بضاعة العم سام

18 نوفمبر 2016
التظاهرات تتواصل ضد فوزه (ديفيد ماكنيو/فرانس برس)
+ الخط -

تزعم أميركا ليل نهار أنها شرطي العالم؛ تتدخل أين تشاء ومتى تشاء، وبالكيفية التي تشاء.

ارتكبت أميركا من الجرائم حول العالم ما لا يمكن إحصاؤه على مدار قرن من الزمان، لكنها ما زالت تدعي أنها قبلة الحقوق والحريات وواحة الديمقراطية في العالم.

أحدث فوز رجل الأعمال دونالد ترامب بالرئاسة زلزالاً في الواقع الأميركي، ورغم كل الجدل الذي أثير خلال الأسبوع الأخير، إلا أن آثار فوزه الحقيقية لم تظهر بعد، والمتوقع أنها لن تتأخر كثيراً، وربما كانت كارثية على العالم كله وليس على الولايات المتحدة وحدها.

المؤشرات الأولية تدلّ على التغيرات المنتظرة في عهد ترامب، وبعيداً عن التظاهرات التي تتواصل في ولايات أميركية ضد فوزه، والتي وإن بدت مظهراً ديمقراطياً لحق المواطنين في إبداء الرأي، إلا أنها تخالف كل المتعارف عليه في النظم الديمقراطية المستقرة من ضرورة الاعتراف بنتائج الانتخابات، بغضّ النظر عمن تأتي به.

ورغم أن تخوفات العرب والمسلمين من ترامب تنصبّ بشكل أساسي على عدائه الصريح لهم، إلا أن أسوأ كوابيسنا لن تقف عند تلك التصريحات الهوجاء التي قالها خلال حملته الانتخابية.

يبدو جلياً أن خطراً أكبر ينتظرنا، وربما بدأت مظاهره تتبدّى، فما يجري في حلب السورية من تصعيد روسي خلال الأيام الأخيرة تؤكد مصادر أميركية أنه بدأ بعد اتصال بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

يرجح بعض المحللين أن يجعلنا ترامب نترحّم على عهد جورج بوش الابن الذي ارتكبت فيه العديد من المجازر بحق العرب والمسلمين. ويرى آخرون أنه ربما يسطّر كلمة نهاية كثير من القضايا العربية العالقة، حتى لو بشكل عنيف أو ظالم. لكن كثيراً من المتابعين لا يهتم بما أحدثه فوز ترامب في المجتمع الأميركي نفسه، والذي بات منقسماً إلى درجة غير مسبوقة بعد وصوله إلى البيت الأبيض.

يوم الأربعاء الماضي، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً طويلاً عما سمته "السياسة التي فرقت بين العائلات والأصدقاء"، رصدت فيه آراء عدد من الأميركيين الذين خسروا أصدقاء أو قاطعهم أفراد من العائلة بسبب تصويتهم لترامب.

لفتتني تلك الحالة المجتمعية لأسباب عدة أهمها أنني وغيري كثيرون، عشناها في بلادنا العربية خلال السنوات الأخيرة؛ فرقت الخيارات السياسية بيننا وبين أصدقائنا وعائلاتنا؛ عرفنا حالات طلاق، وشهدنا عائلات مستقرة تعيش حالات توتر شديدة بين الأخوة.

كان الغرب يتهمنا بالسطحية، ومتغربون يرموننا بقلة الوعي مقارنة بالمجتمعات المتقدمة، مثل أميركا، قبل أن تكشف التجربة أنهم مثلنا تماماً. بل ربما أسوأ.


المساهمون