في مطلع شهر مارس/آذار الماضي، كانت ديالا استيتيه في مناوبتها الليلية بمستشفى "نيويورك بريسبيتيريان" في مانهاتن، عندما وصل مريض في الثلاثينيات من عمره يعاني من صعوبة شديدة في التنفس وسعال جاف. لم يكن المريض يعاني من أية حالات مرضية مزمنة، لكنه عاد أخيرا من رحلة إلى أوروبا.
سرعان ما أدركت استيتيه وزملاؤها أنه أول مصاب بفيروس كورونا يصل مستشفاهم، وسارعوا إلى علاجه، رغم عدم وجود بروتوكول علاجي آنذاك للمرض.
الطبيبة ديالا استيتيه واحدة من ثلاثة من خريجي كلية "وايل كورنيل للطب" في قطر، والذين حكوا تجاربهم في علاج مرضى فيروس كورونا في المستشفيات الأميركية، التي استقبلت عددا كبيرا من الإصابات، وفق بيان أصدرته مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع التي تنضوي الجامعة تحت مظلتها.
وقالت استيتيه: "كان الجميع حذرين للغاية، كان ثلاثة أطباء ينقلون المريض وهم يرتدون ملابس واقية لتحميهم من خطر العدوى، تشمل قفازات طبية مزدوجة، وكمامات طبية من نوع N95، بالإضافة إلى كمامات إضافية من فوقها لحماية العينين".
بعد فترة وجيزة من استقبال أول حالة في المستشفى، وجدت استيتيه نفسها في وسط جائحة عالمية، وسرعان ما تحولت نيويورك إلى إحدى بؤر تفشي وباء كورونا. "على مدار أسبوعين، انتقلنا من مرحلة استقبال إصابة يوميا إلى استقبال عدة إصابات، والمستشفى يستقبل حاليا أكثر من 50 إصابة يوميا".
على بعد أميال قليلة، يعمل خريج ثان من "وايل كورنيل للطب" في قطر، وهو علي خيرت، الطبيب المقيم في مركز لينكولن التابع لمستشفيات البلدية في نيويورك، وحكى عن التطور السريع في مجريات الأزمة نتيجة التفشي السريع للوباء في المدينة، إذ تحولت غرف المرضى ذوي الحالات غير الحرجة إلى أجنحة لاستقبال مرضى كورونا، وتم تفعيل غرف العزل، وشهد المركز تدفقًا هائلاً من المرضى الذين يعانون من مشكلات في الجهاز التنفسي.
رغم اتباع إجراءات السلامة، تعرّض خيرت للإصابة بالفيروس، في منتصف مارس/آذار الماضي، وقال: "بدأت أشعر بأعراض طفيفة، فطُلب مني ملازمة المنزل. استغرقت نتائج اختبار العينة خمسة أيام لتظهر، وبعد مرور تلك الفترة، كنت بدأت أشعر بالتحسن. أتعافى حاليا داخل الحجر الذاتي المنزلي، ولكني أتطلع بفارغ الصبر للعودة إلى العمل".
Twitter Post
|
سياب بانهوار، طبيب ثالث من خريجي وايل كورنيل، وهو اختصاصي في أمراض القلب بمركز تولين الطبي بولاية لويزيانا، والتي تأثرت بشدة من انتشار الوباء، ويقول: "نحاول الحد من عدد المرات التي نحتاج خلالها إلى التعامل مباشرة مع المريض، وعندما أذهب لتفقد المريض يجب التأكد من إحضار كل ما أحتاجه لأخذ عينة، وتسجيل كافة المعلومات المتعلقة بتاريخه المرضي، وإجراء الفحوصات الطبية، وغيرها من الإجراءات".
ومنذ تفشي فيروس كورونا، عمل الأطباء الثلاثة لساعات إضافية، وتخلّوا عن عطلاتهم الأسبوعية من أجل تلبية متطلبات الرعاية الصحية أثناء الأزمة. تقول استيتيه عن المستشفى الذي تعمل به "في أي يوم، قد لا يتمكن نحو 10 أطباء من مزاولة عملهم، إما بسبب ظهور نتائج إيجابية لعينات اختبارهم تؤكد إصابتهم، أو بسبب ظهور أعراض طفيفة عليهم، أو بسبب تعرّضهم بشكل مباشر لمرضى مصابين بالفيروس".
هناك تحد آخر يواجهه العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين يتعاملون مع مرضى كورونا كفيروس جديد. يقول بانهوار: "لا يوجد بروتوكول ثابت يمكن اتباعه حتى الآن، وكل ما نعرفه يتغير بصورة يومية. بل يتغير على مدار الساعة، ونستقبل كما هائلا من المعلومات الجديدة باستمرار، وهو أمر لم يكن أحد مستعدا له".
وقال خيرت، "كل ما نملكه حاليا من معلومات مبني على اجتهادات ويعتبر غير مؤكد، وهناك كثير من المناطق الرمادية التي لم تحسم، وهذا أمر غير جيد في الطب". ويضيف بانهوار: "يمكن للمجتمع المساعدة من خلال التزام العزلة المنزلية لتخفيض عدد الإصابات، فالعلاج الأمثل هو عدم التعرض للإصابة".