النيابة تتهم الشرطة بقتل محام مصري تعذيباً:كأنها القرون الوسطى

15 أكتوبر 2015
المحامي المقتول مع طفليه (فيسبوك)
+ الخط -

تواصل محكمة جنايات القاهرة المصرية، نظر سادس جلسات محاكمة ضابطي شرطة بجهاز الأمن الوطني المصري، لقيامهما بتعذيب المحامي كريم حمدي، حتى الموت داخل قسم شرطة المطرية، لإجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها وهتك عرضه.

واستمعت المحكمة بجلسة اليوم، إلى مرافعة النيابة العامة التي طالبت بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين استنادا إلى ارتكابهما جريمة بشعة بداخل أحد أقسام الشرطة التي تختص بتأمين وحماية المواطنين، وأنهما ارتكبا جريمة شنيعة وهي جريمة زهق روح بدون ذنب.

وأكد ممثل النيابة العامة أن قسم المطرية، أصبح الآن مثل معتقلات التعذيب بالقرون الوسطى لاستجواب المتهمين ونزع اعترافات منهم، وأنهما أغفلا حقوق الإنسان وحقوق الإنسانية، وأن المجتمع المصري لا يغفل دور الجهاز الشرطي لحفظ سلام وأمن المجتمع الداخلي، وأن المسؤول عن الحفظ والأمان أصبح الآن قاتلا، وهو ما يعمل على إهدار والنيل من هيبة الشرطة وزعزعة الثقة بين أفراد المجتمع وأعضاء جهاز الشرطة.

وأضافت النيابة أن أقوال شهود الإثبات، أكدت أن ضباط مباحث القسم أفرغوا للمتهمين الضابطين غرفة بالقسم ليتوليا التحقيق مع المجني عليه، وما أن ظفرا به تعديا عليه بالضرب بمختلف أنحاء جسده وفقا لتقرير الطب الشرعي، وهو الأمر الذي دفع المجني عليه إلى الصراخ قائلا وفقا لشهادة زميله المتهم: "خلاص يا باشا هعترف".

وتابع ممثل النيابة قائلا: "إننا لا نصدق أن وسيلة جمع المعلومات من المتهمين في جهاز الأمن الوطني هي التعذيب بدنياً، وأن وكيل النيابة الذي قرر حبس المجني عليه احتياطيا على ذمة القضية المتهم فيها لم يكن يعلم بأنه أصدر عليه حكما بالإعدام لوقوعه فريسة للمتهمين، وأنه فور الانتهاء من تعذيب المتهم ونقله لمحبسه ظل يتوجع ويشعر بالبرد، وفي صباح ثاني يوم فوجئ مأمور القسم بأن المجني عليه في حالة صحية سيئة واستأذن النيابة العامة لنقل المتهم للمستشفى وفور وصوله للمستشفى لقي مصرعه لتأثره من حفلة التعذيب".

اقرأ أيضاً:مصير غامض لمحاكمة شرطيين مصريين عذّبا محامياً حتى الموت

وأضاف ممثل النيابة، أن وكيل النيابة فور التحقيق مع المجني عليه في القضية التي كان متهما فيها أثبت أنه يتمتع بصحة جيدة ولا يوجد أي إصابات ظاهرية به، وأنه عقب عودته للقسم واصطحابه بمعرفة ضباط المباحث أثبتوا عند إحضاره للمتهمين ضابطي الأمن الوطني للتحقيق معه بأنه بصحة جيدة ولا يوجد به أي إصابات، وأن تقرير الطب الشرعي والصفة التشريحية أكدا صحة أقوال الشهود من أن المجني عليه توفي بسبب واقعة التعذيب التي تعرض لها.

وأشار ممثل النيابة العامة إلى أن المجني عليه كان متهما في قضية انضمام لجماعة إرهابية وحيازة أسلحة نارية ومقاومة رجال الشرطة، ولكن ليس معنى أنه متهم أنه يستحق الموت، وأن المتهمين ليس من حقهما أن يصدرا حكما بإعدام المتهم بدون وجود محاكمة عادلة، وبخاصة أن النيابة حريصة على أن المجني عليه إنسان يستحق الحياة مهما كانت التهمة الموجهة إليه، وأنه خلال التحقيق معه لم يكن معه سلاح وكان مقيد اليدين ليتولى المتهمان مهمة تعذيبه حتى الموت، وأن صدور حكم الإدانة ضد المتهمين سيصبح عنوانا لعصر جديد لا يهان فيه الإنسان المصري.

وفي سياق متصل استمعت المحكمة لنقيب المحامين المصري، سامح عاشور، بصفته دفاع المدعين بالحق المدني "المجني عليه"، والذي طلب في بداية مرافعته بانضمام كافة دفاع المدعين بالحق المدني إلى مرافعة النيابة العامة وطلباتها في توقيع أقصى عقوبة على المتهمين، وبخاصة أن المتهمين ارتكبا جريمة تمثل عارا على الحكومة وهي جريمة التعذيب.

وقفة احتجاجية سابقة بنقابة المحامين لشهيد التعذيب المحامي كريم حمدي (العربي الجديد)


وأضاف أنه لا يجب أن ننسى أن سبب اندلاع ثورة 25 يناير هو انحراف ضباط الشرطة، وأن تلك الجرائم التي يرتكبها بعض ضباط الشرطة تمس أركان وأساس الوطن وهي جرائم ترتكب ضد رئيس الجمهورية والشعب وسيادة القانون، والقانون الذي حاكم رئيسي جمهورية بعد سقوط نظاميهما، وأنه يجب محاكمة القائم على حماية النظام في حالة خروجه عنه لأننا في دولة القانون.

وتحدث سامح عاشور عن المخالفة القانونية التي ارتكبها المتهمان بداية من التحقيق مع المتهم بدون وجود إذن من النيابة العامة واحتجازه بغرفة منفردين به بداخل القسم لتعذيبه، وأن تلك الواقعة تدل على وجود نية لدى المتهمين لارتكاب جريمتهما وليس بحجة جمع التحريات من المتهم وفقا لما ذكره المتهمان في تحقيقات النيابة العامة.

وكان النائب العام المصري المغتال، المستشار هشام بركات، أحال الضابطين إلى المحاكمة بعد أن كشفت تحقيقات النيابة العامة أنه خلال احتجاز المجني عليه في قسم شرطة المطرية، تعرض للتعذيب بيد ضابطي شرطة لحمله على الاعتراف بما ارتكبه من جرائم، وجّهوها إليه، إلا أنه رفض الاعتراف بشيء لم يرتكبه، فقاما بتعذيبه، حتى أحدثا به إصابات جسيمة متعددة أوردها تقرير مصلحة الطب الشرعي، والتي تسببت في وفاته.

وقد وجهت النيابة العامة إلى الضابطين المتهمين تهمة تعذيب المجني عليه حتى الموت، بعد أن توافرت الأدلة الكافية ضدهما.
وكادت القضية يتم "التكتيم" عليها بتواطؤ من النيابة العامة المصرية، من خلال إصدار قرار من النائب العام بحظر النشر، بخاصة في ظل ظهور صور للمجني عليه وبها آثار التعذيب، إلا أن المحامين نظموا وقفات احتجاجية أمام مكتب النائب العام، وخرجت منظمات حقوقية لتدين الواقعة، وكان ذلك بمثابة الضغط الذي أدى إلى استكمال التحقيقات وإدانة الضابطين المتهمين.

الغريب أن غرفة المشورة بمحكمة شمال القاهرة بالعباسية، قررت الأسبوع قبل الماضي، إخلاء سبيل الضابطين بكفالة 10 آلاف جنيه، رغم تقرير الطب الشرعي الذي أدانهما، والأدلة ضدهما.


اقرأ أيضا: مصر.. الطب الشرعي: محامي المطرية تعرض للتعذيب قبل وفاته