كيف أضرّ التغيّر المناخي بصحة الملايين حول العالم؟

31 أكتوبر 2017
صحة الأشخاص تضررت بالتغيرات (ليونيل بونفوتنور/Getty)
+ الخط -
كشفت دراسة حديثة أجرتها لجنة الصحة وحماية المناخ التابعة لدورية "لانست العلمية" أنّ صحة مئات الملايين من الأشخاص في العالم تضررت بالفعل جراء  تغير المناخ.

وجاءت هذه النتائح في دراسة بعنوان "لانسيت كاونتداون"، نشرت في مجلة لانسيت وأجراها باحثون في 26 مؤسسة حول العالم، بما في ذلك العديد من الجامعات ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة. 

وقالت الدراسة إنّ نحو 125 مليون شخص فوق 65 عاماً على مستوى العالم تعرضوا خلال الفترة من عام 2000 حتى عام 2016 إلى موجات حر، تسببت لهم في عواقب صحية أثرت على سبيل المثال على الدورة الدموية.

وبحسب الدراسة فإن الموجات الحارة والحساسية لفترات طويلة علاوة على تلوث الهواء الناجم عن حرق الوقود الأحفوري يسبب أيضا ملايين الوفيات المبكرة كل عام، في حين أن الأضرار التي لحقت بالمحاصيل من الطقس المتطرف تهدد ملايين الأطفال بالجوع.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة إلى خفض إنتاجية الأفراد في المناطق الريفية خلال نفس الفترة الزمنية بنسبة 5.3 في المائة.



وأشارت في الوقت نفسه إلى تزايد انتشار عدوى حمى الضنك، بسبب ظهور البعوض الناقل للمرض على نطاق أوسع، حيث يتضاعف كل عقد عدد الأفراد الذين يصابون بحمى الضنك، وهي الحمى الاستوائية الأسرع انتشاراً على مستوى العالم، بحسب وصف الباحثين.

وتقدر الخسائر الاقتصادية، التي لا تشمل تردي الصحة، المرتبطة بأحوال الطقس القاسية المتعلقة بالمناخ، بنحو 129 مليار دولار في عام 2016.

ملايين الأطفال مهددون بالجوع ونقص المياه (Getty) 


وقال البروفسور أنتوني كوستيلو، في منظمة الصحة العالمية والرئيس المشارك للمجموعة التي تقف وراء التقرير الجديد: "يحدث تغير المناخ، وهي قضية صحية تؤثر على الملايين في جميع أنحاء العالم". ويأتي ذلك في أعقاب تقرير ذي صلة في عام 2009 حذر من أن تغير المناخ هو أكبر خطر على الصحة العالمية في القرن الحادي والعشرين.

إلا أن كوستيلو قال إن العمل على وقف الاحتباس الحراري من شأنه أن يحقق أيضا فائدة كبيرة للصحة: ​​"إن التوقعات تشكل تحديا، ولكن لا تزال لدينا فرصة لتحويل حالة طوارئ طبية تلوح في الأفق إلى أهم تقدم للصحة العامة هذا القرن".

وقالت كريستيانا فيغيرز، التي تفاوضت بصفتها مسؤولة المناخ في الأمم المتحدة على اتفاق باريس بشأن تغير المناخ وشاركت في رئاسة التقرير الجديد، "لقد أخبرنا علماؤنا لبعض الوقت بأن لدينا حالة سيئة من تغير المناخ. والآن، يقول أطباؤنا إن الأمر يؤثر على الصحة".

وقال موقع صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، إنّ مئات الملايين من الناس يعانون بالفعل من آثار صحية نتيجة لتغير المناخ". "التصدي لتغير المناخ بشكل مباشر، يحسن الصحة العالمية. 

تلوث الهواء يسبب الوفيات المبكرة (Getty)


وقال البروفسور بيتر كوكس، من جامعة إكستر في المملكة المتحدة: "إن 70 ألف حالة وفاة ناجمة عن موجة الحر 2003 فى أوروبا تبدو صغيرة مقارنة بالاتجاهات طويلة الأمد".

وقال كوكس إن معظم الزيادة في الأشخاص المعرضين بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بيد أن عدد كبار السن آخذ في الارتفاع، مما يخلق "عاصفة كاملة". ووجد التقرير أيضا أن الطقس الأكثر رطوبة يخلق بشكل متزايد الظروف التي يستحيل فيها العمل في الخارج. وفي عام 2016، تسبب هذا العمل في خسارة ما يقرب من مليون شخص، نصفهم في الهند وحدها.

آثار تغير المناخ لا تؤثر على الدول الفقيرة فقط (Getty)

 

وقال الدكتور توبي هيلمان، في الكلية الملكية للأطباء، إن آثار تغير المناخ لا تقتصر على الدول الفقيرة، بل تؤثر أيضا على الدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة. وقال إن تلوث الهواء يقتل حوالي 40 ألف شخص في المملكة المتحدة كل عام، وانتقد انخفاض مستويات التمويل الحكومي لركوب الدراجات والمشي. وأشار هيلمان أيضا إلى تأثيرات أخرى، مثل الزيادات الحادة في مشاكل الصحة العقلية بعد الظواهر المناخية القاسية مثل الفيضانات.


وأبرز التقرير الجديد التهديدات الوشيكة أيضا، مثل فقدان المحاصيل والطقس الحار ونقص التغذية نتيجة لذلك. وقال البروفيسور هيو مونتجومري في كلية لندن الجامعية "سنرى ملايين الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية نتيجة لذلك". 


وأوصى الباحثون بضرورة ضخ المزيد من الاستثمارات في حماية المناخ لتجنب طوارئ طبية على المستوى العالمي.


(العربي الجديد)


المساهمون