عُقد قران صبيح والنابلسي في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الذي يُوافق يوم المسنّ العالمي، ولبست العروس ثوباً فلسطينياً مًطرزاً وأحاط رأسها تاج من الورود. فيما ارتدى عريسها كوفية وقمبازاً، اللباس التقليدي الفلسطيني، وحضر الشيخ وعقد القران بموافقة العروس، وتبادلا ارتداء خاتمي الزواج.
العريس هاشم صبيح، الذي كان قبل دخوله دار المسنين منذ عام من رجال الأعمال وهو أرمل ولديه ابنان، يشعر بالفرحة الكبيرة وأن العمر بزواجه من سعاد قد "فتّح" كالورد، يقول لـ"العربي الجديد": "لقد تعرّفنا على بعضنا بعضا لمدة ثلاثة أشهر في دار الأجداد، وقد تعاملت معها في العديد من المرات، ما ساعدني على فهم شخصيتها، التي أعجبتني كثيراً، فهي متعلمة ومثقفة؛ إذ كانت تعمل مديرة مدرسة لسنوات، فدخلت قلبي وفتّح العمر معها".
خطوة الزواج التي أقدم عليها هاشم، يرى فيها أنه يُجدد حياته ويضخ فيها الأمل، حتى لو كانت العروس تكبره بسنوات، ويقول: "لا يستطيع المرء العيش وحده؛ إذ يحتاج لمن يؤنس وحدته على الدوام".
لم يحضر أهل العروسين، لكن بحسب "دار الأجداد" فقد تمت مشاورتهم وجاء الرد بالموافقة، وعوضاً عن الأهل، حضر كبار السن الذين صفّقوا وزغردوا، وشخصيات رسمية وممثلو المؤسسات والمنظمات المجتمعية.
Facebook Post |
يبلغ مهر العروس ديناراً أردنياً واحداً، ولم تشترط سعاد النابلسي أي شرط على عريسها، إلا شرطاً واحداً قاله العريس بدعابةٍ وخفة ظل: "اشترطت عليّ شرطاً واحداً فقط، وهو ألا أعرف عليها امرأةً أُخرى"، فيما قضى العروسان ليلتهما الأولى في أحد فنادق مدينة أريحا، وقد انتقى العريس خواتم الزواج على ذوقه، أما العروس سعاد النابلسي وهي أرملة ولم تنجب أطفالاً، كانت تأخذ قسطاً من الراحة في قسم النساء في "دار الأجداد" لم يتمكن "العربي الجديد" من مقابلتها، لكن الزوجين أيضا يخططان للإقامة في مدينة نابلس أياماً والعودة للإقامة في "دار الأجداد" أياماً أُخرى.
Facebook Post |
بحكم احتكاك هاشم وسعاد شبه اليومي، نشأت بينهما علاقة الحب هذه، وقد فاجآ "دار الأجداد" التي يقيمان فيها، حيث يقول أحد العاملين في "دار الأجداد"، محمود عنتري، لـ"العربي الجديد: "لقد توجه هاشم إلى مكتب المدير العام للدار، وأخبره بنيّته الارتباط بسعاد، وتمت استشارة دار الإفتاء ووزارة التنمية الاجتماعية، بحكم أن الدار مؤسسة حكومية، وكان الرد إيجابياً بالقبول، فكلاهما عاقل بالغ ويعرف مصلحته، ولا يوجد ما يُحرّم هذا الزواج، كما أن كليهما يتمتع بصحةٍ عقليةٍ جيدة".
حالة زواج هذين المُسنين، يرى فيها مدير دائرة كبار السن في وزارة التنمية الاجتماعية، غانم عمر، في حديث لـ"العربي الجديد"، خير دليل على أن العمر لا يضع حداً للحب أبداً، ولا للأمل والشراكة وديمومة الحياة.
لأول مرة يحدث أن يتزوج اثنان من كبار السن في دار للمسنين في محافظات الضفة الغربية، كما يؤكد عمر، الذي يشير إلى أن أغلب الحالات التي تتم رعايتها في دور رعاية المسنين سواء الإيوائية أو النهارية، تعاني من ظروف اجتماعية وأُسرية صعبة، ودور وزارة التنمية الاجتماعية أن توفر لهم الخدمات والحماية، "وفي حالة هذين العروسين لا نستطيع منعهما من الزواج، ما دامت هذه رغبتهما، ولا يوجد مانع قانوني أو شرعي لإتمامه".