انتفاضة من جديد

15 ديسمبر 2017
الخبر المبهج الوحيد هو اندلاع انتفاضة (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -

أغلب الأخبار عن فلسطين حزينة طيلة العقود السبعة الماضية، ربما يظل الخبر المبهج الوحيد هو اندلاع انتفاضة، انتفاضات فلسطين عادة بعيدة عن مزالق الحزبية والتبعية، فلا فتح ولا حماس، وإنما شبان وفتيات فلسطينيون.

خاض الفلسطينيون انتفاضات سابقة ضد الاحتلال الإسرائيلي، تفاعل معها المحكومون العرب قبل الحكام دائماً، وانحصر تفاعل الحكام عادة في الشجب والتنديد.

لا تجد الانتفاضة الجديدة الرافضة لاعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للاحتلال نفس الصدى العربي السابق، حتى الآن، وإن كانت بعض التظاهرات المتناثرة في عدد من الدول العربية تعتبر موقفاً قوياً.

لم تخرج أفواج الشعوب الهادرة المعتادة، إلا في الأردن الذي يضم ملايين الفلسطينيين. ربما يبرّر البعض الأمر بالكوارث المتلاحقة التي ضربت البلدان التي كانت تنتفض سابقاً، أو بالقهر والقمع القائم في كثير من بلدان العرب.

كانت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، محقة تماماً في تصريحها الذي قالت فيه إن بعض المعارضين والمشككين في بلادها كانوا يخشون من غضب عربي مدمر في حال إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، مضيفة أن الأيام مرت ولم ينتج عن الغضب العربي أي موقف أو قرار.

بدأت علاقتي بالقمم العربية والإسلامية في سن العاشرة. من القمة العربية سنة 1987 في العاصمة الأردنية. تقرر في البيان الختامي للقمة استرجاع كافة الأراضي العربية المحتلة والقدس الشريف كأساس للسلام، وبناء القوة الذاتية للعرب، وإدانة الإرهاب الدولي.

على مدار الثلاثين سنة الماضية، واصلت متابعة القمم العربية والإسلامية. وكانت كلها تقريباً متشابهة في بيانات التنديد والشجب والكلام الفارغ من أية أفعال. وآخرها القمة الإسلامية التي انعقدت الأربعاء في تركيا، والتي لم تخرج بأية قرارات تحمي القدس من التغول الإسرائيلي، أو توقف الانحياز الأميركي للكيان الصهيوني، أو تلجم الهرولة العربية والإسلامية نحو التطبيع مع الاحتلال.

يظن البعض أن تحرير القدس سيكون بداية للتحرر العربي، بينما الواقع أن التحرر العربي بات شرطاً لتحرير القدس، وطالما ظل الحكام العرب منفصلين عن تطلعات ورغبات شعوبهم، أو يعملون وفق أجندات مفروضة من الخارج الذي يحمي بقاء حكمهم، فلا أمل في التحرر.

المنطقي ألا تتوقف الانتفاضة عند الغضب من المحتل، وأن تمتد إلى إعلان الغضب من الخنوع العربي المتواصل الذي يشجع ترامب ونتنياهو وبوتين وغيرهم على التدخل في شؤون العرب ليل نهار.

المساهمون