شح بالمواد الغذائية وتدهور الوضع الصحي بمخيم الركبان للاجئين السوريين

09 ابريل 2020
معاناة السوريين تتفاقم (عمار العلي/ الأناضول)
+ الخط -
يركض محمد، ذو السبعة أعوام، خلف والده عبد الله الشامي المتجه إلى السوق في مخيم الركبان، الموجود في عمق بادية حمص، على الحدود السورية - الأردنية، ليوصيه بأن يجلب له من السوق حبة بندورة، ففي مخيم الركبان تعتبر الخضار شهوة، أما الحديث عن الفاكهة فكأنه عالم من الخيال، بحسب الشامي، الذي أكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ابنه "إلى اليوم لم يتذوق أي نوع من الفواكه".

وصل الشامي إلى السوق يسأل عن الأسعار من محل إلى محل، ولم يجد أمامه الكثير من الخيارات فقد أخبره أصحاب المحال أنه منذ زمن لم يصل إلى السوق ولو كيلوغرام واحد من الخضار، فاشترى نصف كيلو رز ونصف لتر زيت، وعاد أدراجه إلى المنزل، وهو يفكر بما سيقوله لطفله، الذي يطلب منه منذ أيام حبة بندورة.


في سوق مخيم الركبان، الذي لا تدخله المواد الغذائية إلا عبر بعض المهربين القادمين من مناطق النظام السوري، ومقابل دفع رشاوى كبيرة لحواجز القوات النظامية، لا يتوفر اليوم سوى السكر وسعر الكيلوغرام الواحد منه 900 ليرة سورية (ألف ليرة تساوي نحو 1.95 دولار أميركي)، والرز بـ 800 ليرة، وسعر لتر الزيت 2125 ليرة. أما الطحين فوصل أمس الأربعاء بكمية محدودة عبر أحد المهربين ويباع الكيلو بـ 900 ليرة، بحسب ما حكى عمر الحمصي المقيم داخل المخيم لـ"العربي الجديد".


وتابع: "هناك عائلات تعيش على مشتقات الحليب، لأنه توجد أغنام في المنطقة، فسعر كيلوغرام اللبن بـ300 ليرة، والجبن بـ500 ليرة، والحليب بـ225 ليرة، مع ربطة خبز وزنها 800 غرام بـ500 ليرة".


وأضاف: "بعض الأيام قد يجد الشخص القليل من البرغل أو العدس، لكن يعود لينقطع لأيام عديدة، أما أن نرى القليل من الخضار فهذا حلم، أنا لم أرَ حبة خيار أو حبة بندورة منذ نحو خمسة أشهر"، لافتاً إلى أن "بعض الأهالي استطاعوا أن يزرعوا القليل من الفول والخس والبصل الأخضر وبقدونس ونعناع، لكن أسعارها مرتفعة فكيلو الفول بألف ليرة، وكل هذه الأسعار تعتبر مرتفعة جدا".

ويعتمد أهالي مخيم الركبان في تأمين معيشتهم إما على المساعدات التي يرسلها لهم ذووهم من خارج سورية، أو ما يحصل عليه أحد أفراد العائلة كمتطوع مع "جيش مغاوير الثورة".

ولفت عمر الحمصي إلى مسألة لا تقل أهمية عن نقص الغذاء وغلاء الأسعار، هي تدهور الوضع الصحي، قائلاً: "هناك حالات جفاف بين الأطفال بسبب سوء التغذية، وبحسب أحد الممرضين في نقطة شام الطبية تصل حالة أو حالتان إلى النقطة".


وتابع: "كما أن هناك حالات بحاجة إلى دخول مشفى، وخاصة حالات الولادة القيصرية، قسم من هذه الحالات يجبر على مغادرة المخيم باتجاه مناطق النظام، حيث يخضعون للعلاج في دمشق وينقلون إلى منطقة الواحة بالقرب من حاجز المثلث، فلا يسمح لهم بالبقاء في مناطق النظام ولا العودة إلى المخيم، دون أن نعلم ما هي الأسباب".

وأضاف: "هناك اليوم حالة ولادة قيصرية، لم تستطع الذهاب إلى مناطق النظام يوم أمس، وهي اليوم تنازع مع جنينها الموت، وقد ناشدنا الأمم المتحدة والحكومة الأردنية، لإدخال هذه الحالة لكنهما رفضتا بسبب الإجراءات المتخذة في الأردن بمواجهة فيروس كورونا الجديد".

من جانبه، قال عماد غالي، من سكان المخيم: "بالأصل يعاني المخيم منذ ثلاثة أسابيع من حصار مطبق، امتداداً لحصار بدأ منذ فبراير/ شباط 2019، وهذه الفترة انقطع الطحين وتوقف الفرن الوحيد، ووصل سعر كيلو الطحين إلى 1500 ليرة، وإن كانت قد وصلت خلال اليومين الماضيين كميات محدودة من الطحين، لكن لا تزال أسعاره مرتفعة بالنسبة للأهالي".


وأضاف: "منذ ثلاثة أسابيع لم يدخل أي نوع من الخضار، يوجد قليل من المواد حالياً بسبب وصول شحنة مهربة، لكن لا نعلم ماذا سيكون عليه الوضع عندما تنفد".
وبيّن أن "الوضع الطبي كارثي لا يوجد كادر طبي ولا أدوية، وهناك أربع حالات ممن هم بحاجة إلى عمليات قيصرية، حياتهم في خطر إن لم يتم إجراء عمليات لهم بأسرع وقت، وإلى اليوم لم يقبل الأردن استقبالهم".

المساهمون