رمضان إيران... "آش رشته" و"حليم"

24 يونيو 2016
تصلّي خلال شهر رمضان (فاطمة بحرامي/الأناضول)
+ الخط -
تختلف عادات شهر رمضان في إيران مقارنة مع البلدان العربية. بحسب قوانين الجمهوريّة الإسلامية، يُفرض على المطاعم والمقاهي إغلاق أبوابها خلال أوقات الصيام، على أن يُسمح لها باستقبال الزبائن بدءاً من وقت الإفطار وحتى السحور. أمرٌ يجعل كثيرين يقصدونها في أوقات متأخرة، علماً أن هذا الأمر يختلف من منطقة إلى أخرى. على سبيل المثال، فإن المناطق الشعبيّة الواقعة جنوب العاصمة طهران، تكون أكثر ازدحاماً بعد الإفطار، مقارنة مع بقيّة المناطق الواقعة شمال وغرب المدينة نفسها (ذوي الدخل المتوسّط والأغنياء).

حين يتعلّق الأمر بالطعام، تختلف عادات الإيرانيّين. عند حلول وقت الإفطار، يحرص الصائمون في الجمهوريّة الإسلامية على تناول التمر مع القليل من الحليب الدافئ أو الشاي. ثم يتناولون الجبنة البيضاء التي تقدّم مع بعض الأعشاب التي تسمّى "سبزه"، ويعد الريحان أبرز مكوناتها. يضاف إليها الجوز، وتؤكل مع نوع خاص من الخبز يسمّى "السنكغ"، وهو رغيف بحجم كبير يخبز على الحجارة. كذلك، يتناولون قطعة أو اثنتين من حلوى "الزلابيا" المعروفة في بعض البلدان العربية.

ويعدّ حساء "آش رشته"، وهو حساء الإيرانيّين التقليدي في شهر رمضان، وجبة متكاملة وصحية تغني عن تناول وجبة أخرى خلال الإفطار. وتتكوّن من الحبوب والبقوليات المتنوعة، على غرار الحمص والعدس والفاصوليا والبقدونس والسبانخ والكراث والبصل والثوم المقلي والنعناع. كذلك، تضاف إليها الشعيرية، أو يمكن إضافة مكوّنات أخرى لهذا الحساء.
ويفضّل آخرون تناول "الحليم"، وهو غذاء رمضاني بامتياز. يعدّ نوعاً من المقبّلات، ويتكوّن من القمح أو الشعير والدجاج واللحم. وقبل وقت الإفطار، يصطفّ الإيرانيون لشراء حسائهم وخبزهم، وتنشط محال معينة وبعض الباعة الجوالين ممن يقرّرون تولّي إعداد الحساء وغيرها من المهام في رمضان. ويحرص الإيرانيون، حتى من غير الصائمين منهم، على شراء هذه الأطعمة.

ليلة القدر

بعد تناول هذه المأكولات بشكل معتدل، يرتاح الصائمون نحو ساعتين إلى أن يحين وقت العشاء. عادة ما يفضّل الصائمون من الإيرانيين تناول وجبة ثقيلة، أو يتناولون وجبة أخرى في وقت السحور، ما يجعل إفطارهم يأتي على مراحل.



تختلف طقوس هذا الشهر من منطقة إلى أخرى. على سبيل المثال، لم تعد المدن الكبرى تشهد طقوس رمضان القديمة، بعدما طغت الحياة العصرية على تفاصيل الحياة. وبات سكّانها أكثر انشغالاً، حتى لم يعد لهذا الشهر خصوصيّته، باستثناء بيع الأطعمة الخاصة بالشهر الكريم.
إلى ذلك، يحرص الإيرانيّون على إحياء ليلة القدر. يقصدون المساجد خلال الأيام العشرة الأخيرة من هذا الشهر، ويقيمون مراسم العزاء، إحياءً لذكرى مقتل الإمام علي بن أبي طالب، والذي يوافق العشرين من رمضان.

موسيقى خاصة

في ما مضى، كان الإيرانيّون يعزفون موسيقى خاصة عندما يرون هلال رمضان ويقرعون الطبول للإعلان عن قدوم الشهر الكريم، وتعزف الموسيقى أيضاً عند حلول عيد الفطر. كذلك، كانوا يبدؤون التحضير للشهر الكريم قبل ثلاثة أيام، ويصعدون إلى أسطح المنازل ويكبّرون.
سابقاً أيضاً، وتحديداً في كاشان الواقعة وسط البلاد، كانت تقام مراسم خاصة في ليلة الـ27 من رمضان. تحضر العروس المتزوّجة حديثاً بثوب أبيض إلى المسجد للصلاة. وبعد تأدية صلاتي المغرب والعشاء، تقدّم الحلوى والتمر، إذ يؤمن بعض المواطنين بأن هذا الطقس يعني أنها لن تنفصل عن زوجها، وستعيش حياة كريمة معه.

وفي محافظة خوزستان (جنوب البلاد)، والتي يسكنها عرب إيران، يحرص الصائمون حتى الوقت الراهن على إقامة مراسم وطقوس منتصف الشهر. يرتدي الأطفال الملابس التقليدية الخاصة بالمنطقة، ويطرقون أبواب الجيران لجمع الحلوى المحضّرة خصيصاً لهم، وتقام طقوس شبيهة في مدينة كاشان أيضاً.

16 ساعة 

تختلف طقوس شهر رمضان في إيران من منطقة إلى أخرى. وعادة ما يعمل الموظفون ساعات أقل علماً أن فترة الصيام تعد طويلة، وتصل إلى 16 ساعة. من جهتها، عمدت المدارس الإيرانية إلى إنهاء الامتحانات قبل بداية الشهر الكريم، حتى لا يضطر التلاميذ إلى الدراسة أو الخروج من منازلهم في ظل ارتفاع درجات الحرارة.