قبل سبعين سنة، عندما وقعت النكبة الفلسطينية، ترك الفلسطينيون منازلهم، مخلفين وراءهم أملاكهم وأرزاقهم ومعها تراثهم الحضاري الكبير. مع ذلك، تمكن بعضهم من إنقاذ بعض العناصر المادية للتراث، من قبيل الأواني، كغلاية القهوة، والطنجرة والمقلاة والبابور وغيرها.
هي قطع باتت أثرية اليوم وهم في مخيمات لبنان، إذ يعتبرها الفلسطينيون، إلى جانب أحلامهم في العودة، من أثمن ما حملوا من بلادهم. ضاع كثير من هذه القطع، لكنّ بعض الأشخاص يسعون إلى جمع هذه القطع الفلسطينية النادرة، فيشتريها، ويحاول أن يعيدها إلى الحياة من خلال المعارض.
محمد موسى أحد هؤلاء. الأربعيني، لاجئ فلسطيني، في مخيم عين الحلوة، في صيدا، جنوب لبنان. ولد هناك وعاش طوال حياته. جاء أهله في النكبة من بلدة النهر، بفلسطين، قضاء عكا.
موسى مهتم بجمع المقتنيات الفلسطينية، ويعمل اليوم على إنشاء محترَف للتراث الفلسطيني في المخيم، في مركز جمعية "ناشط" الاجتماعية، وعن الأسباب التي دفعت محمد للقيام بإنشاء هذا المحترَف، يقول: "مجال عملي في الأساس هو الفن الفلسطيني، وعندي فرقة للدبكة والفولكلور الفلسطيني، لكن بالنسبة للمحترَف، فالفكرة تراودني منذ زمن طويل، إذ يفسح المجال لحماية ما تبقى من تراثنا، وفي الوقت نفسه نحافظ على هذا التراث، ونحثّ أولادنا على الحفاظ عليه، كما كنا نحن من بعد أجدادنا". يتابع: "الفكرة من إنشاء هذا المحترَف هي جمع الفنانين الفلسطينيين، من رسامين، ومطربين، وشعراء، وأدباء، وغيرهم في مكان واحد. كذلك، فإنّ لي هدفاً آخر، هو تأكيد أنّ هذا المخيم الصغير تلفه سياجات، وبوابات يقف عندها عناصر من الجيش اللبناني، يحدّون من حركة الناس، ويضيقون عليهم، مع ذلك فإنّه مكان آمن للعيش، ولو لم يكن غير ذلك لما كنا عشنا فيه طوال سنوات اللجوء، لكنّ ما يُرسم للمخيم هو أبعد من ذلك بكثير. من جهتنا، نريد أن نرسخ تلك الحياة الثقافية التي يفتقد لها المخيم، وسنعمل على تنظيم يوم ثقافي أسبوعياً".
يشير موسى إلى أنّ الدافع أيضاً لهذا العمل، هو المشاكل الأمنية التي تحدث بين الحين والآخر في المخيم، وهذا الأمر جعلنا نفكر بطريقة تساعدنا على تشغيل الناس في أمور تبعدهم ربما عن الآفات التي قد يتعرضون لها. يتابع أنّ بالإضافة إلى الأنشطة الأسبوعية التي سيقيمها فنانون فلسطينيون، ستكون هناك دورات تدريب على الرسم، والموسيقى، وإلقاء الشعر، والحفر على الخشب. يعلق: "في هذه الدورات سنستهدف فئة الأطفال من سن الثامنة حتى سنّ المراهقة، علماً أنّ هذه التدريبات ستكون على أيدي متخصصين مهرة في كلّ مجال من المجالات الفنية المطروحة".
اقــرأ أيضاً
حول مبررات استهداف هذه الفئة العمرية من دون غيرها، يقول موسى لـ"العربي الجديد": "لأن هذه الفئة يجب أن تحفظ التراث، وتتمسك به، وتعلمه إلى أولادها لاحقاً، كما أنّ هذه الفئة معرضة للانحراف في بيئة تعج بالمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما تأتي حرصاً منا على تجنيب هؤلاء الأطفال الآفات الاجتماعية، إذ تشكل الدورات الفنية فرصة لحمايتهم".
يضيف: "مخيم عين الحلوة في الواجهة دائماً، لكنّ الأسهم الإعلامية تطاوله بشكل مباشر، علماً أنّ المخيم الذي يدّعون أنّه بؤرة للإرهاب، هو على النقيض من ذلك، فلا وسيلة إعلامية تبحث فيه عن فنانين مبدعين، ولا عن مثقفين، وكتّاب، ورسامين، والقائمة تطول إن أردنا الغوص في الأسماء، لكنّ الهدف من ذلك هو تسليط الضوء على مخيم عين الحلوة بشكل مباشر، في سياسة لتنفير السكان من المخيمات، ومنها إلى خارج لبنان. أي تفريغ المخيم من أهله، ويتابع: "لكننا من خلال هذا المحترَف، ومن خلال المثقفين الموجودين في المخيم، سنقول للجميع إنّ هذا المخيم لن يُفرغ من أهله، وسنبقى نتنفس هواء المخيم إلى أن نعود إلى فلسطين".
أما عن الديكور، فيقول: "اخترت أن تكون غرفة الفنانين على طراز أجدادنا، بسيطة، فيها كلّ ما كان موجوداً في البيوت الفلسطينية، من الطابونة، إلى بابور الكاز، والقنديل، وغيرها".
اقــرأ أيضاً
يضيف: "أنا متأكد من أنّ هذا المشروع سينجح، إذ إنّ الأولاد تستهويهم الأشياء المثيرة، وهنا نؤكد تعريفهم بالتراث الفلسطيني. هدفنا إدخال الناس إلى المخيم، لحضور ندوة ثقافية، أو مهرجان شعري، أو رسم، بدلاً من الخروج إليهم دائماً لزيارة معارض وحضور ندوات، يجب أن يدخل الناس إلى المخيم، حتى يتعرفوا إليه، ويعرفوا كم يحمل من ذخيرة ثقافية".
هي قطع باتت أثرية اليوم وهم في مخيمات لبنان، إذ يعتبرها الفلسطينيون، إلى جانب أحلامهم في العودة، من أثمن ما حملوا من بلادهم. ضاع كثير من هذه القطع، لكنّ بعض الأشخاص يسعون إلى جمع هذه القطع الفلسطينية النادرة، فيشتريها، ويحاول أن يعيدها إلى الحياة من خلال المعارض.
محمد موسى أحد هؤلاء. الأربعيني، لاجئ فلسطيني، في مخيم عين الحلوة، في صيدا، جنوب لبنان. ولد هناك وعاش طوال حياته. جاء أهله في النكبة من بلدة النهر، بفلسطين، قضاء عكا.
موسى مهتم بجمع المقتنيات الفلسطينية، ويعمل اليوم على إنشاء محترَف للتراث الفلسطيني في المخيم، في مركز جمعية "ناشط" الاجتماعية، وعن الأسباب التي دفعت محمد للقيام بإنشاء هذا المحترَف، يقول: "مجال عملي في الأساس هو الفن الفلسطيني، وعندي فرقة للدبكة والفولكلور الفلسطيني، لكن بالنسبة للمحترَف، فالفكرة تراودني منذ زمن طويل، إذ يفسح المجال لحماية ما تبقى من تراثنا، وفي الوقت نفسه نحافظ على هذا التراث، ونحثّ أولادنا على الحفاظ عليه، كما كنا نحن من بعد أجدادنا". يتابع: "الفكرة من إنشاء هذا المحترَف هي جمع الفنانين الفلسطينيين، من رسامين، ومطربين، وشعراء، وأدباء، وغيرهم في مكان واحد. كذلك، فإنّ لي هدفاً آخر، هو تأكيد أنّ هذا المخيم الصغير تلفه سياجات، وبوابات يقف عندها عناصر من الجيش اللبناني، يحدّون من حركة الناس، ويضيقون عليهم، مع ذلك فإنّه مكان آمن للعيش، ولو لم يكن غير ذلك لما كنا عشنا فيه طوال سنوات اللجوء، لكنّ ما يُرسم للمخيم هو أبعد من ذلك بكثير. من جهتنا، نريد أن نرسخ تلك الحياة الثقافية التي يفتقد لها المخيم، وسنعمل على تنظيم يوم ثقافي أسبوعياً".
يشير موسى إلى أنّ الدافع أيضاً لهذا العمل، هو المشاكل الأمنية التي تحدث بين الحين والآخر في المخيم، وهذا الأمر جعلنا نفكر بطريقة تساعدنا على تشغيل الناس في أمور تبعدهم ربما عن الآفات التي قد يتعرضون لها. يتابع أنّ بالإضافة إلى الأنشطة الأسبوعية التي سيقيمها فنانون فلسطينيون، ستكون هناك دورات تدريب على الرسم، والموسيقى، وإلقاء الشعر، والحفر على الخشب. يعلق: "في هذه الدورات سنستهدف فئة الأطفال من سن الثامنة حتى سنّ المراهقة، علماً أنّ هذه التدريبات ستكون على أيدي متخصصين مهرة في كلّ مجال من المجالات الفنية المطروحة".
حول مبررات استهداف هذه الفئة العمرية من دون غيرها، يقول موسى لـ"العربي الجديد": "لأن هذه الفئة يجب أن تحفظ التراث، وتتمسك به، وتعلمه إلى أولادها لاحقاً، كما أنّ هذه الفئة معرضة للانحراف في بيئة تعج بالمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما تأتي حرصاً منا على تجنيب هؤلاء الأطفال الآفات الاجتماعية، إذ تشكل الدورات الفنية فرصة لحمايتهم".
يضيف: "مخيم عين الحلوة في الواجهة دائماً، لكنّ الأسهم الإعلامية تطاوله بشكل مباشر، علماً أنّ المخيم الذي يدّعون أنّه بؤرة للإرهاب، هو على النقيض من ذلك، فلا وسيلة إعلامية تبحث فيه عن فنانين مبدعين، ولا عن مثقفين، وكتّاب، ورسامين، والقائمة تطول إن أردنا الغوص في الأسماء، لكنّ الهدف من ذلك هو تسليط الضوء على مخيم عين الحلوة بشكل مباشر، في سياسة لتنفير السكان من المخيمات، ومنها إلى خارج لبنان. أي تفريغ المخيم من أهله، ويتابع: "لكننا من خلال هذا المحترَف، ومن خلال المثقفين الموجودين في المخيم، سنقول للجميع إنّ هذا المخيم لن يُفرغ من أهله، وسنبقى نتنفس هواء المخيم إلى أن نعود إلى فلسطين".
أما عن الديكور، فيقول: "اخترت أن تكون غرفة الفنانين على طراز أجدادنا، بسيطة، فيها كلّ ما كان موجوداً في البيوت الفلسطينية، من الطابونة، إلى بابور الكاز، والقنديل، وغيرها".
يضيف: "أنا متأكد من أنّ هذا المشروع سينجح، إذ إنّ الأولاد تستهويهم الأشياء المثيرة، وهنا نؤكد تعريفهم بالتراث الفلسطيني. هدفنا إدخال الناس إلى المخيم، لحضور ندوة ثقافية، أو مهرجان شعري، أو رسم، بدلاً من الخروج إليهم دائماً لزيارة معارض وحضور ندوات، يجب أن يدخل الناس إلى المخيم، حتى يتعرفوا إليه، ويعرفوا كم يحمل من ذخيرة ثقافية".