الرجل لم يدخل المنزل بعد

13 يونيو 2015
يحمل طفلته على كتفيه (Getty)
+ الخط -
بحثتُ عن الغرفة المخصصة للأطفال في أحد مطارات ألمانيا، لأجدها في مراحيض النساء. أغضبني لوهلة هذا الربط التلقائي بالمهام والأدوار. نظرت بخبث إلى إشارة مراحيض الرجال، لأتأكد من وجود نفس الإشارة عليها. بالفعل، كانت كذلك. ابتسمت لأن النظام يشجع تقاسم الأدوار بين النساء والرجال.

أسيرُ في شوارع بعض مدن أوروبا، وأرى الأشياء من عدسة عيني الجندرية. لكن في رأسي، ما زالت كثير من الصور النمطية والتقليدية. هو شعور بالدهشة ممزوج بالفخر لدى رؤية نساء يقدن دوريات للشرطة ليلاً في الشارع مثلاً، أو يقدن القطارات بين البلدان الأوروبية، وخلال نوبات عمل مسائية وليلية. هذا المشهد الذي أثار دهشتي يعد عادياً لدى الناس في المجتمعات الأوروبية. ابتسمت مجدداً بسبب تكريس تبادل الأدوار بين الجنسين.

هذه الانطباعات الجندرية الإيجابية التي راودتني خلال إجازة أقضيها في أوروبا، رغبت في تأكيدها من خلال تعميق النظرة إلى واقع حال النساء في أوروبا. وبحسب إحصائيات اليوروستات لعام ٢٠١٥، فإن الفجوة في الأجور ما زالت موجودة، وبلغت في مجمل أوروبا 16.4 في المائة، و20 في المائة في كل من ألمانيا والنمسا وأستونيا. كما أن النساء في مجمل البلدان الأوروبية لا يحتللن سوى منصب من أصل ثلاثة في الإدارات العليا.

مع ذلك، تسعى بلدان الاتحاد الأوروبي جاهدة إلى تقليص الفجوة من خلال سن عدد من القوانين، وخصوصاً ألمانيا التي تدرس قانوناً يلزم الشركات المسجلة بتخصيص 30 في المائة من مقاعدها في المجالس غير التنفيذية للنساء. الجهود في بعض بلدان أوروبا جدية، والمشهد الجندري العام كسر نمطية الأدوار بجدية. لكن بحسب رئيسة العمليات في المعهد الأوروبي للمساواة الجندرية، تيريز مورفي، تبقى هذه الجهود غير قادرة على تحقيق المساواة والإنصاف المرجوين، طالما ليس هناك مساواة في الأدوار المقابلة، وتحديداً لناحية قيام الرجل بالمهام الرعائية.

دخلت النساء إذاً سوق العمل من بابه العريض، وتولت مهام ومناصب وهي في طريقها الى المناصفة. لكن الرجل لم يدخل المنزل بعد بهوية ودور مختلفين. لعل الدول الإسكندنافية، من بين العديد من بلدان أوروبا، تعد الأكثر كرماً بمنح الرجال إجازة أبوة. المنظومة العامة ما زالت تتوقع من الرجال تكريس وقتهم للعمل المنتج. وحتى تتساوى الأعباء داخل المنزل (كما خارجه)، قد تصبح إشارة تغيير حفاضات الأطفال على باب حمامات الرجال في المطارات والمقاهي أكثر فاعلية.

*ناشطة نسوية

إقرأ أيضاً: انقلاب ناقص للأدوار
المساهمون