استشهد الأسير الفلسطيني سامي أبو دياك (36 عاما) من بلدة سيلة الظهر جنوب جنين شمال الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، بعد أعوام من إصابته بالسرطان داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وعانى أبو دياك من إهمال طبي، ورفضت سلطات الاحتلال الإفراج عنه نتيجة تدهور حالته الصحية في الفترة الأخيرة.
وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدري أبو بكر في حديث لـ"العربي الجديد"، نبأ استشهاد الأسير أبو دياك فجر اليوم، في مستشفى سجن الرملة، موضحاً أن إدارة السجون الإسرائيلية أبلغت قيادة الحركة الفلسطينية الأسيرة أن أبو دياك قد فارق الحياة منتصف الليلة الماضية.
وأكد أبو بكر أن الحركة الفلسطينية الأسيرة أعلنت الاستنفار، وأعادت وجبات الطعام احتجاجاً على استشهاد أبو دياك، فيما أشار إلى أن الهيئة ستقدم عبر دائرتها القانونية دعوى مستعجلة لتسليم جثمان الشهيد أبو دياك.
من جانبها، قالت هيئة الأسرى في بيان وصلت نسخة منه إلى "العربي الجديد"، "إن استشهاد أبو دياك جاء بعد أشهر طويلة من التحذير من خطورة الحالة الصحية للأسير، ومن أنه سيسقط شهيدا في أية لحظة بسبب جريمة الإهمال الطبي والقتل المتعمد من قبل الاحتلال".
بدوره، قال نادي الأسير الفلسطيني في بيان له، "إن إدارة معتقلات الاحتلال بدأت بقتل الأسير أبو دياك قبل إصابته بالسرطان، والذي نتج عن خطأ وإهمال طبي متعمد، كجزء من إجراءات التعذيب التي تنفذها إدارة معتقلات الاحتلال بحق الأسرى".
وأشار النادي إلى أنه منذ عام 2015 تعرض أبو دياك لخطأ طبي عقب خضوعه لعملية جراحية في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، حيث تم استئصال جزء من أمعائه، وأُصيب جرّاء نقله المتكرر عبر ما تسمى بعربة "البوسطة" - التي تُمثل للأسرى رحلة عذاب أخرى- بتسمم في جسده وفشل كلوي ورئوي، وعقب ذلك خضع لثلاث عمليات جراحية، وبقي تحت تأثير المخدر لمدة شهر موصولاً بأجهزة التنفس الاصطناعي، إلى أن ثبتت لاحقاً إصابته بالسرطان، وبقي يقاوم السرطان والسّجان إلى أن فارق الحياة اليوم بعد (17) عامًا من الاعتقال.
والشهيد أبو دياك من بلدة سيلة الظهر في محافظة جنين، اعتقله الاحتلال في تاريخ 17 يوليو/ تموز عام 2002، بتهمة مقاومة الاحتلال، وحُكم عليه بالسّجن المؤبد ثلاث مرات، و(30) عامًا، وله شقيق آخر أسير وهو سامر أبو دياك وهو كذلك محكوم بالسّجن مدى الحياة، حيث رافقه طوال سنوات مرضه فيما يسمى بمعتقل "عيادة الرملة" لرعايته.
وأكد نادي الأسير أنه وفي كل المحاولات التي جرت للإفراج عنه، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت ذلك رغم تيقنها من أنه وصل إلى المرحلة الأخيرة من المرض، وأبقت على احتجازه في معتقل "عيادة الرملة" التي يطلق عليها الأسرى بالمسلخ، وكانت قد عينت جلسة في تاريخ الثاني من ديسمبر/كانون الأول المقبل، للنظر في قضية الإفراج المبكر عنه.
وللأسير أبو دياك خمسة أشقاء من بينهم شقيقه سامر، إضافة إلى والديه الذين حرما من وداعه اليوم.
وكانت آخر رسائله من المعتقل: "إلى كل صاحب ضمير حي، إنني أعيش في ساعاتي وأيامي الأخيرة، أريد أن أكون في أيامي وساعاتي الأخيرة إلى جانب والدتي وبجانب أحبائي من أهلي، وأريد أن أفارق الحياة وأنا في أحضانها، ولا أريد أن أفارق الحياة وأنا مكبل اليدين والقدمين، وأمام سجان يعشق الموت ويتغذى، ويتلذذ على آلامنا ومعاناتنا".
يُشار إلى أن أبو دياك هو الأسير الثاني الذي قتله الاحتلال بشكل بطيء نتيجة الإهمال الطبي، فقد سبقه خلال هذا العام الأسير بسام السايح الذي ارتقى في تاريخ الثامن سبتمبر/أيلول 2019، وبذلك يرتفع عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة منذ عام 1967م، إلى 222 شهيداً، من بينهم (67) أسيراً قتلوا عبر سياسة الإهمال الطبي المتعمد.
وبذلك يكون عدد الشهداء الذين قتلهم الاحتلال منذ مطلع العام الجاري 2019، خمسة شهداء، وهم: فارس بارود، وعمر عوني يونس، ونصار طقاطقة، وبسام السايح بالإضافة إلى سامي أبو دياك.
وحمّل نادي الأسير سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن قتل الأسير أبو دياك عبر سياسات التعذيب الممنهجة ومنها سياسة الإهمال الطبي التي تستخدم فيها الحق في العلاج كأداة للتنكيل بالأسير، حيث تنفذ ذلك عبر العديد من الإجراءات منها: حرمان الأسير من العلاج أو المماطلة في تقديمه، والكشف المتأخر عن المرض، بسبب المماطلة في إجراء الفحوص الطبية والنقل إلى المستشفيات.
يُذكر أنه ما يزال هناك العشرات من الأسرى الفلسطينيين ينتظرون منذ سنوات إجراء عمليات جراحية، وبعضهم وصل إلى مرحلة يصعب فيها تقديم العلاج له، عدا عن ظروف الأسر التي لا تتوفر فيها أدنى الشروط الصحية للأسرى، والتي تسببت بإصابة المئات من الأسرى بأمراض مختلفة.