التوجُّه إلى مدينة كولو، القريبة من العاصمة التركية أنقرة، خيار السوري محمد نعمان (45 عاماً) والذي يقيم حالياً في مخيم أكشاكلله للاجئين بمحافظة أورفا جنوبي تركيا، بعد إعلان السلطات التركية أنها بصدد إغلاق المخيم ونقل من فيه إلى مخيمات أخرى أو مدن تركية، بحسب الجهة التي يفضلها اللاجئون.
وقال نعمان لـ "العربي الجديد": "منذ مدة حين بدأت الحكومة التركية بتفكيك المخيمات ونقل القاطنين فيها إلى مخيمات أخرى أو إعطائهم بدلاً مالياً لمرة واحدة بحال فضلوا الاستقرار في المدن التركية، علمنا أن مخيمنا لن يكون استثناء، وبالفعل أبلغونا بنهاية شهر سبتمبر/أيلول عبر مكبرات الصوت بأن المخيم سيفكك، وعلى الجميع التوجه لمديرية المخيم لاختيار الوجهة التي يريدونها".
وأضاف نعمان: "نسقت مع قريب لي في مدينة كولو القريبة من العاصمة أنقرة، كي أتوجه أنا وعائلتي إلى هناك كون العمل متوفراً والأجور جيدة، فضلاً عن إخباري بأن إيجارات المنازل هناك أقل تكلفة من المنازل في المناطق الحدودية، والتي ليست ضمن خياراتنا أصلاً مثل هاتاي وكلس وغازي عينتاب وشرناق وماردين، فضلاً عن عدم إمكانية نقلنا إلى إسطنبول أو أنطاليا، لذلك خياري الحالي هو التوجه إلى هناك والعمل مع ابني الشاب في الإنشاءات".
وأوضح محمد أبو عمر بحديثه لـ "العربي الجديد" أن الخطوة جاءت مفيدة له، بعد أن سئم الحياة داخل المخيم والخروج يومياً للعمل في الأراضي الزراعية والعودة منهكاً مساء كل يوم. وقال "الروتين هكذا قاتل وممل، وهو روتين عمل في كل تركيا"، مشيراً إلى أن خياره الأمثل هو العودة لبلدته جنوب إدلب ليريح نفسه من هذا العناء.
وتابع الشاب الثلاثيني: "لدي طفلان صغيران الأول بلغ عامه الثالث والثاني سيتم عامه الأول بعد أيام، والأمور أصبحت أفضل في بلدتي، لذلك أفكر جدياً بالعودة إلى هناك، فأقل ما يمكن أعيش في منزلي مع أهلي وبين أقاربي ولا أبقى وحيداً كما هو الحال الآن، فضلاً أنني سأعود لزراعة الأرض وأكون حراً في وقت ذهابي وعودتي وليس كما العمل هنا لساعات طويلة وبأجر قليل".
أما منى عامر (38 عاماً) رأت أن "قرار إغلاق المخيم أربك الجميع نوعاً ما والكل وقع في حيرة، لأن أغلبهم لا يعلمون الوجهة التي سيتخذونها، وخاصة أن الأطفال بدأوا بمدارسهم منذ مدة، وإجراءات نقلهم لمدن أخرى ستأخذ وقتاً وهنا الأمور معقدة بهذا الخصوص، ونرجو أن تكون إدارة المخيم اتخذت التدابير الملائمة لذلك".
وأضافت "بالنسبة لي ولعائلتي كوني مدرسة وأقاربي يقيمون في مدينة مرسين وكذلك أقارب زوجي، نفكر أن ننتقل للعيش هناك أنا أحاول العمل في التدريس، ويمكن لزوجي أن يجد عملاً له، ونتعاون على الحياة التي أصبحت صعبة هنا".
وقالت منى: "الحياة في المخيم منذ دخلناه متوقفة فعلياً، والأيام تمر متشابهة، فالروتين مسيطر ونحن كنا مترددين في المغادرة لخوفنا من أمور كثيرة، كالعمل وإيجار البيت ومدارس الأطفال، أما الآن نحن مجبرون على إيجاد بديل وبديلنا الحالي ليس مخيماً نضيع فيه سنين جديدة من حياتنا".
وبحسب موقع sondakika التركي سيتم إرسال 2122 لاجئاً سورياً مقيمين في مخيم أكشاكلله بدءاً من اليوم الإثنين إلى محافظات تركية باستثناء سبع منها هي: إسطنبول وغازي عينتاب وأنطاكيا وكليس وهاتاي وماردين وشرناق، وفقاً لتعميم صادر عن وزارة الشؤون الداخلية.
وبحسب التعميم تقدم السلطات التركية معونة مالية قيمتها 1100 ليرة تركية للفرد الواحد ممن يقررون مغادرة ولاية شانلي أورفا، أما من يريد البقاء في الولاية لن يحصل على المعونة المالية.
وفي مطلع شهر أغسطس/آب الماضي قررت السلطات التركية إغلاق خمسة مخيمات للاجئين السوريين في مدن غازي عنتاب وآديمان وماردين، ونقل 34180 ألف لاجئ، وخيرتهم بين التوجه لمخيمات أقيمت بمناطق لهم في ولايات أخرى أو القبول بمبلغ مالي يدفع لمرة واحدة شريطة توجههم للعيش في المدن التركية. وجاءت خطوة تفكيك المخيمات بعد اتهامات وجهتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" للسلطات التركية في 16 يوليو/ تموز بتعليق إجراءات تسجيل اللاجئين السوريين الجدد في أراضيها، ما يعرضهم لخطر الترحيل غير القانوني والعودة بالإكراه إلى سورية، والحرمان من الرعاية الصحية والتعليم، بعد توقف ولايات تركية عدة عن منح السوريين الوافدين بطاقة الحماية المؤقتة "كملك"، والحديث عن عمليات ابتزاز للسوريين لقاء الحصول على بطاقات تمنحها بعض المدن.
وأكد عمار أبو محمد (30 عاماً) الذي دخل إلى تركيا منتصف شهر أغسطس الماضي أنه دفع 1000 دولار أميركي لاستصدار بطاقة كلمك له ولزوجته وابنته، بعد ذهابه إلى مدينة مرسين التركية، مشيراً إلى أن الذين يدفعون المال وحدهم يستطيعون الحصول على البطاقة بفترة قصيرة. في حين أن الحصول على البطاقة بطريقة روتينية يستغرق شهرين أو ثلاثة، ما يعني أنهم غير قادرين على التنقل مطلقاً حتى داخل المدينة التي يقيمون فيها، لأن الشرطة التركية إذا أوقفتهم وعلمت أنهم لا يمتلكون بطاقة "الكملك" أو إشعاراً للحصول عليها ترحلهم مباشرة إلى الأراضي السورية.