نيلوفر رحماني.. أوّل امرأة تقود طائرة في أفغانستان

04 ابريل 2015
حقّقت حلم والدي (رسم: أنس عوض)
+ الخط -

لم تنتظر الأفغانية نيلوفر رحماني (21 عاماً)، طويلاً قبل أن تُحقّق حلمها وحلم والدها. نجحت في أن تكون أول كابتن طائرة في البلاد منذ ثلاثين عاماً. ولأنها كذلك، حظيت بتقدير واحترام كبيرين في مجتمعها، هي التي لم تسمح للتحديات الأمنية والأعراف الاجتماعية أن تحد من طموحاتها. حتى أن الخارجية الأميركية منحتها، في بداية شهر مارس/ آذار الماضي، جائزة "المرأة الدولية للشجاعة"، واصفة إياها بـ"الفتاة الطموحة والشجاعة".

تجاوزت رحماني الكثير من العقبات الأمنية والاجتماعية لتحقيق حلمها بقيادة الطائرة. بدأت دراسة الطيران عام 2009 وحتى عام 2012. بعدها، خضعت لدورات تدريبية عدة تحت إشراف طيارين أجانب قبل أن تبدأ عملها في القوات المسلحة الأفغانية. لم تواجه أي مشكلة في انضمامها إلى هذه القوات. على العكس، فقد قوبلت بالترحيب، وخصوصاً أن سلاح الجو كان في أشد الحاجة إلى الكوادر.

اختيار نيلوفر لهذه المهنة لم يكن سهلاً في مجتمع تحكمه الأعراف والتقاليد، عدا عن الوضع الأمني المتدهور. لكنها لم تكترث لجميع هذه العقبات، ومضت قدماً نحو هدفها. تقول إنها كانت تتجاوز العقبة تلو الأخرى بدءاً من مرحلة دراستها، ثم عملها في القوات المسلحة، لافتة إلى أن "الهدف الذي رسمته لنفسها يستحق كل هذه التضحيات". وتوضح أن "عزيمتها ودعم أسرتها هما سر نجاحها".

تحكي رحماني عن سبب اختيارها هذه المهنة. تقول إن "والدي كان يطمح لأن يكون كابتن طائرة في أحد الأيام. لكن بسبب الغزو السوفييتي لأفغانستان قبل نحو ثلاثين عاماً، لم يتمكن من ذلك وحالت الأوضاع الأمنية السائدة في البلاد دون ذلك. بعدها، أردتُ تحقيق حلم والدي. عام 2009، انضممت إلى الجيش من أجل تعلّم الطيران. وبعد إنهاء مرحلة التعليم عام 2012، خضعت لدورات تدريبية عدة تحت إشراف طيارين في القوات الدولية والأميركية، قدت خلالها طائرات عدة". ولفتت إلى أن حصولها على الجائزة شجعها على مواصلة مسيرتها.

في السادس من شهر مارس/ آذار الماضي، منحت الخارجية الأميركية عشر نساء من مختلف دول العالم جائزة "المرأة الدولية للشجاعة"، بينهن رحماني. اهتم الأفغان كثيراً بهذه الجائزة، وكتب بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي عن النجاح الكبير الذي حققته القوات المسلحة. بدورها، أولت وسائل الإعلام المحلية اهتماماً بمدى تقدم الجيش الذي يواجه تحديات كبيرة، ويحتاج إلى كوادر، وخصوصاً في مجال القوات الجوية.

ورحبت القوات المسلحة الأفغانية بما أحرزته الفتاة من نجاح وتقدم. وقال قائد القوات المسلحة، شير محمد كريمي، إن "رحماني وعدداً من الطيارين الآخرين بذلوا جهوداً حثيثة بعد انضمامهم لسلاح الجو، ونحن نقدّر ذلك ونرحب بهم، وخصوصاً أن سلاح الجو في أمسّ الحاجة إلى إعداد مزيد من الكوادر"، ووعد بأن القوات المسلحة الأفغانية ستعمل جاهدة على إيجاد فرص أكثر للفتيات.

بدوره، قال نائب المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، دولت وزير، إن حصول رحماني على هذه الجائزة يعدّ نجاحاً كبيراً لجميع الأفغانيات اللواتي خضن ميادين العمل المختلفة بعد سقوط حكومة طالبان عام 2001. ولفت إلى تلقيها تهديدات بالقتل مرات عدة من قبل هذه الحركة، حتى أنها أُجبِرَت على تغيير منزلها مرات عدة، إلا أنها لم تتراجع عن قرارها بالعمل في القوات المسلحة.

من جهتها، أثنت عضو مجلس الشورى الإقليمي في العاصمة الأفغانية كابول، خاطرة أفغان، على التقدّم الذي أحرزته رحماني، معتبرة إياها "قدوة لجميع الأفغانيات اللواتي يعشن تحت وطأة الحروب الدامية، والأعراف والتقاليد التي تحول دون تقدمهن"، فيما قالت الناشطة النسوية، محبوبة كريمي، إن الشعب الأفغاني بأسره يفخر بما حققته رحماني، لأنها أثبتت للعالم أن المرأة الأفغانية تتمتع بالكفاءة والقدرة على تحقيق الإنجازات في حال سنحت لها الفرصة. أضافت أن المرأة الأفغانية تحتاج إلى اهتمام المجتمع الدولي والحكومة.

تجدر الإشارة إلى أن الخارجية الأميركية تُكرّم سنوياً (بدءاً من عام 2007)، النساء اللواتي يظهرن شجاعة في الدفاع عن حقوق المرأة، بعدما تختار عشراً من أفضل النساء في هذا المجال حول العالم. وحصلت العديد من النساء الأفغانيات على هذه الجائزة حتى الآن، بينهن نسرين أورياخيل، ونجيبة أيوبي، ومريم دراني.

وفي وقت يرى بعض الأفغان أن رحماني وأمثالها قدوة للأفغانيات، يعتقد آخرون أنه يجب احترام الأعراف والتقاليد التي رسمها المجتمع الأفغاني المحافظ، وأنه يجب ألا يتجاوز دور المرأة هذه الأعراف. ويرون أن تشجيع النساء على القيام بهذه الأعمال يعرضهن لمخاطر أمنية.
المساهمون