تلاميذ ببطون خاوية

08 نوفمبر 2016
الجوع يؤثّر سلباً على تحصيلهم العلمي (العربي الجديد)
+ الخط -
تختلف أشكال المعاناة الناجمة عن توقّف تسليم الموظفين اليمنيين العاملين في القطاع الحكومي مرتباتهم الشهرية، من جرّاء الأزمة الاقتصادية التي سببتها الحرب. ولعلّ توجّه تلاميذ كثيرين إلى مدارسهم ببطون خاوية، شكل من أشكال تلك المعاناة. فهؤلاء الصغار لا يتناولون وجبة الفطور لا في المنزل ولا في المدرسة لاحقاً. وهو أمر من شأنه أن يؤثّر سلباً على صحتهم وكذلك على تحصيلهم العلمي.

أفنان عبد الرحمن من هؤلاء التلاميذ. هي لم تعد تحصل على مصروفها اليومي الذي اعتادته مذ دخلت المدرسة. والدها لم يحصل على مرتّبه ومستحقاته المالية من وظيفته، منذ أربعة أشهر. لذا فإنّها تبقى طوال الدوام من دون تناول أيّ طعام. يخبر الوالد أنّه توقّف عن إعطاء ابنته مصروفها اليومي بعد نفاد كل ما كان يملك من مدخرات. ولا يخفي شعوره بالذنب، إذ إنّه فشل في الحصول على قرض يمكّنه من عدم قطع عادته. كلّ محاولاته باءت بالفشل، إذ إنّ أزمة المرتبات نالت من الجميع.

يضيف الوالد أنّه "في الصباح، قبل توجّهها إلى المدرسة، نحاول تقديم أيّ طعام متوفّر للصغيرة. لكنّها غالباً ما ترفض، مفضلة البقاء من دون طعام حتى موعد الغداء. وهذه الوجبة قد تتضمّن بعض الأرزّ الساخن أو الفتة، وهي الوحيدة المتوفّرة لأفراد الأسرة طوال اليوم، كوجبة قائمة بحدّ ذاتها". ويشير الوالد إلى أنّ جسد ابنته بدأ يضعف نتيجة عدم تناولها الوجبات بانتظام. وعلى الرغم من ذلك، يصرّ على استمرار ابنته في الدراسة، إذ إنّ "هذه الأوضاع مجرّد محنة وسوف تنتهي بلا شك".



إلى ذلك، كان لارتفاع أسعار المواد الغذائية وبُعد المسافة عن المدرسة الابتدائية حيث يتعلّم عبد الله وابتسام، دور أساسي في جعل والدتهما تفكّر ملياً في قرار استمرارهما في التعليم أم لا، بعدما انقطع مرتّب والدهما ‏ولم يعد يجد من يستطيع الاستدانة منه. تقول أم عبد الله إنّ "عدم توفّر النقود القادرة على حلّ مشكلتَي التعليم والغذاء، جعلني أحسم قراري بعدم ذهاب ‏الولدَين إلى المدرسة مؤقتاً بسبب صغر سنّهما وعدم قدرتهما على تحمّل الجوع طوال ساعات الدوام مع اضطرارهما إلى المشي لمدّة طويلة". من جهته يشير الوالد إلى أنّ "إفطار المنزل البسيط لا يكفي طفليَّ ولا يبقيهما مهتمَّين ‏بدروسها مع معدة فارغة". وكان الولدان قد وصفا له شعورهما وهما يشاهدان أصدقاءهما يتناولون الفطائر والوجبات خلال الاستراحة، فيقول: "مررت بمثل ذلك الشعور عندما كنت طفلاً. وأعلم تماماً نوع الألم، ولا أحبّ تكرار ذلك مع طفلَيّ".

في هذا السياق، يوضح المشرف التربوي خالد صالح بأنّ "كثيرين هم التلاميذ الذين يجدون صعوبة في الحصول على وجباتهم الصباحية بعد عجز آبائهم عن تأمين مصروفهم اليومي"، مشيراً إلى أنّهم بغالبيتهم يبقون لغاية الظهيرة من دون وجبة غذائية واحدة. ويقول صالح إنّ "فترة الاستراحة في المدرسة باتت بلا جدوى. فالتلاميذ بغالبيتهم لا يتناولون وجبات غذائية كما كانوا يفعلون، بعد ارتفاع أسعارها وعدم توفّر السيولة لديهم. في السابق، كانوا يزدحمون لشراء الوجبات الخفيفة قبل أن ترتفع أسعارها". يضيف أنّ "المدرّسين لاحظوا أنّ كثيرين هم التلاميذ الذين يتعمّدون التأخر في فناء المدرسة بعد انتهاء فترة الاستراحة، حتى يتمكنوا من جمع بقايا الشطائر التي تركها زملاؤهم".

ويشدّد صالح على أنّ عدم توفّر الغذاء للتلاميذ يقلل كثيراً من قدرتهم على استيعاب دروسهم. ويخبر عن "حالات إغماء وقعت بسبب ذلك، بينما يبقى كثيرون شاردي الذهن ولا يركّزون في الدروس. وهذا أمر طبيعي ما داموا لا يجدون ما يأكلون".

من جهة أخرى، أُطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي دعوات تحت عنوان "ساهم بإعداد ساندوتش لطفل بجانب ساندوتش ابنك/ ابنتك"، في محاولة للتخفيف من حدّة الأزمة.