مطمر الناعمة في انتظار تحقّق وعود إقفاله

28 ديسمبر 2014
سدّت النفايات أبواب المؤسسات في إقفال سابق للمطمر(حسين بيضون)
+ الخط -
هي بضعة أسابيع ويُقفَل مطمر الناعمة للنفايات، الواقع جنوبي العاصمة اللبنانيّة بيروت. هي أسابيع ويبدأ العد العكسي لطمر بيروت وعدد من المناطق المجاورة بأرتال وأرتال من النفايات.

أهالي البلدة والجوار ملّوا من تقاذف المسؤوليات، خصوصاً أنهم لم يلمسوا أية جديّة في التعاطي مع هذا الملف الدقيق. فتسمعهم يقولون: "الصوت لا يودّي.. والصرخة في الوادي.. ونحن مهدّدون بصحتنا بالسرطان من جرّاء تداعيات مطمر الناعمة، فالمياه الجوفيّة تلوثّت والهواء ازداد ضرراً.. لم نتلقَّ سوى وعود ومزيد من الوعود حتى غدا مطمر الناعمة أشبه ببركان موت".

ومطمر الناعمة - عين درافيل كان قد أنشئ في عام 1998 في قضاء الشوف، بموجب خطة طارئة ومؤقتة. فالتزمت شركة "سوكلين" (لرفع النفايات ومعالجتها) بعقد الطمر مع مجلس الإنماء والإعمار، على أن يُصار إلى معالجة مشكلة النفايات في لبنان عموماً من ضمن خطة متكاملة. لكن الخطة هذه لم تبصر النور حتى اليوم، كما هي الحال بالنسبة إلى عدد كبير من المخططات في هذا البلد، وذلك بفعل التجاذبات والمناكفات السياسيّة.

والمطمر الذي كان مُعَدّاً منذ فتحه لاستيعاب مليونَي متر مكعب من النفايات ولاستقبال العوادم فقط عملياً، أخذ يستقبل مجمل النفايات التي لم يتمّ فرزها وتسبيخها. وهو يحتوي، في وضعه الحالي، على عشرة ملايين متر مكعب من المخلفات.

يهدّد بالانفجار
يعلّق الخبير البيئي في الجيولوجيا، الدكتور ولسون رزق، قائلاً لـ "العربي الجديد"، إن "وجود المطمر خطأ كبير على الصعيد البيئي، إذ من المتوقّع بفعل تفاعلات الغازات السامة أن ينفجر من وقت لآخر، وهو كذلك يهدّد أهالي البلدة والجوار بالسرطان، من دون أن ننسى الآثار السلبيّة التي يخلفها على المياه الجوفيّة على المدى الطويل".

إلى ذلك وبتاريخ 19 يناير/كانون الثاني 2014، وعدت الحكومة اللبنانيّة بوضع حدّ لسبعة عشر عاماً من معاناة أهالي المنطقة وبعدم التمديد لمطمر الناعمة - عين درافيل بعد تاريخ 17 يناير/كانون الثاني 2015. لكن السؤال يبقى: هل تتجه الحكومة إلى تمديد العمل بالمطمر لغاية عام 2017، بحسب ما يتردّد في بعض أوساط هيئات المجتمع المدني؟

يكفي تلوثاً!
تعرب المسؤولة الإعلاميّة لـ "حملة الأهالي لإقفال مطمر الناعمة - عين درافيل"، راغدة الحلبي، في حديث لـ "العربي الجديد"، عن استيائها مما يحصل. وتقول: "يكفي تلوّثاً!"، مشيرة إلى "فضيحة بيئيّة إذا صحّ القول، لا سيّما في ما يتعلق برمي النفايات السائلة السامة من دون معالجة من مطمر الناعمة في نهر الغدير (الضاحية الجنوبيّة لبيروت). وهو ما يهدّد المياه الجوفيّة بتلوّث خطير".

وتلفت إلى أن "كل هذه الأمور نتابعها باستمرار وبالتنسيق مع النائب أكرم شهيّب (رئيس لجنة البيئة النيابيّة)، على أمل أن تحظى بحلّ قريب بحسب ما وعدنا".

أما رئيس "الحركة البيئيّة اللبنانيّة"، المهندس بول أبي راشد، فيقول: "نحن على مفترق طرقات. لا لتجديد مطمر الناعمة ولا للمحارق". ويضيف: "ما شعرنا به كمجتمع مدني هو أن لدى المسؤولين نيّة لتمديد العمل بمطمر الناعمة، بغية إيجاد حلّ آخر وهو إنشاء محرقة للنفايات. وفي حال نُفّذت، لن تتوفّر إمكانيّة إعادة تدوير النفايات. وبالتالي لن يكون للبلديات دور فاعل ولن يُساهم كل بيت لبناني في التخلص من النفايات عبر الفرز والتسبيخ، أي الطريقة الأنسب بيئياً".

فليُردم بحر بيروت
بدوره، يعلّق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وهو نائب عن قضاء الشوف في البرلمان اللبناني، قائلاً: "لا بدّ من رفع السؤال إلى المسؤولين في وزراة البيئة الذين لا يريدون إيجاد بدائل لمطمر الناعمة. أما بالنسبة إلى بيروت الكبرى، فما لها إلا ردم البحر وإقامة معمل فرز حديث للنفايات. كذلك نتمنى التوصّل إلى جواب واضح من قبل وزير الداخليّة، نهاد المشنوق، حول معالجة كل منطقة لنفاياتها".

ولأن الأنظار تتّجه إلى لجنة البيئة في مجلس النواب، يقول رئيسها النائب شهيّب "بضرورة متابعة معالجة مطمر الناعمة وانبعاثات الغاز منه، بما يضمن منع أي أثر بيئي سلبي". ويشدّد على أنه "ما من تمديد لهذا المطمر حتى لو لم يتوفّر بديل قبل 17 يناير/كانون الثاني المقبل. والمطمر سيقفل في التاريخ المحدد".

لا حلول عجائبيّة
من جهته، يقول وزير البيئة، محمد المشنوق: "ما من حلول عجائبيّة"، مشدّداً على أن "ما من أحد غيري يحمل هذا الملف، وهاجسي الانتهاء منه في أسرع وقت ممكن".

ويوضح المشنوق أن "ما من تجديد للمطمر وكذلك ما من تمديد. وكم كنا نتمنى أن يُعاد فتح معمل العمروسيّة لمعالجة النفايات، أقله للتخفيف من وطأة ثقل النفايات. وفي النهاية، سنتوصّل إلى حلّ جذري. فنحن ندرس حالياً احتمال إقامة محرقة عبر تفكيك النفايات الحراري، في إطار شروط السلامة البيئيّة السليمة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأثر البيئي بغية التخفيف من مشكلة النفايات في لبنان".