تتجدد معاناة نازحي العراق مع بداية موسم الشتاء، وسط إهمال حكومي كبير لملفهم، وعدم اتخاذ أي خطوات للتخفيف عنهم، فيما يعلق النازحون آمالهم على التظاهرات، رغبة بإحداث تغيير سياسي يسهم في إعادتهم إلى مناطقهم التي غادروها منذ أكثر من 5 سنوات.
ووفقا لإحصاءات غير رسمية، فإن أكثر من مليون ونصف المليون نازح لم يعودوا إلى مناطقهم لأسباب مختلفة أبرزها تدمير منازلهم وسيطرة المليشيات عليها، في ظل ظروف حياة مأساوية وواقع مؤلم.
ويقول أبو عماد وهو أحد النازحين من بلدة جرف الصخر في بابل، والتي مازالت تسيطر عليها مليشيات "الحشد الشعبي"، إنّ "وضعنا الحالي في مخيمات النزوح يزداد سوءا بشكل يومي، إذ إنّ الخيام التي نسكنها باتت غير صالحة للسكن وواقع المخيمات مزر، فالحكومة أهملت ملفنا بشكل كامل، وتركتنا نواجه مصيرنا".
وأكد، أنه "مع بداية دخول موسم الشتاء، تزداد معاناتنا بشكل كبير، فلا توجد مدافئ ولا وقود، ولا أي دعم مادي من قبل الحكومة"، متابعا "نعمل حاليا على ترقيع خيامنا المهترئة بفعل السنوات الطويلة التي مرت عليها"، مؤكدا "لا نعلم ما إذا كانت ستقاوم خلال هذا الموسم الممطر أم أننا سنجد أنفسنا بالعراء مع أمطار الشتاء".
وأضاف، "لم يتابع ملفنا أي مسؤول ولا أي جهة حكومية أو غير حكومية. لقد كان السياسيون يقدمون دعما لنا خلال فترات الانتخابات فقط، للحصول على أصواتنا، واليوم لا أحد يتابع ملفنا في مناطقنا التي انتزعت منا بالقوة، وسيطرت عليها المليشيات ومنعتنا من العودة لها"، مشيرا إلى أن "أملنا اليوم بعد الله بالتظاهرات التي قد تحدث تغييرا في الواقع السياسي، للبلاد، وأن يتم إدراج ملفنا ضمن الملفات المهمة والتي يجب حلها".
وتابع "نترقب بلهفة حدوث تغيير بعد موجة التظاهرات، فقد سئمنا هذه الحياة المريرة التي انعدمت فيها وسائل العيش الكريم".
ومع تفاقم تلك المعاناة، يرى سياسيون أنه لا حلول في الأفق لهذه الأزمة، مؤكدين أن الحكومة مشغولة عنها بشكل كامل.
وقالت النائبة المستقلة، انتصار علاوي، إن "ملف النازحين سيبقى مهملا خلال الفترة المقبلة، فلا حلول حكومية له، ولا حتى تحركات، على الرغم من أن التظاهرات حركت نسبة الوعي الشعبي بالمعاناة ومنها معاناة النازحين"، مبينة لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة على علم ودراية كاملة بتلك المعاناة التي لا تغيب عنها، لكنها بالنهاية لم تتخذ أي إجراء للتخفيف عنهم".
وأكدت، "لا حلول حكومية في الفترة المقبلة، لكننا نأمل أن تحقق التظاهرات الشعبية نتائج تخفف من معاناة المواطنين العراقيين بشكل عام، ومنهم النازحون"، داعية نواب المحافظات التي مازال أهلها نازحين إلى أن "يتحركوا ويقوموا بمسؤولياتهم تجاه محافظاتهم، للتخفيف من معاناة أهلهم النازحين".
وتحول ملف النازحين العراقيين إلى ملف سياسي، حيث إن التجاذبات السياسية والمصالح والأجندات الحزبية هي التي تتحكم بمصير النازحين ومناطقهم.
وقال رئيس منظمة بلادي، هادي الكرخي، إن "ملف النازحين حصر منذ عدة سنوات بزاوية السياسة، وحتى الحكومة لن تستطيع أن تحله، لاسيما بعد سيطرة الأحزاب على مناطقهم"، مستدركا لـ"العربي الجديد"، مع عجز الحكومة عن حسم هذا الملف وإقصاء الإرادات السياسية المتحكمة فيه، إلا أنها تستطيع تخصيص مبالغ مالية لدعم النازحين والتخفيف من معاناتهم"، وأضاف، "نأمل أن تفضي التظاهرات إلى تغيير يسهم بمعالجة هذا الملف إنسانيا".