انتقاد فرنسي واسع لاقتراح تحويل كنائس فارغة إلى مساجد

10 يوليو 2015
مسجد باريس الكبير (GETTY)
+ الخط -
لم يكن الشيخ دليل بوبكر، الرئيس السابق للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وعميد مسجد باريس الكبير، يعرف أن اقتراحه تحويل بعض الكنائس المغلقة إلى مساجد بسبب النقص الشديد في أماكن العبادة الإسلامية في فرنسا، سيتسبب في جدال كبير تناقلته وسائل الإعلام الفرنسي ووصل إلى تدشين حملة توقيعات ضد الاقتراح.


وتلقفت الأمر مجلة فالور أكتويال الأسبوعية، اليمينية (التي يعرف عنها تشددها إزاء المسلمين والإسلام) لدرجة اتهام وزيرة التربية الوطنية، نجاة فالو بلقاسم، بأسلمة فرنسا، ووصفها بأنها آية الله على غلاف المجلة.

ونشرت فالور أكتويال مقالاً بعنوان: "أوقّع نداء دونيس تيليناك من أجل إنقاذ كنائسنا"، ولمن لا يعرف تيليناك، فهو روائي فرنسي يميني ومحافظ كبير، كان في السابق مقرّباً من الرئيس الأسبق جاك شيراك قبل أن يقترب أكثر من ساركوزي.

وكتبت المجلة الفرنسية اليمينية مُصدِّرَة النداء: "لأنّ كنائسنا، حتى المهجورة منها، ليست مُعدَّة أن تصبح مساجد. فإن دونيس تيليناك وفالور أكتويال يطلقان نداء من أجل الحفاظ على حراس الروح الفرنسية".

ويقول البيان: "إن بعض التصريحات الحديثة الداعية إلى تحويل كنائس إلى مساجد أثارت لدى الفرنسيين انفعالاً بالتشجيع، في هذه الفترة، على أسوأ أنواع الخلط، حيث يُدمي الإرهاب الإسلامي الكرةَ الأرضية ويرتكب جرائم حتى في قلب باريس. إن هذه التصريحات تُهين، بشكل سافر، الكاثوليكيين إضافة إلى العديد من الأئمة المتعلقين بتفرّد إيمانهم وممارستهم الثقافية".

وأضاف البيان: "الكنيسة ليست مسجداً، والادعاء بأن الطقوس هي ذاتها، ينطوي على إنكار فضائحي للحقيقة. إن فرنسا ليست فضاء عَرَضيّاً، ولم تولد من آخر مطر إعلامي. إن خمسة عشر قرناً من التاريخ والجغرافيا حدّدت شخصيتها. وإن هذا الإرث يوجد على كاهلنا، مهما اختلفت أصولنا وأيضاً العائلة السياسية التي ننتمي إليها. إن الكنائس والكاتدرائيات، المنغرسة في أعماق مشهدنا العميق، تمنح معنى وشكلاً لشعورنا الوطنيّ. إننا نلح على أن تحترم سلطاتُنا المدنية هذه الأمكنة. إن التشويش يُعبّر عن جهل بحساسيتنا ويُشكّل تهديداً للوفاق المدني إذا لم يتمَّ رفضُه من أعلى هرم السلطة".

اقرأ أيضاً:رئيس وزراء فرنسا يلوح بإغلاق مساجد المتشددين

وبمجرد صدور البيان، اندفعت شخصيات يمينية سياسة وفكرية إلى التوقيع عليه، من بينها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وباسكال بروكنير وفينلك لكروت وإيريك زمور وفيليب ديفيليي وأيضاً الوزيرة السابقة "الحركيّة" من أصل عربي جانيت بوغراب، وإليزابيث ليفي، رئيس مجلة كوزور الصهيونية وآخرون.

وبينما امتاز رئيس مسجد باريس دليل بوبكر، طيلة إدارته للمسجد، بعلاقات هادئة مع وسائل الإعلام ومع ممثلي الديانات الأخرى، بما فيها الديانة اليهودية، وكان يحرص على حضور أعيادها ولقاءاتها، إلا أنه لم يجد بعد هذا الجدل الواسع سوى أن يعلن أن تصريحه الذي أثار الجدل كان جواباً له في "نقاش ارتجالي ومن دون أي نية وقصد"، مؤكداً أنه كان بإمكانه أن يوافق على مضمون هذا البيان.

وتصاعد الجدل بينما انتهت ولاية بوبكر كرئيس للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، التي يعود الفضل لساركوزي في تأسيسها.

وكعلامة تهدئة من الشيخ أكّد أنه "من أنصار حفاظ كل ثقافة على خصوصيتها"، قبل أن يضيف: "لن يكون ثمة أيُّ تفاهم جيد بين الثقافات إلا بحوار جيد. معاً، وكل في تقاليده"، كاشفاً أن عملية تحويل كنيسة إلى مسجد عملية مكلفة مادياً، وأنه من الأفضل تشييد مسجد على تحويل كنيسة.

يبقى أن نشير إلى أن علاقات بوبكر مع المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا عرفت، في الآونة الأخيرة، بعض البرودة خاصة بعد تصريح لرئيسها عن مسؤولية الشباب الإسلامي في إثارة كل مشاكل فرنسا، وهو ما دفع الشيخ دليل بوبكر لرفض حضور العيد السنوي للتمثيلية اليهودية، قبل أن يتدخل الرئيس فرانسوا هولاند، شخصياً، لمصالحة الطرفين في قصر الإيليزيه.

دلالات