أدوية "بير السلّم" تغزو السوق المصري

14 مايو 2016
عدم توفّر أدوية علاجه يهدد حياته (Getty)
+ الخط -

اختفاء أكثر من 65 صنف دواء، خصوصاً أدوية ضغط الدم والسكري والذبحة الصدرية والأورام والكبد وكذلك أدوية الأمراض النفسية والعصبية وحبوب منع الحمل من الصيدليات والمستشفيات المصرية سواء الحكومية أو الاستثمارية، أدّى إلى تدهور أحوال عدد كبير من المرضى. هؤلاء يحمّلون الحكومة مسؤولية تدهور حالتهم الصحية، لا سيّما أنّ اختفاءها قد يؤدي بهم إلى الموت، في ظل عدم وجود بدائل لها في الأسواق.

مع تفاقم الوضع، طالبت لجنة الصحة في مجلس النواب المصري، بضرورة حضور وزير الصحة الدكتور أحمد عبد الهادي إلى المجلس لمناقشة هذه الأزمة، خصوصاً بعدما راح بعض المرضى يفترشون أرضيات المستشفيات احتجاجاً على اختفاء الأدوية وتهديد حياتهم بالموت. إلى ذلك، حذّر عدد من أعضاء مجلس النواب من أنهم سوف يقدّمون طلبات إحاطة للوزير في حال عدم حضوره. بالنسبة إلى النائب عمرو أبو الزيد، فإنّ استمرار الوزير في منصبه خلال التغيير الوزاري الأخير كان خطأ بسبب فشله في معالجة كثير من القضايا والأزمات التي تخبرها المستشفيات ونقص الأدوية واختفائها.

في السياق نفسه، سُجّلت حالة من الغضب في المحافظات المصرية على خلفيّة هذه الأزمة، خصوصاً مع اختفاء أدوية أمراض القلب والسكري، وتلك الخاصة ببعض الحالات الصحية التي تعاني منها النساء بعد عمليات الولادة، وأيضاً تلك الخاصة بحماية حديثي الولادة من الموت. واتهم الأهالي الحكومة بالتقصير في حقهم، مشيرين إلى أنهم يشترون الأدوية بثمن أغلى، بعدما زادت أسعارها بنسبة 40 في المائة. لكنّهم يؤكدون على أنهم راضون بذلك على الرغم من ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، فصحّتهم تستوجب ذلك. لكنّ عدم توفّرها يعدّ كارثة، وسط تحذيرات من ضرورة حلّ الأزمة لتفادي تفاقمها أكثر خلال الأيام المقبلة.




إلى ذلك، يقرّ مصدر مسؤول في وزارة الصحة المصرية اختفاء أنواع من الأدوية من المستشفيات والصيدليات بطريقة لم تحدث من قبل، محذّراً من وقوع كارثة صحية تطاول مرضى كثيرين، بسبب عدم توفّر عدد كبير من الأدوية. ويؤكّد المصدر لـ "العربي الجديد" على أنّ "الوزارة في وادٍ والمرضى في وادٍ آخر. وهو ما دفع الوزير في أكثر من مرّة إلى عدم التوجه إلى البرلمان، خشية تعرّضه لهجوم كبير من قبل أعضاء مجلس النواب". يضيف أنّ التغيّب ليس حلاً، بل يجب عليه الحضور لتوضيح المشكلة وكيفية الخروج منها، مشيراً إلى أنّ "الدواء لا يقلّ أهميّة عن رغيف الخبز بالنسبة إلى المرضى، إلى عدد كبير منهم. وأكثر من ذلك، ربما يتفوّق عليه في كثير من الأحيان، إذ إنّ من الممكن أن يكون ثمّة بديل لرغيف الخبز".

ويشير المصدر إلى أنّه أمام اختفاء الأدوية، ظهرت مافيا "أدوية بير السلم" بالإضافة إلى الغش في الدواء تحت أعين المسؤولين وبعلمهم، سواء في وزارة الصحة أو وزارة الداخلية. يضيف أنّ "الجميع بات يعلم أين تحصل عملية الغش وأين تباع الأدوية المغشوشة، لكنّ أحداً لا يتحرك. وقد وصلت نسبة الغش في الأدوية إلى 25 في المائة من حجم الأدوية المباعة. وهو ما يعدّ كارثة صحية على المواطن". يتابع: "كأنّ المسؤولين في الدولة يريدون مزيداً من القتلى بصمتهم إزاء الغش الحاصل"، نافياً "تنفيذ أي حملات تفتيش على الصيدليات أو المخازن أو شركات توزيع الدواء".

من جهته، يقول مقرّر لجنة الصيادلة في النقابة العامة لصيادلة مصر الدكتور أسامة فراج، إنّ "شركات الأدوية تنهار بسبب ارتفاع سعر التكلفة وارتفاع سعر الدولار"، مشيراً إلى أنّ "استمرار ارتفاع الأسعار بهذه الطريقة من شأنه أن يؤدّي إلى انقطاع أدوية عديدة". ويوضح فراج أنّ "الأدوية الناقصة في السوق حالياً، لا يتوفّر لها أي مثيل أو بديل، وهي أصناف حيوية للمريض. وهذا ما دفع معظم الأطباء إلى عدم تضمينها حالياً روشتة (وصفة) العلاج على الرغم من أنّها من أساسيات العلاج. وهم يختبرون تأثير عدم تنولها".

يتابع فراج أنّ "شركات الأدوية تستورد ما تقرب قيمته من 12 مليار جنيه مصري (أكثر من مليار دولار و350 مليون دولار أميركي) من المواد خام وأخرى تدخل في تصنيع الدواء، من الصين والهند وألمانيا وسويسرا والدنمارك والولايات المتحدة الأميركية. وأمام هذه الشركات حلّان هما، إمّا التوقف عن إنتاج المستحضر أو تخفيض إنتاجه. بالتالي، يصعب الحصول على الدواء حتى تُحرَّك الأسعار". ويؤكّد: "نحن كنقابة خاطبنا الحكومة ممثلة في وزارة الصحة بضرورة إيجاد حلول سريعة وجادة لنقص الدواء في الصيدليات".

المساهمون