الرجال أيضاً يصابون بسرطان الثدي

18 أكتوبر 2015
هل يعلم أنه معرّض للإصابة بسرطان الثدي؟ (Getty)
+ الخط -
عندما يسمع أحدنا عن رجل أصيب بسرطان الثدي، يُفاجأ. هذا المرض، لطالما ارتبط بالنساء. لكنه يستهدف الذكور أيضاً، وإن نادراً. في بريطانيا، تسجّل نسبته واحداً من أصل مائة ألف رجل

"كنت في العشرينيات من عمري حين شعرت بوجود كتلة على مستوى صدري". جوش واحد من الأشخاص الذين عانوا مرارة التجربة وكذلك الدهشة حين علموا أنّ الرجل أيضاً قد يصاب بسرطان الثدي وأنّ الأمر لا يقتصر على النساء حصراً.

يخبر جوش أن الأطباء، وقبل إجراء الفحوصات اللازمة، توقّعوا أن تكون كتلة أنسجة. لكن النتائج جاءت مخالفة لتوقعاتهم، وأبلغوه بإصابته بسرطان الثدي عبر الهاتف. لم يكن المرض الخبيث قد انتشر في جسمه، فخضع لعملية جراحية لاستئصال الكتلة فقط. وما زال يذكر صدمة عائلته من إصابة رجل بسرطان الثدي في العشرينيات من عمره.

على الرغم من ندرة إصابة الذكور بسرطان الثدي، إلا أنّه أمر واقع. لذا لا بدّ من أن يلجأ الرجل إلى الطبيب عند شعوره بالألم أو الإرهاق. تجدر الإشارة إلى أن ما من تحاليل تبيّن إمكانية إصابتهم بسرطان الثدي.

في بريطانيا، يُعدّ سرطان الثدي أكثر الأمراض السرطانية انتشاراً. لكن التشخيص غالباً ما يأتي متأخراً، إذ إن ثماني نساء من أصل عشر مصابات يكتشفن سرطان الثدي لديهن بعد تجاوزهن الخمسين من العمر، وفق بيانات مركز خدمات الصحة الوطنية في البلاد. أما بالنسبة إلى الرجال، فتشير الأرقام إلى أنّ رجلاً واحداً من أصل 100 ألف يصاب بالمرض سنوياً في بريطانيا، فتسجل ما بين 350 و400 حالة في السنة في مقابل نحو 50 ألف حالة للنساء.

يتشكّل سرطان الثدي لدى الذكور في الأنسجة الموجودة تحت الحلمة. وأكثر الأعراض شيوعاً هي الإحساس بكتلة صلبة غير مؤلمة وأحياناً مؤلمة في أحد الثديين، أو مشاكل في الحلمة كإفرازات أو تغيّر في شكلها. وقلّما يصاب الشباب بسرطان الثدي الذي يظهر لدى الرجال فوق الستين من العمر، أو الذين تحمل عائلاتهم تاريخاً لأمراض الثدي لجهة الذكور أو الإناث، أو هؤلاء الذين يعانون من السمنة. تجدر الإشارة إلى أنّ تشخيص سرطان الثدي لدى الذكور غالباً ما يأتي بعد مضي فترة طويلة على إصابتهم بالمرض، نتيجة قلّة الوعي حوله.

عديدون هم الرجال الذين لم يترددوا في سرد معاناتهم ومشاركتها مع "اتحاد سرطان الثدي للذكور"، وغيره من المنظمات ومراكز البحوث المتخصّصة بأمراض السرطان. أما الهدف، فنشر مزيد من الوعي حول احتمالية إصابة الذكور بمرض يعتقد كثيرون أنّه لا يفتك إلا بالإناث.

وتبقى قصّة بريت ميلر، الذي أصيب بالمرض وهو بعد مراهق لم يتجاوز السابعة عشرة من العمر، لافتة. تخبر والدته بيغي "العربي الجديد" أنّ "في عام 2003، كان طالباً ثانوياً وعضواً في فريق كرة القدم وكانت الأمور تسير على ما يرام. لكنّه لاحظ شيئاً غير طبيعي، كتلة تحت الحلمة على جهة اليمين. توجّه ميلر آنذاك إلى طبيبَين في المدرسة، لكنهما لم يعيرا المسألة أية أهمية وربطا ذلك بمرحلة النمو، لافتين إلى أن هذه الكتلة قد تزول مع الوقت".

تضيف الوالدة أن "الكتلة بقيت على حالها على مدى سبع سنوات، وسأل العديد من الأطباء عنها. حين تخرّج من الجامعة، حصل على وظيفة في المدرسة ذاتها التي ارتادها في مراهقته. طلبتُ منه إجراء فحوصات شاملة والاستفسار حول الكتلة في صدره". وتتابع: "لم يبد الطبيب قلقاً بشأنها، لكنّه طلب منه إجراء صورة بالموجات الصوتية، بعدما طمأنه بأنّه لا داعي إلى القلق. بعد تلك الصورة، طلب منه إجراء مزيد من الفحوصات ومنها صورة الثدي الإشعاعية. وفي عام 2010، استؤصلت تلك الكتلة من ثديه من دون الإشارة إلى أنّ ابني مصاب بسرطان الثدي".

تكمل الوالدة سردها قائلة إنّهم ظنوا آنذاك أنّ "المشكلة انتهت مع إزالة الكتلة، خصوصاً أنّ الأطباء لم يبدوا أي قلق. لكن الصدمة أتت في اليوم التالي مباشرة، حين رنّ هاتفه الجوال وسمع صوت الطبيب يبلغه بأنّه مصاب بسرطان الثدي. بسرعة أنهى المكالمة وأعلمه بأنّه سوف يتصل به بعد بضعة أيام". ذُهل ميلر بالخبر الذي وقع عليه كالصاعقة، فاتّصل بوالده وأبلغه بالأمر طالباً منه عدم إخبار والدته كي لا تقلق، لكنها علمت.

في العام ذاته، خضع ميلر لعملية استئصال للثدي بالكامل، لضمان القضاء على المرض وعدم الانتكاسة. تؤكد الوالدة أنّ "التجربة كانت مريعة، وقد أزيلت الحلمة وأربع غدد لمفاوية حولها بالإضافة إلى أنسجة الثدي. كان في المرحلة الأولى من المرض، وكان له خيار الخضوع للعلاج الكيميائي. ومن دون تردّد، وافق على بدء العلاج".

تشير الوالدة إلى أنّها أم لثلاثة أبناء وابنة، "ولم أتوقّع بتاتاً أن يكون ابني الذي لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره آنذاك، مصاباً بسرطان الثدي". وكان الفتى قد عانى من إفرازات من الحلمة لمدّة عام ونصف العام تقريباً، من دون أن يطلع أحداً غير والده على الأمر.

في عام 2010، أسّس ميلر بمساعدة أهله مركزاً لمساعدة الرجال المصابين بسرطان الثدي، تحت اسم "اتحاد سرطان الثدي للذكور". وهو يسعى من خلاله إلى رفع مستوى الوعي بين تلاميذ المدارس الثانوية والطلاب الجامعيين، والإضاءة على قصص رجال عانوا من المرض. كذلك يهدف إلى إبعاد شبح الوحدة والإحراج عن المصاب بالمرض من جهة، والتأكيد على أنّ سرطان الثدي لا يقتصر على النساء فقط ولا على مرحلة عمرية محدّدة. الذكور أيضاً يعانون منه.

إقرأ أيضاً: شهر زهريّ للتوعية حول سرطان الثدي
المساهمون