مع اقتراب الانتخابات البلدية في تونس في شهر مايو/ أيار المقبل، يدور الحديث عن استغلال القوائم الانتخابية للأشخاص ذوي الإعاقة، من دون أي مساع أو نية لتأمين تمثيل حقيقي لهم
"تلقيت العديد من المكالمات الهاتفية من أشخاص ذوي إعاقة، استُغلوا من قبل أحزاب سياسية تونسية في الانتخابات البلدية. وُعد البعض بالحصول على بدل إيجار مسكنهم أو تحسينه أو الحصول على دفتر علاج، في مقابل قبول الترشّح. والهدف هو الحصول على التمويل أو أصوات ناخبين، لأن ترشيح شخص من ذوي الإعاقة في إحدى القوائم يعفيه من كامل التمويل".
بهذه العبارات التي تنمّ عن خيبة كبيرة، تحدثت الكاتبة العامة للمنظمة التونسية للدفاع عن الأشخاص ذوي الإعاقة، بوراوية العقربي. تؤكد لـ "العربي الجديد" أن المكالمات والإشعارات التي تلقتها المنظمة، تشير إلى بيع وشراء ذوي الإعاقة في تونس. ومع اقتراب الانتخابات البلدية المقررة في شهر مايو/ أيار المقبل، يحاول بعض الساسة استغلال هذه الفئة المهمشة، ويشترطون إدراج الأشخاص ذوي الإعاقة في القوائم الانتخابية، أو يحرمون من التمويل العام. وتحذّر من مثل هذه الممارسات والوعود الزائفة، بدليل أن غالبية المرشحين ذوي الإعاقة يدرجون في ذيل القوائم. كما أن حظوظهم في وسائل الإعلام شبه معدومة.
وتكشف العقربي أنّ بعض الأحزاب التي رشحت أشخاصاً ذوي إعاقة في بعض الجهات، ترفض المشاركة في الاجتماعات واللقاءات التي يعقدونها في جهاتهم، إذ إنّ الأشخاص ذوي الإعاقة مجرد "وسيلة" للوصول إلى غاياتهم السياسية، أو لعبة يستغلونها متى أرادوا. وتبين أن القانون الانتخابي ظلم هؤلاء من خلال الشروط المفروضة، كما ظلموا من قبل الأحزاب والدولة التي لم تقدم لهم الخدمات اللازمة لممارسة دورهم في البلديات، ما يعني أنه سيكون شكلياً.
بدورها، تحذّر رئيسة الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)، ليلى الشرايبي، من استخدام الأشخاص ذوي الإعاقة كصورة أو ورقة انتخابية في الاستحقاق الانتخابي البلدي المقبل، مؤكدة في ندوة حول الانتخابات البلدية وإشراك ذوي الإعاقة في الحوكمة المحلية، بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أنه يجب على ذوي الاعاقة أن يكونوا فاعلين في المشهد الانتخابي.
وحدد الدستور والقانون الانتخابي الضوابط القانونية التي يتعين توفرها في تركيبة القائمة المرشحة، واعتماد إجراءات إيجابية لتعزيز مستوى التمثيل السياسي للنساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة. وانتقدت الشرايبي أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وكيفية تصرف بعض الأحزاب السياسية التي لم تولي العناية الكافية لهذه الشريحة كمواطنين ناخبين أو مرشحين، من خلال عدم تأمين مرافقين، أو ترجمة البرامج الانتخابية بلغة البرايل أو التسجيلات الصوتية.
وألزم القانون الانتخابي، في بادرة هي الأولى من نوعها في تونس، القوائم الانتخابية، أن تضم أشخاصاً ذوي إعاقة. لكن على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والأحزاب المرشحة توفير الظروف الملائمة لهذه الشريحة.
وليست الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات الوحيدة التي حذرت من استغلال هذه الفئة في الانتخابات البلدية، إذ يقول رئيس الجمعية التونسية للأشخاص ذوي الإعاقة، خميس السحباني، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن أي قضية يحضر فيها المال، يكون هناك خوف من استهداف الفئات الهشة. ويؤكد أنّ مشاركة ذوي الإعاقة هامشية وغير واضحة حتى الآن، على الرغم من الدور الذي في إمكانهم ممارسته كناخبين مشاركين. ويوضح أنّهم يستعدون لتنظيم مؤتمر تحت عنوان: "أي دور للأشخاص ذوي الإعاقة في الانتخابات البلدية؟". ويخشى عدم منح ذوي الإعاقة الثقة ليكونوا في المراتب المتقدمة في القوائم الانتخابية، ليكون الهدف الوحيد هو استرجاع مصاريف الحملات الانتخابية.
ويبين أنّهم يخشون ألا يكون تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة حقيقياً، لأن الواقع يبين أن الأحزاب الكبرى هي التي ستفوز بغالبية الأصوات، وبالتالي لن يكون لذوي الإعاقة تمثيل حقيقي. ويتوقع أن يبقى العدد النهائي لذوي الإعاقة في القوائم النهائية محدوداً، داعياً ذوي الإعاقة إلى الانتباه والحذر.
من جهته، يقول عضو الهيئة العليا للانتخابات رياض بوحوش لـ "العربي الجديد" إنّ القانون الانتخابي في صالح الأشخاص ذوي الإعاقة قبل أن يكون في صالح الأحزاب، لافتاً إلى أن الهيئة التقت بهم وعقدت اتفاقية معهم حول أبرز مطالبهم والإشكاليات التي قد تعترضهم.
ويوضح أن التمويل العام يقدر ما بين ألف دينار (نحو 500 دولار) وألفي دينار (نحو ألف دولار). وبالتالي لا يعد المبلغ كبيراً، لافتاً إلى أن الهدف من إدراجهم هو إشراك جميع الفئات من نساء وشباب وذوي إعاقة، أي أن تصير القائمة متنوعة.
ويشير إلى أنه من بين 1812 شخصاً من ذوي الإعاقة، ترشح نحو 1700 شخص ضمن القوائم والأحزاب، مضيفاً أن الجميع مقصر حيال الأشخاص ذوي الإعاقة على الرغم من كل الجهود التي تبذل لإشراكهم في الانتخابات. ويرى أن الهدف هو أن يكون ذوو الإعاقة ممثلين في المجالس البلدية، وأن يكون لهم دور فاعل على المستوى المحلي. ويبقى الرهان الكبير أن يكونوا حاضرين في الشأن المحلي.