الازدحام المروري يخنق الرياض وأهلها

14 ديسمبر 2015
ارتفع عدد السيارات مع ارتفاع عدد السكان (فرانس برس)
+ الخط -

في المملكة العربية السعودية مشكلة ازدحام مروري، تتجلى خصوصاً في العاصمة الرياض. فالمدينة التي يزيد عدد سكانها عن 6 ملايين نسمة لم تعد المشكلة فيها مرتبطة بأوقات الذروة مع بدء دوام موظفي الدولة وانتهائه بل تتعدى ذلك إلى كلّ الأوقات. فالرحلة التي كان سكان الرياض يقطعونها في أقل من ربع ساعة، باتت تحتاج إلى أكثر من ساعة بالرغم من أنّ المسافة لا تتجاوز أحيانا 5 كيلومترات فقط، وهو ما قد يتسبب بمشاكل اجتماعية ونفسية.

بلغ الازدحام المروري في الرياض أشده مع بدء تنفيذ مشروع مترو الرياض الذي يتطلب إنجازه ثلاثة أعوام أخرى. معظم الشوارع الرئيسية مغلقة لأعمال الحفر، مما يحول الضغط إلى شوارع صغيرة في الأساس. كذلك، تعاني الرياض من سوء تنظيم مروري عموماً. يقول المهندس أحمد السيف، المتخصص في هندسة الطرق، إنّ الكثير من مشاكل الازدحام يمكن التحكم فيها، لكنّ إدارة المرور تساهم بشكل كبير فيها بسبب إغلاق بعض التحويلات المهمة، وإجبار مئات الآلاف من السيارات على المرور من طريق واحد لا يتجاوز مسارين. يضيف لـ"العربي الجديد": "المشكلة أنّ رجال المرور يشاهدون الاختناقات المرورية ولا يتحركون، فقط ينتظرون مخالفة لتسجيلها، مع أن دورهم الأساسي هو ضبط حركة المرور لا ضبط المخالفين". يشدد السيف على أنّ تهور السائقين وتجاوزهم المسارات يساهم كثيراً في مضاعفة المشكلة. ويتابع: "قضاء رحلة بالسيارة في الرياض، عذاب حقيقي. كنت أصل إلى العمل في 20 دقيقة قبل أربعة أعوام، الآن أحتاج أكثر من ساعة ونصف الساعة. أمضي يومياً ثلاث ساعات فقط للذهاب والعودة من العمل، وسط شوارع ضيقة وسيارات متراكمة، ومخارج مغلقة بسيارات المرور. وعندما يقع حادث على الطريق يتحول الأمر إلى مأساة حقيقية، قد ننتظر ثلاث ساعات قبل أن يعود رتل السيارات للتحرك من جديد".

تبلغ مساحة الرياض 1435 كيلومتراً مربعاً. تنقسم إلى ثماني مناطق رئيسية أكبرها العليا في الشمال والمربع في الوسط والبديعة في الغرب والبطحاء في الشرق. الأخيرة هي الأكثر معاناة من الازدحام كونها أقدم أحياء الرياض وأكثرها سكاناً وأقدمها تخطيطاً.

لا تكمن المشكلة في تأخر الموظفين عن أداء عملهم فقط والمواطنين عن قضاء حوائجهم، بل تتجاوزها إلى تأثر أداء فرق الدفاع المدني والإسعاف. وهو أمر يهدد حياة الكثيرين يومياً. فالازدحام الشديد الذي سيتضاعف في السنوات الثلاث المقبلة بسبب مشاريع النقل العام سيضاعف من مشاكل فرق الدفاع المدني التي لا تملك وقتاً تقضيه وسط الشوارع. يؤكد المهندس حمد الرويعي أنّه كان بالإمكان تلافي الكثير من هذه المشاكل المرورية لو أنّ القائمين على تخطيط مدينة الرياض احتاطوا للارتفاع الكبير في عدد السكان. يفسر لـ"العربي الجديد": "قبل عشر سنوات كان عدد سكان الرياض لا يتجاوز مليوني نسمة، واليوم تجاوز ستة ملايين بسبب الهجرة الكبيرة من المدن الصغيرة إلى العاصمة، واستقدام عدد كبير من الوافدين، خصوصاً السائقين. ففي الرياض وحدها أكثر من 1.9 مليون سيارة، وتتضاعف السيارات في السعودية بشكل كبير سنوياً".

يضيف الرويعي: "عندما تم تخطيط مدينة الرياض لم تراع الأمانة الارتفاع السنوي في عدد السكان والسيارات، وأصرت على تصميم الشوارع الرئيسية بثلاثة مسارات فقط. هذه المسارات كانت كافية قبل عشر سنوات، أما اليوم فهي تشكل أزمة للجميع، فسيارات الدفاع المدني والإسعاف تعاني كثيراً قبل الوصول لأهدافها، إضافة إلى أنّ تأخرها قد يودي بحياة أشخاص".
يأمل سكان الرياض أن يحلّ مشروع المترو الذي سيكلف أكثر من 22 مليار دولار أميركي الأزمة، لأنه سيوفر على كثيرين شراء السيارات، والتنقل عبر مشاريع النقل العام التي تشمل أيضاً محطات للباصات الجديدة بدلاً من الباصات الحالية المهترئة، والتي تزيد من المشكلة.
من جهته، يؤكد الطبيب فهد الشهري أنه لم يعد يستطيع الاحتمال أكثر، فهو يقضي أكثر من أربع ساعات في الازدحام المروري للذهاب إلى عمله أو إلى منزل والدته والعودة منهما.

ويقول لـ"العربي الجديد": "عندما حسبت الوقت الذي أمضيه في السيارة، وجدت أنني أمضي يومياً ما لا يقل عن أربع ساعات. وفي بعض الأوقات يمتد إلى خمس ساعات أو ست، هذا الأمر لم يعد محتملاً". ويضيف: "أنتظر مثل كثيرين تشغيل مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام، على أمل أن يحلّ جزءاً كبيراً من المشكلة. وإن لم ينجح ذلك، فالحلّ الأخير هو الانتقال إلى مدينة أقل ازدحاماً مثل الخبر في المنطقة الشرقية أو حائل، فمن غير الصحي قضاء كل هذا الوقت في السيارة، وسط أجواء مناخية بالغة الصعوبة".

اقرأ أيضاً: السعودية تشدد عقوبة استخدام الجوال أثناء القيادة
دلالات