إجراءات خدمات الصحة البريطانية لمواجهة كورونا

27 مارس 2020
استنفار في بريطانيا لمواجهة كورونا (دان كيتوود/ Getty)
+ الخط -
كما هو الحال في سائر البلدان، يضع انتشار فيروس كورونا الخدمات الصحية البريطانية تحت ضغط متزايد مع تجاوز عدد المصابين عتبة 11 ألفاً و500 شخص. ومع وصول عدد الوفيات الكلي في بريطانيا إلى 578 حالة بسبب جائحة كورونا، تعتزم الخدمات الصحية تطبيق عدد من الإجراءات الخاصة بهدف تعزيز قدرتها على التعامل مع الأزمة، بخاصة مع توقعات في ارتفاع كبير في أعداد الحالات الحرجة بداية الشهر المقبل. 

وتشمل العاصمة لندن أكبر عدد من الإصابات، ما دفع الخدمات الصحية الوطنية إلى نقل عدد من الطواقم الطبية من مدن أخرى إلى العاصمة للتعامل مع "تسونامي" كورونا.

ونقلت صحيفة "ذا غارديان" عن مصادرها في الخدمات الصحية أن الإجراءات الخاصة ستشمل إقامة الأطباء في بعض المستشفيات التي يعملون فيها لمدة ستة أسابيع، وتعديل معايير العمل بحيث يمكن للممرضين العناية بأعداد أكبر من المرضى.
كما طلبت الخدمات الصحية في فرعها ببريطانيا من المستشفيات التابعة لها إرسال الفائض من المختصين في قطاع التمريض، وخاصة العناية المشددة، إلى العاصمة لندن.
وتشمل الإجراءات الأخرى احتمال تطوير أجهزة التنفس لتساعد مريضين في الوقت ذاته، مما يضاعف من قدرة المستشفيات بشكل فوري. كما ستصل أعداد أسرة العناية المشددة في لندن إلى 7500 بحلول نهاية الأسبوع المقبل، لتتضاعف أعدادها 27 مرة، حيث كانت 275 فقط في بداية الأزمة.
وعلى الرغم من تضاعف قدرة مستشفيات العاصمة الاستيعابية، إلى أن مسؤولي الصحة في بريطانيا قلقون من سرعة امتلاء أسرة العناية المشددة في العاصمة، ومما يزيد من المخاوف الصحية عدم إمداد العاملين في الخدمات الصحية بالوقاية الكافية من احتمال إصابتهم بالفيروس.
ويخشى الأطباء من أنهم أصبحوا جزءاً من المشكلة نتيجة عدم توفر ما يكفي من الفحوص والعوز في التجهيزات الوقائية، وخاصة خارج المشافي. ونتيجة تعرضهم لمرضى حاملين للفيروس فإن احتمال إصابتهم مرتفع، وكذلك احتمال نقلهم العدوى لمرضى آخرين. وتتضاعف المشكلة أيضاً عندما يتجه العاملون في القطاع الصحي للعزل الذاتي، الذي قد يستمر لأكثر من أسبوعين في وقت تحتاج فيه المشافي إلى خدماتهم.
وإلى جانب لندن، تشهد المنطقة الوسطى الغربية "ويست ميدلاندز" ارتفاعاً حاداً في أعداد الوفيات بين المصابين بفيروس كورونا. ومن بين 115 حالة وفاة تم تسجيلها في بريطانيا في آخر التحديثات، كان 40 منها في هذه المنطقة، وليرتفع عدد الوفيات الكلي فيها إلى 112.
ولكن أزمة كورونا لا تخلو من النواحي الإيجابية، حيث أدت حالة الإغلاق التام في بريطانيا إلى تراجع مستويات التلوث في المدن الكبرى بشكل حاد. ومع تراجع حركة السيارات والمواصلات العامة، انخفضت أيضاً مستويات انبعاثات الغازات السامة.


وتكشف البيانات تراجع التلوث في لندن بنسبة الثلث إلى النصف وفي كل من برمنغهام وبريستول وكارديف. وتراجع بنسبة الربع في كل من مانشستر ويورك وبلفاست. وقال المحاضر جيمس لي، من جامعة يورك، والعامل على تحليل البيانات في المركز الوطني لعلوم المناخ، في تصريح له "لقد أصبح الهواء أكثر صحة"، مضيفاً أن تراجع مستويات التلوث "له أثر كبير على صحة الناس".
وتابع قائلا "هذه التحولات هائلة. إن مستويات التلوث الحالية أشبه بأن نكون في إجازة، مثل عطلة عيد الفصح. أعتقد أننا سنشهد تحولاً إيجابياً أكبر مع تبدل الطقس"، وذلك في إشارة إلى موعد هبوب الرياح الغربية الآتية من الأطلسي، بعكس الرياح الشرقية الحالية التي تجلب التلوث من القارة الأوروبية.

كما شهدت مدن بريطانية يوم أمس حملة تصفيق عند الساعة الثامنة مساء، تعبيراً عن امتنان البريطانيين للجهود التي يبذلها العاملون في القطاع الصحي، وشهدت الحملة خروج المواطنين إلى الشرف وعتبات المنازل والتصفيق الحار.
أما على الصعيد السياسي، فقد ألغيت جولات التفاوض بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على فترة ما بعد المرحلة الانتقالية، والتي تحدد العلاقة المستقبلية بين الجانبين بعد بريكست، بسبب جائحة كورونا. وتعاني الحكومة البريطانية من الضغوط التي تفرضها أزمة كورونا، لدرجة أنها لم تنشر بعد النص القانوني الشامل الذي يفترض أن تستمر المفاوضات بناء عليه، ويزيد من تعقيد الوضع أيضاً إصابة رئيس الوزراء، بوريس جونسون ووزير الصحة مات هانكوك بفيروس كورونا.

وكان مبعوثو العواصم الأوروبية في بروكسل قد أبلغوا يوم أمس الخميس باستحالة إجراء المفاوضات عن طريق الدوائر التلفزيونية المغلقة. ولا يزال الطرفان، بروكسل ولندن، يسعيان للتوصل لطريقة تحافظ على استمرار المفاوضات في الأسابيع المقبلة.
وكانت حكومة جونسون قد أعلنت أنها لن تمدد الفترة الانتقالية إلى ما بعد نهاية العام الجاري، ولتترك بذلك وقتاً ضئيلاً للتوصل إلى اتفاق دائم مع الاتحاد الأوروبي يحل مكان المرحلة الانتقالية بداية عام 2021.