دعا رئيس مرصد الحقوق والحريات في تونس، المحامي أنور أولاد علي، السلطات التونسية للتحرك واستعادة مئات الأطفال التونسيين من مخيمات اللجوء بسورية، وذلك خلال جلسة استماع في اللجنة البرلمانية الخاصة بشؤون المرأة والأسرة والطفولة بمجلس الشعب مساء أمس الاثنين.
وأكد أولاد علي أن مرصد الحقوق والحريات بتونس رصد "تواجد مئات الأطفال العالقين في مخيمات اللجوء، إلى جانب نحو 36 طفلاً في مخيمات تشرف عليها فصائل مسلحة كردية" على حد قوله.
وانتقد أولاد علي تقصير الحكومة في الالتزام بواجبها القانوني تجاه الأطفال التونسيين العالقين باعتبارهم ضحايا لاختيارات آبائهم وأهلهم، مشيرا إلى الوضع الصعب والمتردي الذي يمرون به والمخاطر العديدة التي تتربص بهم.
ولفت رئيس مرصد الحقوق والحريات إلى أن الأطفال العالقين لم يتم استشارتهم عند اتخاذ أوليائهم قرار الذهاب إلى سورية للقتال هناك في صف جماعات مسلحة أو إرهابية، ذلك أنهم لم يبلغوا بعد سن التمييز المحددة بـ 13 عاماً.
وكشف أولاد علي أن سن الأطفال الذين أحصى المرصد وضعهم في مخيمات سورية تتراوح بين عام واحد و14 عاماً، حيث ولد عدد هام منهم في بؤر التوتر، مشيراً إلى أن الأطفال التونسيين يتوزعون على عدد من مخيمات تشرف عليها "قوات سوريا الديمقرطية" أهمها مخيمات "الروج" و"القامشلي" و"الهول" و"عين عيسى".
وأضاف أن المرصد يتابع وضع أمهات تونسيات لأكثر من طفل تونسي علقن مع أبنائهن في هذه المخيمات، والتي يغيب عنها الحد الأدنى من ضمان حقوق اللاجئين، حيث يتعرضون لمعاملة قاسية ومهينة من قبل القائمين على المخيمات.
وحمل أولاد علي السلطات التونسية المسؤولية في ما يحصل لرعاياها، مطالبة الحكومة ووزارة الشؤون الخارجية بالتحرك لاستعادة هؤلاء الأطفال تطبيقا لمواثيق مجلة حماية الطفل في تونس.
واعتبر رئيس المرصد أنه من غير المعقول أن تشرع الحكومة في قبول عودة المقاتلين من بؤر التوتر مقابل رفض بذل أي مساعٍ لاستعادة الأطفال العالقين برغم الطلبات المتكررة من أمهاتهم الداعيات لعودة الأطفال إلى تونس.
وبيّن اولاد علي أن هناك هالة إعلامية حول موضوع استعادة الأطفال العالقين في الخارج، مشيرا إلى أن إحصاءات المرصد تفيد بأن عدد الأطفال الذين أعيدوا من ليبيا لا يتجاوز الثلاثة فقط، في وقت يتم مغالطة الرأي العام بأرقام أخرى، متسائلا عن أسباب عدم بذل أي مساع تذكر في شـأن استرجاع نظرائهم العالقين في سورية، رغم أنهم يمثلون الغالبية العظمى للأطفال التونسيين العالقين خارج البلاد.
وحذر من خطورة بقاء هؤلاء الأطفال في مخيمات اللاجئين دون رعاية أو متابعة، مشيرا إلى أن هذا الواقع سيفتح أبواب استغلالهم واستقطابهم من أصحاب الفكر العنيف والمتطرف.
وطالب أولاد علي برفع القيود أمام إسناد الإقامة لفائدة من تزوجوا من تونسيات أو من تزوجن بتونسيين، منتقدا عدم استجابة السلطات لطلبات وجهتها أجنبيات مقيمات بتونس منذ عدة سنوات. وأشار إلى أن مغادرتهن للبلاد في إطار السفر لزيارة بلدانهن الأصل قد يترتب عنه تسليط خطايا مالية في حقهن.
وانتقدت المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش" في بيان سابق "تقاعس" المسؤولين التونسيين في إعادة أطفال وأمهات محتجزين في سجون دول عربية. وتضمن بيان للمنظمة أنه "رغم أن تونس ليست البلد الوحيد المتقاعس عن مساعدة هؤلاء النساء والأطفال العالقين على العودة إلى ديارهم، لكن إحدى أكبر المجموعات من تونس".
وقدرت المنظمة أن نحو 200 طفل ومائة امرأة تونسية "يتم احتجازهم دون تهم لفترات بلغت العامين بصفتهم من عائلات عناصر داعش، غالبيتهم في سورية وليبيا المجاورة وبعضهم في العراق والكثير من الأطفال لم تتجاوز أعمارهم 6 سنوات".
وبحسب إحصاءات المنظمة التي تخص الأطفال التونسيين الموجودين قسرا تحت سيطرة الأكراد في سورية، هناك 107 أطفال و44 امرأة، ومن بين الأطفال مواليد جدد وفئات عمرية أقل من سن ست سنوات.