الدول الآمنة... قانون لترحيل المغاربيين من ألمانيا

02 اغسطس 2018
لا للترحيل (سيمون كيلمي/ Getty)
+ الخط -
ما زالت سياسة الحكومة الألمانية بتوسيع قائمة الدول الآمنة لترحيل المهاجرين إليها محلّ نقاش في ألمانيا، في ظل رفض حزب الخضر مشروع قانون تصنيف هذه الدول ومن بينها المغرب والجزائر وتونس. وهو رفض قد يمنع إقرار القانون.

المعارضة التي يبديها حزب الخضر في ألمانيا حيال سياسة الحكومة بترحيل المهاجرين الذين تقدموا بطلبات لجوء في البلاد، إلى بلدانهم باعتبارها آمنة، قد تحول دون إقرارها كقانون في مجلس الولايات (بوندسرات)، مع العلم أنّ مشروع القانون الذي أقرته الحكومة أخيراً يتضمن دول المغرب والجزائر وتونس في شمال أفريقيا بالإضافة إلى جورجيا. ويعتبر الائتلاف الحاكم أن لا حروب في هذه البلدان ولا تعذيب ممنهجاً داخلها يمنع مثل هذه العودة.

يحاول الاتحاد المسيحي، الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل، أن يمارس نوعاً من الضغط على الخضر، إذ يتهم الأخير بالتسبب بفشل التغييرات التشريعية الضرورية للمضي في سيرورة العمل في مؤسسات الدولة المعنية، بملفات اللجوء، داعياً الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم، انطلاقاً من أنّ تصنيف هذه البلدان بالآمنة ركيزته عدم إساءة استخدام نظام اللجوء المعتمد من قبل المهاجرين غير الشرعيين.




ويؤدي هذا التصنيف إلى الرفض السريع لطلبات لجوء أبناء هذه البلدان، وإعادة ملتمسي اللجوء إليها بسرعة، الأمر الذي تنتقده منظمات حقوق الإنسان والمدافعون عن حقوق اللاجئين، بالإضافة إلى اعتراض الخضر.

يقول زعيم حزب الخضر، روبيرت هابيك، إنّ أسباب الرفض تنطلق من أنّ الاعتراف بحق اللجوء للمهاجرين من الدول المغاربية، هو أقل من 5 في المائة من بين الوافدين الآخرين، كما أنّ التصنيف المزمع لبلدان المنشأ بالآمنة لا يحلّ المشكلة.

في المقابل، يعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ، المنتمي إلى حزب المستشارة أنغيلا ميركل، روديرش كيزهفتر، أنّه يجب الفصل بين اللجوء والهجرة، معرباً في حديث صحافي عن أمله في أن يمر مشروع القانون في البوندسرات بعدما سقط بالتصويت عام 2017. يستند إلى معطى يفيد بأنّ هناك أصواتاً معقولة مؤيدة لهذا الطرح، كما إلى تقديم الحكومة الاتحادية مشروع قانون يتصدى للانتقادات، مشيراً إلى إجراء تقييم ومراجعة سياسية شاملة ومتعددة وعلى مراحل، فتبين أنّه لا تعذيب منهجياً أو عقاب غير إنساني أو مهين.
يلفت السياسي البارز إلى أنّ تصنيف تلك الدول بالآمنة يمكن اعتباره ميزة بالنسبة لها، وهي نفذت عدداً من الإصلاحات المحلية، قبل أن يشدد على "ضرورة أن تلحق ألمانيا بعدد من الدول الأوروبية، كالنمسا وهولندا، التي صنفت تلك الدول خلال السنوات الأخيرة بالآمنة، أي أنّه يجب الإقرار بوجود حصة حماية متدنية للغاية لمواطني تلك الدول، وإرسال إشارة إيجابية إلى مواطني بلدنا، أنّنا نهتم بالمشاكل التي تواجهنا" فضلاً عن إرسال إشارة ردع إلى تلك الدول لثني مواطنيها عن مغادرة بلادهم، لا بل العمل على تحسين ظروفهم. يعتبر أنّ هذا يتطلب تضافر الجهود، بالإضافة إلى دعم أوروبي لإعادة إرساء النظم الاجتماعية في تلك البلدان. وبالتالي، فإنّ إعادة المهاجرين لا تنجح إلا بتعاون موسع مع بلدان المنشأ، ويمكن أن تساهم في المفاوضات السياسية عروض التعاون الاقتصادي مقابل اتفاقيات إعادة الاستقبال الفعالة.



في خضم ذلك، برز الأسبوع الماضي تطور لافت في هذا المجال تمثل في عرض ثلاثة رؤساء مدن ألمانية هي: بون وديسلدورف وكولن، على المستشارة استعدادهم لاستقبال المزيد من اللاجئين، بعدما كانت إيطاليا ومالطا قد أغلقتا موانئهما أمام المهاجرين الذين يجري إنقاذهم من البحر الأبيض المتوسط. وتضمنت الرسالة المشتركة حرص هؤلاء على المبادئ الإنسانية وحق المهاجرين بالحصول على اللجوء، وأيدوا سعي ميركل إلى حلّ أوروبي مشترك وشامل.
يعتبر عدد من السياسيين المؤيدين للتصنيف، أنّ من حسنات الموضوع أن يعود حزب الخضر وينسجم مع قناعاته، فيصوّت مع القانون وليس ضده، لأنّ الأمر سيخفف من العبء الإداري على الجهات المعنية بملفات اللجوء التي لم يجرِ تقييم سوى 2 في المائة منها، بحسب تقارير داخلية منها ما صدر عن مكاتب الهجرة واللجوء والمحاكم الإدارية المعنية بالنظر في القضايا المتعلقة بقرارت اللجوء، كما سيخفف إقرار القانون العبء عن البلديات، ويكرس المزيد من الإمكانات والوقت للأشخاص الذين يحتاجون بالفعل إلى الحماية.

في السياق، يعتبر محللون أنّ الهدف من إعلان بلدان المنشأ آمنة ليس غاية في حد ذاته، بل هو فعل إيمان بتنمية هذه البلدان، على أن تؤخذ في الاعتبار بشكل أكبر القضايا الخارجية والأمنية خلال مناقشة السياسة الداخلية، عدا عن العمل على الاتفاقيات الفعالة الخاصة بإعادة الوافدين إلى بلدانهم الأصلية.

من الناحية القانونية، يبقى من الثابت في حال إقرار القانون الذي يصنف تلك البلدان بالآمنة، أنّه لن يتغير شيء في الإجراءات المعتمدة حالياً بالتدقيق في طلبات اللجوء، إذ ستجري مراجعة كلّ حالة على حدة، ويخضع طالب اللجوء للمقابلة الشخصية لإثبات موقفه ومطالبته بالحماية. وهو الأمر الذي يشدد عليه خبراء الهجرة، مشيرين إلى أنّ من الضروري التمييز بين الناس الذين أرادوا الوصول إلى ألمانيا لدوافع اقتصادية أو جنائية والذين يتعرضون للاضطهاد في بلدانهم الأصلية.

وفي حال فشل الاتفاق وسقط التصويت على المشروع داخل البوندسرات، سيتعين عندها على السلطات التكيف مجدداً مع الواقع، ولن يكون هناك أيّ تغيير في مسار طالبي اللجوء من تلك الدول، فأولئك الذين لديهم مقومات وظيفية أو تلقوا تعليماً أو كانوا قادرين على ممارسة بعض المهن، قد يتمكنون من العثور على فرصة عمل مؤقتة إلى حين البت بمصيرهم، وهو ما لا يمنع من تنظيم دورات دراسية في اللغة، كما وضرورة الحديث عن السعي لإعطائهم الفرص المناسبة لإثبات جدارتهم، من خلال البدء في التدريب، أو ربما مساعدتهم في الحصول على عمل يتناسب مع طاقاتهم وقدراتهم.




تجدر الإشارة إلى أنّ صحيفة "راينشه بوست" ذكرت أخيراً أنّه قد يجري في المستقبل تصنيف إحدى وأربعين دولة بالآمنة من بينها دولتان أوروبيتان، هما مولدوفيا وبيلاروسيا (تقعان في شرق أوروبا، وهما من دول الاتحاد السوفييتي السابق)، و18 دولة أفريقية من بينها تشاد والسنغال، وآسيوية كالهند وباكستان.
المساهمون