ليلى والذئب

13 يناير 2016
... كجزء من مغامرة الحياة (بيكترست)
+ الخط -

كان يا ما كان في قديم الزمان، فتاة صغيرة تعيش في القرية. كانت جميلة جداً. وكانت أمّها تحبّها كثيراً، وكانت جدّتها تحبّها أكثر. خاطت لها أمّها رداءً أحمر، وصار أهل القرية ينادونها "ذات الرداء الأحمر". وفي يوم من الأيّام...

"ليلى والذئب"، الحكاية الخرافيّة الأشهر حول العالم، من دون منازع. قلّة لم تستمع إليها في الصغر، ولم تقرأها، ولم تحكها لصغير أو صغيرة. تُضاف إليها "سندريلا" و"الجميلة النائمة" و"عقلة الأصبع" و"القط ذو الحذاء"، حكايات خرافيّة أخرى دوّنها الأديب الفرنسيّ نفسه شارل بيرّو من دون أن يعلم أنّها سوف تلفّ المعمورة وتنتشر بين أهلها باختلاف لغاتهم وتفاصيلهم.

قبل 388 عاماً، في مثل يوم أمس، الثاني عشر من يناير 1628، أبصر شارل بيرّو النور. وبعد سنوات، وضع أساس ذلك النوع الحديث - آنذاك - في الكتابة الأدبيّة، وسمّاه "الحكاية الخرافيّة"، قبل أن يلحق به آخرون. أبرز هؤلاء هم الألمانيّان الأخَوان غريم والدنماركيّ هانس كريستيان أندرسن. هم استعادوا حكايات من تلك التي جمعها بيرّو من التاريخ الشفهيّ الفرنسيّ وكتبها، قبل أن يدوّنوا أخرى مثل "بياض الثلج والأقزام السبعة" و"هانسل وغريتل" و"الأميرة والضفدع" و"بائعة الكبريت" وغيرها الكثير. حكايات هؤلاء أيضاً تلفّ المعمورة منذ قرون، وترافق الصغار أينما وُجدوا، إلى جانب أخرى محليّة.

وبعد ثلاثة قرون، أتى برونو بتلهايم ليشرح أهميّة الحكايات الخرافيّة في تربية الصغار، لا سيّما من خلال مؤلّفه "التحليل النفسيّ للحكايات الخرافيّة". بالنسبة إليه، وهو أحد أبرز المتخصّصين في الطبّ النفسيّ والعصبيّ للأطفال، فإنّ وظيفة هذه الحكايات هي تحرير ذهنيّة الطفل وتكوينها. والصغير عن طريق التماهي مع شخصيّاتها، يبدأ بنفسه في اختبار مشاعر العدالة والولاء والحبّ والشجاعة. وذلك ليس كدروس ملقّنة، وإنما كجزء من مغامرة الحياة.

قصص الأطفال تحفّز الخيال من دون شكّ، وقد تتضمّن عبرة، أو تُسلّي، أو تثقّف. أما الحكايات الخرافيّة فلها خصوصيّتها، إذ تتناول الصراعات الداخليّة بطريقة تمكّن الطفل من فهمها في لاوعيه. هي تنقل له رسالة، مفادها أنّ مواجهة مصاعب الحياة أمر لا مفرّ منه. وإذا فعلنا، فإننا سوف نخرج منتصرين.

في الحكايات الخرافيّة، الشرّ موجود دائماً كما هي الحال في الحياة. وعندما يُعاقَب الشرّ في نهاية الحكاية، فهذا يعني أنّه لا يحلّ شيئاً، بالتالي فإنّ مصيره هو الإخفاق دائماً.

اليوم، قد يكون صغارنا في حاجة ملحّة إلى حكاية خرافيّة، بدلاً من كلّ المحاولات التي نأتي بها لتوريطهم في واقع مقزّز، غرقنا نحن فيه.. واقع ينتزع منّا إنسانيّتنا يوماً بعد آخر.

اقرأ أيضاً: أبو كيس
المساهمون