مشروع جديد لحقوق الإنسان في تونس

22 يناير 2018
"أوقفوا التعذيب" (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
ينظر البرلمان التونسي خلال هذه الفترة في مشروع قانون يتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتعمل لجنة الحقوق والحريات في البرلمان على تنظيم استشارات وطنية وجهوية وإشراك المجتمع المدني والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في نقاش الفصول المنظمة لعمل الهيئة.

تعتبر الهيئة العليا لحقوق الإنسان التي تأسست عام 1991 وأعيد تنظيم أوضاعها بمقتضى القانون رقم 37 لعام 2008 من بين أبرز الهيئات الدستورية التي تقدم تقارير عن واقع الحقوق والحريات في تونس. لكنّها في ظل النظام السابق حادت عن مهامها ولم تكن سوى هيئة صورية.

بعد الثورة، تغيّر عمل الهيئة وتغيّر أعضاؤها، لكن شهدت في تلك الفترة خلافات أثرت على سير عملها لا سيما بين سنتي 2011 و2015. فقد اعترض أعضاء الهيئة على تعيين فرحات الراجحي على رأسها بعدما كان وزيراً للداخلية. وتتالت في ما بعد الأسماء على رأسها، كما تتالت الاستقالات احتجاجاً على التدخل في مهامها، أو منعها من ممارسة نشاطها إلى جانب المشاكل المالية. كذلك، فإنّ تشكلها من أعضاء يشغلون وظائف أخرى أثّر على أدائها.

في 23 فبراير/ شباط 2016، صدر الأمر الرئاسي بتعيين أعضاء الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لمدّة ثلاث سنوات. وتضم الهيئة أعضاء ممثلين عن المجتمع المدني على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات، والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، بالإضافة إلى أعضاء ممثلين عن الوزارات. تنظم الهيئة زيارات مفاجئة إلى مراكز التوقيف والسجون على غرار هيئة الوقاية من التعذيب، بالإضافة إلى زيارة دور المسنين ومراكز رعاية الأطفال، ومراكز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى مؤسسات التربية ومؤسسات الصحة.

ترتكز مهام الهيئة في الأساس على رصد انتهاكات حقوق الإنسان، وإنجاز بحوث حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وإعداد تقارير سنوية. وقد عرضت الهيئة أكثر من مرة تقريرها على لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية في البرلمان، مؤكدة أنّه بعد عدد من الزيارات إلى السجون جرى تسجيل حالات انتهاك في حقوق الإنسان في مراكز التوقيف والسجون.


الهيئة تتقاطع في مهامها مع هيئات أخرى مثل هيئة الوقاية من التعذيب التي تقوم بدورها بزيارات مفاجئة إلى مراكز التوقيف والسجون، كما تتقاطع مع أجهزة رقابية تابعة لوزارات.
في الفترة الراهنة يناقش البرلمان مجدداً مشروع الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بصياغة جديدة وفصول جديدة حول عمل الهيئة وأعضائها ومهامها. يتضمن المشروع المقترح جملة من التوصيات المؤكدة على ضرورة التزام المؤسسات بتسهيل أعمال الهيئة وتمكينها من الوثائق التي تطلبها. كما للهئية أن تلجا إلى القضاء في حال كان سبب الامتناع عن مدّها بالوثائق غير مقنع. لا ترصد الهيئة الانتهاكات فقط، بل تقدم أيضاً توصيات إلى الجهة المعنية حتى تتوقف عن الانتهاك. كذلك، تتوجه الهيئة بتقاريرها إلى كلّ من رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان.

يؤكد رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان توفيق بودربالة لـ"العربي الجديد" أنّ الهيئة قدمت جملة من المقترحات لتطوير المشروع الذي يناقش. وتتكون الهيئة وفق المشروع من تسعة أعضاء مستقلين يباشرون مهامهم لمدّة ست سنوات، على أن يكون في تركيبة الهيئة قاضٍ عدلي وقاضٍ إداري، بالإضافة إلى محامٍ ومختص في علم الاجتماع، ومختص في علم النفس، ومختص في حماية الطفولة، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني.

يضيف بودربالة أنّ هيئة حقوق الإنسان يجب أن تشمل أكثر من تسعة أعضاء، مع الأخذ بالتجارب المقارنة في هذا المجال. ويجب أن يصل عدد أعضائها إلى نحو 40 حتى يتسنى لهم القيام بمهامهم على أكمل وجه وتقسيم المهام: "تسعة أعضاء فقط لن يتمكنوا من رصد ومراقبة دور رعاية الأطفال والمسنين والسجون ودور التربية، وغيرها من المرافق التي قد تسجل فيها انتهاكات".

من جهته، يشير رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلّم لـ"العربي الجديد" إلى أنّ هيئة حقوق الإنسان استعملت سابقاً من طرف السلطة، وكانت تقدّم تقاريرها إلى القصر (رئاسة النظام السابق). واليوم فإنّه لا بدّ من نشر ثقافة حقوق الإنسان لتكون ملائمة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. يضيف أنّه يجب تعديل منظومة حقوق الإنسان في تونس، ويجب أن تراعي فصول المشروع مسائل حرية التعبير، والعنف ضد المرأة، وحقوق الطفل، وحرية التظاهر، والتركيز على الانتهاكات في السجون ومراكز التوقيف.

بدوره، يقول مدير حقوق الطفل ورعاية الطفولة في وزارة المرأة شكري معتوق لـ"العربي الجديد" إنّ الوزارة أكدت على ضرورة إطلاق خطة أو جهاز من صلب الهيئة يعنى بالطفل وحقوق الطفل، على ألا ينحصر دور الهيئة في تلقي القضايا المتعلقة بالانتهاكات فقط، بل تتولى متابعة القضايا المتعلقة بتلك الانتهاكات.