تونس تبحث مصير أبنائها المهاجرين "غير الشرعيين" في إيطاليا

16 ديسمبر 2017
وضع حدّ لتدفق المهاجرين (Getty)
+ الخط -
تُؤرّق قضية الهجرة غير الشرعية السلطات التونسية والإيطالية على حد سواء، وتشكو الحكومتان ويلات تدفق عشرات المغامرين عبر قوارب الموت بحثاً عن أوهام رغد العيش والثروة في القارة العجوز.

ولا يغيب ملف المهاجرين غير الشرعيين عن طاولة أي لقاء دبلوماسي أو جلسة عمل تجمع قيادة البلدين أو مسؤوليهما، في سياق البحث عن وسائل إيقاف نزيف تدفق القادمين من تونس نحو جزيرة "لامبيدوزا" في مقاطعة سيسيليا جنوب إيطاليا.

وعقد وفد حكومي وبرلماني تونسي لقاءات ماراتونية أيام 13 و14 و15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع مسؤوليين إيطاليين، حول ملف المهاجرين التونسيين غير الشرعيين، وبالخصوص الذين وصلوا في الفترة الأخيرة، والتقى الوفد التونسي (كاتب الدولة للهجرة عادل الجربوعي ويرافقه نواب تونس الممثلون للجالية التونسية المقيمة بإيطاليا) مع مساعد وزير الخارجية الإيطالي فانسنزو إميندولا وعمدة بالرمو ليولوكا أورلندو، ورئيسة وحدة التصرف في الهجرة جوليا فالزاو، ورئيس مكتب التنسيق للبحر المتوسط، ورئيس تمثيلية إيطاليا ومالطا بالمنظمة الدولية للهجرة فدريكو صودا. 

وحاول كل طرف الدفاع عن مصالح بلده في قضية المهاجرين، وإن كانت روما تسعى بكل السبل إلى ترحيل مئات العالقين، وكفّ التدفق بشتى السبل، معولة على تونس في إحكام السيطرة على حدودها والتصدي لمافيات الهجرة السرية، في حين أن الجانب التونسي المحرج من تداول هذا الملف يبحث عن إيجاد تسوية مع إيطاليا تحافظ على علاقاته معها كشريك اقتصادي ودبلوماسي مهم؛ ومن ناحية أخرى كيفية الحفاظ على سلامة أبنائه ووسائل إيجاد حلول دائمة لمشاكلهم التي دفعتهم للهجرة.

وقال كاتب الدولة للهجرة عادل الجربوعي، بحسب بيان نشره على صفحته الرسمية، إنّه تم خلال جلسة العمل مع نظيره الإيطالي النظر في التقدم في ملف المفقودين التونسيين، وظروف إيقاف المهاجرين غير الشرعيين وسبل تسوية وضعياتهم.


وتمّ التأكيد على ضرورة تجاوز الإشكالات في تطبيق الاتفاق الثنائي في مجال الضمان الاجتماعي بين البلدين. كذلك تمحور اللقاء حول التنسيق بين تونس وإيطاليا في مجال تنظيم الهجرة وإتاحة فرص عمل أكثر للمهاجرين التونسيين، وذلك لما تتميّز به العلاقات التي تجمع البلدين من عمق ومتانة. 

وبيّن المتحدث باسم البرلمان التونسي النائب محمد بن صوف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه تم تباحث أوضاع وضعية نحو 700 تونسي عالقين في نقطة "لمبيدوزا" من الناحية الصحية والنفسية، مشيراً إلى أنه تم التطرق أيضاً إلى الوضع الصعب لقرابة عشرة آلاف تونسي مقيم بشكل موسمي في مقاطعة سيسيليا، بسبب نفاد أوراق إقامتهم وأوراق الثبوت ولضعف التأجير والإحاطة الاجتماعية.

وأضاف بن صوف أنه تم التطرق لملف التونسيين المفقودين والعالقين في السجون وفي مراكز الإيواء ونقاط الإقامة، إذ تم التأكيد على حرص الوفد التونسي على ضمان سلامتهم ومعاملتهم في إطار القانون والاحترام.

ولفت إلى أنه تمت متابعة تنفيذ الاتفاق الذي حصل مع رئيس الوزراء الإيطالي الذي وعد بالترفيع في عدد المهاجرين، في إطار التعاون الثنائي بين البلدين وبشكل منظم وقانوني، مشيراً إلى أن وعود روما لتونس ستنفذ قريباً، بحسب ما أكد مسؤولون.

وتحرص حكومة باولو جينتيلوني الإيطالية على التصدي للتونسيين القادمين بشكل سري ومخالف للقانون ولإرادة السلطات الإيطالية بنفس الحرص على التقليل من نزوح الوافدين غير الشرعيين القادمين من سواحل القارة الأفريقية جميعها، لما يمثله من خطر على أمن روما واستقرار أوروبا، باعتبارها بوابة عبور من جهة ولما تشكله من عبء اجتماعي واقتصادي ومالي على اقتصادها المنهك.

من جهتها، تشكو تونس من تزايد عدد المهاجرين وارتفاع وتيرته، على الرغم من تكثيف حراسة الحدود وإحباطها عشرات العمليات وقبضها على العديد من القوارب المغادرة خلسة.

ووصل إلى إيطاليا نحو 2700 تونسي بطرق غير شرعية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2017، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، في وقت يؤكد فيه وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي أن المهاجرين التونسيين يمثلون 1 في المائة من مجموع المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى إيطاليا مؤخراً.

وذكر تقرير خاص بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ عدد التونسيين المعتقلين لدى السلطات الإيطالية يبلغ نحو 1384 تونسياً من بين 1652 شخصاً تم اعتقالهم بين شهري يناير/ كانون الثاني وسبتمبر/ أيلول 2017 وهم يتسللون إلى السواحل والمياه الإيطالية بطرق غير قانونية.

وقال نفس التقرير إنه تم خلال نفس الفترة إفشال نحو 164 رحلة هجرة غير نظامية، وهو ما يمثل نصف عدد رحلات الهجرة المماثلة المسجلة البالغة 283 في نفس الفترة من سنة 2011.

فيما كشفت بلاغات وزارة الداخلية التونسية أنه خلال الستة أشهر الأولى من عام 2017 تمكنت السلطات من إحباط 54 عملية هجرة غير نظامية في تونس، وتم إيقاف نحو 612 شخصاً، من بينهم 197 من جنسيات أجنبية، خصوصاً من نيجيريا وساحل العاج وغامبيا.

 

المساهمون