العنف مستمرّ بحق المرأة اليمنية

14 مايو 2019
تساهم في دخل أسرتها (عيسى أحمد/ فرانس برس)
+ الخط -

إضافة إلى الحرب والأزمة الاقتصادية، تعاني المرأة اليمنية من العنف من قبل الأزواج والآباء بفعل العادات والتقاليد، والتي تجبرها على الصمت

نساء كثيرات في اليمن يتعرّضن للاعتداء والعنف، وقلة فقط يفصحن عن تلك الحوادث. العادات والتقاليد اليمنية تكبل المرأة وتجعلها غير قادرة على الحديث عن هذه الممارسات.

سميرة الريمي (16 عاماً) من صنعاء تعرضت للاعتداء مراراً من قبل زوجها الذي يكبرها بنحو 20 عاماً. مع ذلك، امتنعت لأشهر عن البوح بالأمر حتى لأفراد أسرتها. تقول لـ "العربي الجديد": "أجبرني والدي على الزواج من رجل بمثل سنّه تقريباً في مقابل مال استدانه منه. كان يضربني بشكل مستمر لأسباب لا تستدعي حتى التوبيخ، وكان البكاء المتنفس الوحيد لي حينها". وتشير إلى أنها اضطرت لإخبار والدها بهذه الاعتداءات "بعد صبر طويل".




وتوضح سميرة أنها غادرت منزل زوجها إلى منزل العائلة، "ورفض والدي أن أعود إليه بعدما رأى حالتي النفسية السيئة، نتيجة ما لاقيته من قهر وذل على يديه". وتقول إن والدها طالب زوجها بأن يطلقها، "لكنه رفض وسافر إلى المملكة العربية السعودية للعمل. وتوعد بأخذها بالقوة عن طريق المحكمة فور عودته".

وضع إلهام (23 عاماً) لا يختلف عن غيرها من النساء اللواتي يتعرضن للتعنيف من الأزواج. تقول إن زوجها لم يكن عنيفاً من قبل، "وقد تغير مؤخراً ليصبح أكثر عدوانية، وأصبح يعنفها ويضربها كثيراً لأتفه الأسباب". وتوضح لـ "العربي الجديد": "صبرت كثيراً عسى أن يعود إلى رشده لكن من دون فائدة"، مشيرة إلى أن آخر مرة "ضربني بقسوة بواسطة سلك كهربائي حتى تورمت يداي ونزفت من أنفي". تشير إلى أنها غادرت منزل زوجها إلى منزل أهلها، وانتهى الأمر بأن رفعت دعوى قضائية ضده وخلعته بعدما رفض تطليقها.

تؤكد إلهام أن الكثير من الرجال يعتقدون بأن الاعتداء على المرأة حق وقد أتاح لهم الدين ذلك، "وهذا مفهوم خاطئ ويحتاج إلى مراجعة حقيقية من العلماء والعمل على مواجهته". ولا تقتصر ممارسة العنف على الأزواج فقط، فللآباء والأخوة نصيب في ذلك، وتتعرض كثيرات للاعتداء من الآباء والأخوة. من بين هذه النساء إيمان (19 عاماً)، التي تؤكد أنها تتعرض للعنف من قبل والدها.

تتفهم إيمان دوافع والدها إذ أن الحرب والأوضاع الاقتصادية غيرت سلوكه، وقد أصبح أكثر حدة وانفعالاً. تقول لـ"العربي الجديد": "كان والدي يغضب منا ويضربنا. نحن أولاده ويحق له ذلك. لكنني وأخواتي كبرنا، ولا يحق له أن يضربنا أو يحبسنا خصوصاً إذا كانت الأسباب تافهة. لن نتعلم شيئاً من الضرب المستمر". وتلفت إلى أنه حرمها من التعليم الجامعي و"صرت أعاني من حالة نفسية سيّئة".

معاناة المرأة كبيرة (محمد حمود/ Getty) 












إلى ذلك، تؤكّد أميرة (27 عاماً) أنها تعاني كغيرها من اليمنيات بسبب "ذكورية المجتمع اليمني"، إذ لا يحق للمرأة أن تعمل أو تبدي رأيها خارج ما يحدّده الأهل. تضيف لـ "العربي الجديد" أن المجتمع اليمني يفرض قيوداً كبيرة على المرأة، "بحجة أن تلك الإجراءات تحميها. لكن الحقيقة أنه يريدها أن تبقى تحت رحمة الرجل". تؤكد أميرة أن الحرب المتواصلة منذ أكثر من أربع سنوات في البلاد دفعت بعض النساء إلى العمل في مهن عدة، من أجل توفير متطلبات الحياة الأساسية، ما جعلهن أكثر عرضة للانتهاكات والعنف. وتدعو أميرة السلطات المعنية في البلاد إلى توعية المجتمع بحقوق المرأة، بما يتوافق مع الدين الإسلامي.

وتتعرّض النساء في اليمن لأشكال مختلفة من العنف من جراء التمييز بين الجنسين بسبب العادات والتقاليد المنتشرة في غالبية المناطق اليمنية. هذا ما تؤكده الباحثة في قضايا النوع الاجتماعي والتعايش المجتمعي منى الحداء استناداً إلى الوقائع اليومية. تضيف لـ "العربي الجديد" أن حجم العنف بحق المرأة اليمنية كبير، لكن النساء لا يستطعن الإبلاغ عن ذلك بفعل العادات والتقاليد، "ما يزيد من العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي".

وتؤكّد الحداء أن الحرب زادت العنف ضد النساء بشكل لافت، لا سيما بين النازحات، اللواتي يعشن في مخيمات النزوح، إذ يتعرضن للعنف الجسدي والنفسي والتحرش والمضايقات المستمرة. تشير إلى أن نسبة جرائم العنف ضد النساء والفتيات منذ بدء الحرب قبل أكثر من أربع سنوات "ارتفعت لتصل إلى نحو 70 في المائة"، لافتة إلى أن بعض منظمات المجتمع المدني "أعدت مسودة مشروع قانون بشأن مناهضة العنف ضد النساء والفتيات، وتمت مراجعتها مع المتخصصين في هذا المجال، لكن للأسف توقف العمل نتيجة الحرب التي تشهدها البلاد".




ولا يقتصر التعنيف ضد المرأة على الأزواج والأهل في اليمن. وكشفت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر في يناير/كانون الثاني الماضي، أنها تلقت عدداً من البلاغات عن اختطاف وإخفاء ما يقارب 120 امرأة في العاصمة صنعاء، لتكتشف لاحقاً أن جماعة أنصار الله (الحوثيين) تحتجزهن في فيلا في شارع تعز في صنعاء، وتعذبهن وتمارس العديد من الانتهاكات بحقهن، وقد أفرجت عن نحو 40 منهن في مقابل فدية مالية.
المساهمون