وأدّت عمليات التصعيد الجوي والبري على القرى والبلدات والعمل العسكري البري، إلى تأخير الامتحانات عن الموعد المحدد، وذلك بسبب حركة النزوح الكبيرة التي شهدتها المناطق، بالإضافة إلى استهداف مراكز التعليم والمدارس وخروج معظمها عن الخدمة بشكل كامل، في حين تحاول كل من مديريتي التربية والتعليم الحرة في حماة وإدلب استمرار تعليم الطلاب وإجراء الامتحانات، وتبذل لجنة الطوارئ في تلك المناطق جهوداً في هذا الخصوص، إذ يتم تجهيز مراكز لإجراء الامتحانات في عدة بلدات في ريف إدلب الشمالي والتي تعتبر بعيدة عن مناطق القصف.
ويبلغ عدد المتقدمين لهذه المراكز لإجراء الامتحانات أكثر من 26 ألف طالب وطالبة من طلاب المرحلة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي، وأكثر من 16 ألف طالب وطالبة في التعليم الأساسي، علماً أن نسبة كبيرة أخرى لن يتمكنوا من تقديم الامتحانات بسبب عدم تواجدهم في أماكن قريبة من المراكز التي تمت إقامتها.
وقال أحمد هكوش مدير التربية والتعليم الحرة في حماة لـ"العربي الجديد"، إنّ "وزارة التربية والتعليم تعمل بكل إمكانياتها على مواكبة الظروف الطارئة وتوفير جميع الوسائل التي تسهم في مساعدة الطلاب والتخفيف من وطأة الظروف التي عصفت بهم وبالمنطقة، بينما تبقى أعداد الطلاب النازحين من ريف إدلب الجنوبي غير دقيقة بسبب تفاوت موجة النزوح من تلك المناطق، ومع ذلك يستطيع أي طالب تغيير مركزه الامتحاني عبر الرابط الذي أطلقته المديرية".
بدورها أعلنت مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب عبر قنواتها الرسمية، أنها ستجري الامتحانات العامة لطلاب الشهادتين في الموعد الجديد حتى لو كانت في ظلال أشجار الزيتون "وذلك لكي لا تضيع هذه السنة الدراسية من عمر الطلبة".
وقالت المديرية بمنشورات لها عبر صفحتها في فيسبوك إن "20 ألف طالب سيقدمون امتحاناتهم حتى وإن أنشأنا مراكز امتحانية تحت أشجار الزيتون" وأضافت: "مستمرون بامتحاناتنا رغم قصف النظام وروسيا لمدارسنا وسنبقى نحمل رسالة التعليم إلى آخر معلم فينا وآخر مقعد دراسي يبقى لدينا".
ولاقى موقف المديرية ترحيباً من أهالي الشمال على مواقع التواصل الاجتماعي الذين أكدوا على أهمية العلم في مواجهة أعداء الثورة السورية، وطالب آخرون بمراعاة الظرف الاستثنائي للطلبة الذين اشتدت الحملة العسكرية في مناطقهم مؤخراً وأُجبروا على النزوح، وذلك بمنحهم المزيد من الوقت والعمل على ضمان عدم حرمان أيّ طالب من تقديم الامتحانات.
ويصف الطالب خالد الشحاذة (18 عاماً) وهو طالب في الصف الثالث الثانوي العلمي لـ"العربي الجديد" حاله وربما حال المئات مثله من طلاب الشهادات هذا العام، موضحاً أن "ضاع كلّ حلم كنت أرنو إليه في مستقبلي، لا أعتقدُ أنني سأنجح في تحقيق شيء يذكر في امتحانات هذا العام".
خالد من أبناء قرية الكركات في ريف حماة الشمالي، ومثله الكثير من زملائه ممن تضيع أحلامهم وتتلاشى آمالهم في مهبِّ عاصفة النزوح التي ضربت ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي إثر الهجمة المستمرة التي يقوم بها النظام السوري مؤخراً على المنطقتين المذكورتين، حيثُ يعتبر الصف التاسع الأساسي والثالث الثانوي من المراحل المفصلية والأكثر أهمية في تحديد مستقبل الطلبة واختصاصاتهم.
بدوره يروي عباس المحمد (15 عاماً)، وهو طالبٌ في الصف التاسع الأساسي من قرية شهرناز لـ"العربي الجديد" معاناته مع أهله خلال موجة النزوح التي أجبروا عليها والتي تمت على عدة مراحل.
يقول: "خرجنا من القرية بشكل مفاجئ وبسرعة بعدما أصبح القصف يستهدف البيوت والمباني بشكل مركّز، وكنا في المدرسة لم ننته من المنهاج المحدد بشكل كامل سوى بعض المواد، حمل أهلي ما استطاعوا أن يحملوه في سيارة صغيرة وبدأت ألملم بعض كتبي ودفاتري لأحملها معي ولم أجلبها معي جميعها أملا في توقف الحملة وإطلاق النار، خرجنا بدايةً لقرية مجاورة تبعد عن قريتي بضعة كيلومترات وهي آمنة نسبياً من قريتنا، حيث جلسنا في ضيافة أحد أصدقاء العائلة، كان جميع أفراد عائلتي في غرفة واحدة، فكيف يتسنى لي أن أدرس في هذه الأجواء والضجة".