود الحكومة وشرطة مكافحة المخدرات والمراكز المتخصصة لن تساعد على تحقيق الغاية التي يريدها كل مدمن، وهذا هو سبب نجاح تجربتهما حتى الآن، على حد قولهما.

إقرأ أيضاً: مليون ونصف مليون مدمن في أفغانستان