الجزائر: تلويح بتصعيد نقابي ردا على إلغاء التقاعد المبكر

28 نوفمبر 2016
تهديد بتحركات احتجاجية مستقبلية (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلن تكتل النقابات المستقلة في الجزائر، عن استعداده لتصعيد تحركاته الاحتجاجية الميدانية للردّ على موقف الحكومة بشأن إلغاء التقاعد المسبق، بعد نجاحه في تنظيم سلسلة تحركات احتجاجية انتهت باعتصام وسط العاصمة.

وقال المتحدث باسم مجلس أساتذة التعليم (كناباست)، أبرز التنظيمات المستقلة في الجزائر، مسعود بوديبة، لـ"العربي الجديد"، إن "التكتل سيعقد اجتماعاً، في الخامس من ديسمبر/كانون الأول المقبل، لتحديد خطة مشتركة للتحركات الاحتجاجية المستقبلية".

من جهته، حمّل المتحدث باسم اتحادية عمال التربية والتكوين، مسعود عمراوي، الحكومة والسلطات، مسؤولية وتبعات الانسداد الحاصل، والذي يؤشر على خلل واضح في استراتيجية معالجة الأزمات والمطالب المتعلقة بالشغل".

وناقش البرلمان، الأحد، مسودة قانون التقاعد الذي يلغي حق الاستفادة من إمكانية التقاعد المبكر من دون إنهاء 30 سنة من الخدمة في الوظيفة، وهو ما ترفضه النقابات المستقلة، خاصة في قطاعات الصحة والتربية التي تعتبرها مهناً شاقة.

وجدّد عمراوي تمسك التكتل النقابي بمطالبه، داعياً القواعد العمالية إلى الاستعداد للمرحلة القادمة من الحركات الاحتجاجية التي ستكون الفيصل في استرجاع المكتسبات وتحقيق المزيد من المكاسب، مشيرا إلى أن "توحد مختلف الفئات العمالية على اختلاف مشاربها وراء التكتل النقابي، هو رسالة قوية للحكومة لتغليب صوت الحوار والتفاوض كما ينص عليه القانون، وهو إنذار للتصعيد في الحركات الاحتجاجية".



ونجح التكتل النقابي الذي يضم نقابات مستقلة في قطاعات التربية والصحة والإدارة، في تشكيل جبهة ضغط اجتماعية على الحكومة، خصوصاً في قطاعات الصحة والتربية. وقال المحلل السياسي رياض هويلي، إنّ التكتل النقابي استطاع إثبات قوته التنظيمية عمليا وتعبئته للعمال ميدانيا، في قطاعات التربية والصحة والإدارة، في مقابل تراجع كبير لتمثيلية الاتحاد العام للعمال الجزائري، الاتحاد المركزي الموالي للحكومة".

وأكد هويلي أن "التكتل النقابي اكتسب شرعية التمثيل بعد الاحتجاج الذي أجهضته السلطات، الأحد، وسط العاصمة الجزائرية، واستطاع أن يعري المركزية النقابية كجهاز لم يعد في خدمة العمال ولا يحافظ على مكتسباتهم"، مشددا على أن هذه التمثيلية تفرض على الحكومة فتح باب الحوار مع التكتل النقابي بصورة مستعجلة، وتفادي التسيير الأمني لملف الاحتجاجات لأجل ضمان استقرار الجبهة الاجتماعية".

رفض قرار الحكومة (العربي الجديد)


وكان التكتل النقابي قد نظم سلسلة تحركات احتجاجية انتهت بوقفة احتجاجية أمام البرلمان، الأحد، للمطالبة بالتراجع عن قرار الثلاثية المتعلق بإلغاء التقاعد النسبي والتقاعد دون شرط السن، والمطالبة بإشراك النقابات المستقلة في إعداد مشروع قانون العمل الجديد، وحماية القدرة الشرائية لكل العمال والموظفين، لا سيما فئات ذوي الدخل الضعيف، والتنبيه إلى الانعكاسات السلبية لقانون المالية لسنة 2017.

وندّد التكتل النقابي بـ"أساليب التخويف التي انتهجتها السلطات خلال الحركات الاحتجاجية الأخيرة، وهي أساليب بالية تتنافى مع قوانين الجمهورية ومسّ غير مقبول بحقوقهم الدستورية"، بعدما تعرض الأساتذة والموظفون الذين شاركوا في اعتصام الأحد لمضايقات بوليسية بدءا من محاولة منعهم من الدخول إلى العاصمة للمشاركة في التجمع الاحتجاجي، وصولا إلى اعتقال بعض الكوادر النقابية.

التكتل النقابي يدعو لفتح باب الحوار (العربي الجديد) 


وانتقد محللون ما أسموه بـ"التسلط البوليسي" للسلطات، وعدم احترامها الحق في التظاهر الذي يضمنه الدستور. وعلق أحمد فرحات على هذا الأمر بقوله، إن "الدستور ينص في مادته 41 مكرر، على أن حرية التظاهر السلمي مضمونة للمواطن، لكن السلطات خرقت هذا المبدأ في التجمع السلمي الذي نظمه التكتل النقابي المستقل في العاصمة بدءا بغلق مداخل العاصمة ومحاصرة الوافدين من مختلف الولايات واعتقالهم وتحويلهم إلى وجهات مختلفة".

وتزعم الحكومة، عبر تصريحات وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي، أن الأحكام الجديدة التي جاء بها مشروع القانون المتعلق بالتقاعد تهدف إلى "حماية صندوق التقاعد الذي يمنح أزيد من 3 ملايين معاش ومنحة للتقاعد وإنقاذه من الإفلاس"، مبرزة أن "امتياز التقاعد النسبي دون شرط السن، الذي كان يستفيد منه عدد كبير من العمال والموظفين، بلغ عددهم 916 ألف عامل، أثر بصفة واضحة ومستمرة على النظام الوطني للتقاعد".

وفي ظل تمسك كل طرف بموقفه، التكتل النقابي من جهة والحكومة من جهة ثانية، ينتظر أن تشهد الأيام المقبلة مواجهة سياسية وإعلامية وميدانية بين النقابات المستقلة والحكومة، في حال لم تتراجع الأخيرة عن تشددها، وتقرر فتح الحوار مع النقابات المستقلة.