طالب لبناني في ووهان الصينيّة: "هذه المدينة لا تستسلم للموت"

04 فبراير 2020
الوضع صعب هنا لكنّ الحياة مستمرة (أدهم السيد)
+ الخط -
في مدينة ووهان الواقعة في إقليم هوبي، وسط الصين، يواصل الطالب اللبناني أدهم السيّد حياته، كما هي حال كثيرين. هو باقٍ في المدينة رغم تفشّي فيروس كورونا الجديد، فيما يحرص على اتّباع الإرشادات الوقائية اللازمة لبقائه سالماً معافى، في حين أنّ زميلاً له غادر المدينة التي تُعَدّ مركز انطلاق السلالة الجديدة من الفيروس، ويخضع اليوم للمراقبة في الأردن. أمّا زميل آخر له، فيفكّر بمغادرة البلاد، بالتالي قد يبقى السيّد الطالب اللبناني الوحيد في ووهان إلى جانب مواطنين لبنانيّين آخرين مستقرّين هناك.

يشعر السيّد بامتعاض إزاء الأخبار غير الدقيقة التي تُنقَل عن ووهان، الأمر الذي يدفعه إلى تسجيل بعض من يومياته في المدينة، عند خروجه إلى الشارع، بالتصوير الحيّ لعلّه يكشف الواقع. والشاب الثلاثيني الذي يتابع دراسة الدكتوراه في الاقتصاد الكمّي، مستقرّ في ووهان منذ خمسة أعوام. وفي اتصال مع "العربي الجديد"، يؤكّد: "لستُ خائفاً، لأنّ الأساس هو في اتّخاذ الاحتياطات اللازمة، من قبيل عدم الخروج من دون قناع طبي واق أو الاكتفاء بالخروج عند الضرورة تفادياً للاختلاط مع آخرين قد يكونوا مصابين، وغيرهما من الأساليب الوقائية". يضيف: "يبدو أنّنا كلبنانيين، شعب قُدّر له أن يكون دائماً في الأماكن الخطرة. وبلدتي برجا في قضاء الشوف الواقع إلى الجنوب الشرقي من بيروت، ليست أفضل حالاً من هنا، فأنا خسرت عدداً من الأقرباء والأصدقاء نتيجة إصابتهم بمرض السرطان الناجم عن التلوّث الكبير المحيط بنا".

وعن وضعه في ووهان، يقول السيّد: "حالي كما حال الآخرين هنا، لا سيّما غير المصابين بالفيروس، فيما كلّ احتياجاتنا الأساسيّة متوفّرة، من طعام وشراب ودواء". ويشرح أنّ "الجامعة تؤمّن لكلّ طالب لا يرغب في الخروج، ثلاث وجبات ساخنة يومياً. كذلك، كنت من جهتي قد خزّنت بعض المواد الغذائية كما العادة قبل عطلة الربيع ورأس السنة الصينية من كلّ عام، إذ إنّ المدينة تغلق بمعظمها في هذه الفترة، ما عدا المراكز التجارية الكبرى".


ويتابع السيّد أنّ "تفشّي الفيروس أدّى إلى إغلاق صالات السينما والأسواق التجارية وأماكن التجمّعات بطبيعة الحال، فيما أبقت الصيدليات أبوابها مفتوحة وكذلك محال بيع المواد الغذائية والخضار"، مشيراً إلى أنّ "ووهان مدينة حيوية رئيسيّة في الصين، وهي نقطة وصل بين أكثر من مدينة ومقاطعة، نظراً إلى موقعها الجغرافي الاستراتيجي".

ولا يخفي السيّد أنّ "الوضع صعب وغير طبيعي، وهذا ما تؤكده المشاهدات في الأيام الأخيرة. فهذه ليست ووهان وناسها لم يعتادوا التوقّف عن العمل. ما يحصل هو بالفعل حالة طوارئ صحية". لكنّه يستدرك أنّ "ووهان في الوقت نفسه ليست مدينة أشباح، ومن المستحيل أن تتوقّف الحياة فيها. فهي مدينة مقاتلة لا تستسلم للموت والانهزام"، لافتاً إلى أنّه "على الرغم من التزام أهل المدينة وسكانها بتعليمات ملازمة المنازل، غير أنّني رصدت مشاهدات متنوّعة نابضة بالحياة. وعلى سبيل المثال، رأيت رجلاً وزوجته يلعبان بالمضرب أمام منزلهما وهما يضعان قناعَين طبيَّين واقيَين. وفي الجهة المقابلة لمسكني، يخرج ولدان إلى شرفة منزلهما يومياً، فيلعبان ويستمتعان بأشعّة الشمس".

ويخبر السيّد كيف "يواصل عمّال النظافة عملهم في الطرقات ويجمعون النفايات يومياً، فيما يضعون الأقنعة الطبية الواقية. عملهم لم يتأثّر بفيروس كورونا الجديد، ولن يجد أحد حتى ورقة شجر على الأرض". ويتحدّث عن "صديقين صينيّين يعلّمان اللغة الإنجليزيّة للأطفال، باشرا منذ أيامٍ اعتماد نظامٍ تعليميّ إلكترونيّ، يمكّنهما من مواصلة مسيرتهما التعليمية والتواصل مع التلامذة الصغار وهم في منازلهم".
دلالات