في وقت يبقى العنف والجرائم ضد المرأة مشكلة عالمية، تختلف من دولة إلى أخرى، فإن لهذه الجرائم في تركيا سمة مختلفة، منها ما ينضوي تحت جرائم الشرف، ومنها ما يرتبط بتوجه نساء إلى المحاكم لطلب الطلاق. ولا تكاد الصحف التركية تخلو من أخبار عن جرائم ارتُكبت بحق نساء من قبل أزواجهن لأسباب مختلفة، منها عدم تحضير الطعام على سبيل المثال لا الحصر. وترتفع نسب الجرائم ضد المرأة إذا ما قررت طلب الطلاق، أو استعانت بالمحكمة للحصول عليه.
ولا توجد أية إحصائيات رسمية دورية تتعلّق بالجرائم ضد المرأة، لكن يعمل عدد من الناشطين والصحافيين على توثيق الحالات من خلال تعقّب وسائل الإعلام. وشهدت تركيا مقتل 173 امرأة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، بحسب إحصائيات منبر "سنوقف الجرائم ضد المرأة". من جهتها، أحصت جمعيّة "أومود" التركية مقتل 397 امرأة في عموم تركيا في عام 2016، وقد ارتكب معظم هذه الجرائم الزوج أو الزوج السابق أو العشيق بنسبة 85 في المائة. وحول الأسباب، تبيّن أن النسبة الأكبر كانت بسبب تعبير المرأة عن رغبتها في الانفصال، أو لجوئها إلى المحاكم للحصول على الطلاق. واستخدمت بندقية الصيد في 96 جريمة، والمسدسات في تسعين جريمة، وأسلحة ممنوحة إلى موظفي الدولة في ثماني جرائم، وأدوات حادة في 123 جريمة، وذلك بنسبة 80 في المائة من مجمل الجرائم. أما العشرون في المائة من الجرائم المتبقية، فاستخدم فيها الخنق أو الضرب أو الرمي من علو شاهق.
واحتلّت إسطنبول، التي يتجاوز عدد سكانها 15 مليوناً، رأس قائمة المدن التي شهدت جرائم قتل نساء، من خلال 42 جريمة، تلتها مدينة إزمير بـ27 جريمة، ثم أضنة بـ22 جريمة، وأنطاليا بـ19 جريمة.
وبحسب إحصائية أعدتها منظمة الجرائم ضد المرأة، شهدت تركيا، منذ عام 2010 وحتّى نهاية عام 2016، مقتل 1675 امرأة، من بينها 265 جريمة بسبب رغبة المرأة في الانفصال عن عشيقها أو الطلاق من زوجها.
وفي أوائل الشهر الماضي، شهدت مدينة دينيزلي التركية مقتل شينغول سزغي على يد زوجها بعد خروجها من مبنى القصر العدلي، وقد رفعت دعوى طلاق، فأطلق النار عليها وعلى شقيقها وشقيقتها قبل أن ينتحر.
وخلال نقاش حاد بين سونغول يانيل وزوجها مراد، هددته خلاله بترك المنزل وأخذ الأطفال في حال لم يتوقف عن شرب الكحول، رد عليها قائلاً: "أنت زوجتي ولن تذهبي من المنزل أبداً، وإن فعلت سأقتلك".
وفي شهر مارس/آذار الماضي، شهدت مدينة غازي عنتاب جنوب البلاد جريمة قتل، إثر قيام عمر غينج (65 عاماً) بقتل زوجته أمينة عينج (60 عاماً) بعد الطلاق منه، ثم الانتحار. ويرى ناشطون أنّ هذه الجرائم ترتبط بثقافة المجتمع التركي، التي لا تقبل بالمساواة بين المرأة والرجل. وتؤكد الناشطة في حقوق المرأة، ميرال جوخدار، أنّ الأمر أبعد من ذلك، ويتعلّق بثقافة الحب والارتباط الأسطورية في الثقافة التركية، وقصص العشق النابعة من التراث العربي، مثل مجنون ليلى، والتراث الفارسي. تضيف أن المسلسلات والأفلام التركية جعلت الأمور أكثر تعقيداً في مخيّلة المواطنين، خصوصاً في ما يتعلق بالحب، الذي يتحول لدى شرائح اجتماعية كبيرة إلى قصة أسطورية لا علاقة لها بالواقع.
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تقول ممثّلة منبر "سنوقف الجرائم ضد المرأة"، إشل كورت، إن للأمور أبعادا أخرى تتعلق بالقوانين السارية في البلاد، والتهاون في تشديد العقوبات بحق مرتكبي الجرائم ضد المرأة، خصوصاً من قبل القضاة الذين يمنحهم القانون صلاحيات واسعة في هذا الإطار.
وتقول كورت: رغم أنّ تركيا تعد من أوائل الدول التي وقّعت على اتفاقية إسطنبول، والتي تهدف إلى منع العنف ضد المرأة، في عام 2011، والتي دخلت حيّز التنفيذ في عام 2014، إلا أن ذلك لم ينعكس على تنفيذ القوانين بشكل صارم. وما زالت الأحكام القضائية في هذه القضايا غير رادعة، إذ تمنح القوانين صلاحيات واسعة لتخفيض الأحكام القضائية بحق المجرمين من قبل القضاة، بحجج عدة، من بينها حسن سلوك الجاني، ووقوعه تحت تأثير الاستفزاز والعواطف الشديدة وغيرها.
تضيف كورت: على سبيل المثال، نتابع قضية مقتل المغنية خديجة كاجماز في أنقرة. وكان الجاني قد طلب يدها للزواج. وبعدما رفضت قتلها بخمس عشرة طعنة، وقد توجه إلى منزلها حاملاً سكيناً. واعتبر القاضي أن الرجل ارتكب جريمته تحت تأثير العشق والعواطف الشديدة من دون أن يكون واعياً، فأصدر حكماً مخففاً، علماً أن الحكم كان يجب أن يكون السجن المؤبد والمشدد. وتتحدث عن جريمة أخرى ارتكبها الزوج السابق للضحية عائشة باشلك. وبحسب التحقيقات، فقد بحث الأخير عبر الإنترنت عن حكم قاتل الزوجة، وعرف أنه بإمكانه الحصول على حكم مخفف، ما دفعه إلى ارتكاب الجريمة.
هذا المثال يعني أنه يجب على تركيا التشدّد في تطبيق القوانين، لتكون رادعة وتحدّ من نسب ارتكاب الجرائم ضد النساء، خصوصاً أنها مرتفعة.
اقــرأ أيضاً
ولا توجد أية إحصائيات رسمية دورية تتعلّق بالجرائم ضد المرأة، لكن يعمل عدد من الناشطين والصحافيين على توثيق الحالات من خلال تعقّب وسائل الإعلام. وشهدت تركيا مقتل 173 امرأة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، بحسب إحصائيات منبر "سنوقف الجرائم ضد المرأة". من جهتها، أحصت جمعيّة "أومود" التركية مقتل 397 امرأة في عموم تركيا في عام 2016، وقد ارتكب معظم هذه الجرائم الزوج أو الزوج السابق أو العشيق بنسبة 85 في المائة. وحول الأسباب، تبيّن أن النسبة الأكبر كانت بسبب تعبير المرأة عن رغبتها في الانفصال، أو لجوئها إلى المحاكم للحصول على الطلاق. واستخدمت بندقية الصيد في 96 جريمة، والمسدسات في تسعين جريمة، وأسلحة ممنوحة إلى موظفي الدولة في ثماني جرائم، وأدوات حادة في 123 جريمة، وذلك بنسبة 80 في المائة من مجمل الجرائم. أما العشرون في المائة من الجرائم المتبقية، فاستخدم فيها الخنق أو الضرب أو الرمي من علو شاهق.
واحتلّت إسطنبول، التي يتجاوز عدد سكانها 15 مليوناً، رأس قائمة المدن التي شهدت جرائم قتل نساء، من خلال 42 جريمة، تلتها مدينة إزمير بـ27 جريمة، ثم أضنة بـ22 جريمة، وأنطاليا بـ19 جريمة.
وبحسب إحصائية أعدتها منظمة الجرائم ضد المرأة، شهدت تركيا، منذ عام 2010 وحتّى نهاية عام 2016، مقتل 1675 امرأة، من بينها 265 جريمة بسبب رغبة المرأة في الانفصال عن عشيقها أو الطلاق من زوجها.
وفي أوائل الشهر الماضي، شهدت مدينة دينيزلي التركية مقتل شينغول سزغي على يد زوجها بعد خروجها من مبنى القصر العدلي، وقد رفعت دعوى طلاق، فأطلق النار عليها وعلى شقيقها وشقيقتها قبل أن ينتحر.
وخلال نقاش حاد بين سونغول يانيل وزوجها مراد، هددته خلاله بترك المنزل وأخذ الأطفال في حال لم يتوقف عن شرب الكحول، رد عليها قائلاً: "أنت زوجتي ولن تذهبي من المنزل أبداً، وإن فعلت سأقتلك".
وفي شهر مارس/آذار الماضي، شهدت مدينة غازي عنتاب جنوب البلاد جريمة قتل، إثر قيام عمر غينج (65 عاماً) بقتل زوجته أمينة عينج (60 عاماً) بعد الطلاق منه، ثم الانتحار. ويرى ناشطون أنّ هذه الجرائم ترتبط بثقافة المجتمع التركي، التي لا تقبل بالمساواة بين المرأة والرجل. وتؤكد الناشطة في حقوق المرأة، ميرال جوخدار، أنّ الأمر أبعد من ذلك، ويتعلّق بثقافة الحب والارتباط الأسطورية في الثقافة التركية، وقصص العشق النابعة من التراث العربي، مثل مجنون ليلى، والتراث الفارسي. تضيف أن المسلسلات والأفلام التركية جعلت الأمور أكثر تعقيداً في مخيّلة المواطنين، خصوصاً في ما يتعلق بالحب، الذي يتحول لدى شرائح اجتماعية كبيرة إلى قصة أسطورية لا علاقة لها بالواقع.
وتقول كورت: رغم أنّ تركيا تعد من أوائل الدول التي وقّعت على اتفاقية إسطنبول، والتي تهدف إلى منع العنف ضد المرأة، في عام 2011، والتي دخلت حيّز التنفيذ في عام 2014، إلا أن ذلك لم ينعكس على تنفيذ القوانين بشكل صارم. وما زالت الأحكام القضائية في هذه القضايا غير رادعة، إذ تمنح القوانين صلاحيات واسعة لتخفيض الأحكام القضائية بحق المجرمين من قبل القضاة، بحجج عدة، من بينها حسن سلوك الجاني، ووقوعه تحت تأثير الاستفزاز والعواطف الشديدة وغيرها.
تضيف كورت: على سبيل المثال، نتابع قضية مقتل المغنية خديجة كاجماز في أنقرة. وكان الجاني قد طلب يدها للزواج. وبعدما رفضت قتلها بخمس عشرة طعنة، وقد توجه إلى منزلها حاملاً سكيناً. واعتبر القاضي أن الرجل ارتكب جريمته تحت تأثير العشق والعواطف الشديدة من دون أن يكون واعياً، فأصدر حكماً مخففاً، علماً أن الحكم كان يجب أن يكون السجن المؤبد والمشدد. وتتحدث عن جريمة أخرى ارتكبها الزوج السابق للضحية عائشة باشلك. وبحسب التحقيقات، فقد بحث الأخير عبر الإنترنت عن حكم قاتل الزوجة، وعرف أنه بإمكانه الحصول على حكم مخفف، ما دفعه إلى ارتكاب الجريمة.
هذا المثال يعني أنه يجب على تركيا التشدّد في تطبيق القوانين، لتكون رادعة وتحدّ من نسب ارتكاب الجرائم ضد النساء، خصوصاً أنها مرتفعة.